برعاية السيد رئيس مجلس أمناء بيت الحكمة الأستاذ الدكتور قحطان نعمة الخفاجي أقام قسم الدراسات الإسلامية بالتعاون مع قسم إدارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي في بيت الحكمة المحاضرة العلمية الموسومة بــ(ادارة ازمة الفساد وحلها في معاني التعبير القرآني ) بتاريخ 16/6/2025 على قاعة الدكتور محمود علي الداود في بيت الحكمة .


إدارة المحاضرة:
-    مقرر الجلسة : أ.م.د. مياس ضياء باقر / مشرف قسم الدراسات الإسلامية / بيت الحكمة.
-    المحاضر :  د. ماهر عبد السادة العامري / استشاري نظم إدارة الجودة وعضو الاتحاد الدولي لمهندسي الطاقة .


أهداف المحاضرة

1-    التداخل مع المفهوم الفقهي لآيات القرآن الكريم.
2-    توجيه شبهة الفساد الى جهة معينة أو فئة معينة.
3-    الدفاع عن أو الترويج لأي جهة معينة أو فئة معينة.

وقائع المحاضرة:

   استهل المحاضر في بداية الجلسة بالتطرق الى مفهومي الأزمة والفساد، فمفهوم الأَزْمَة هو الذي يُطلق على حالة اضطراب مفاجئ تمسّ توازن نظام ما، سواء أكان نظامًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا أو نفسيًا، وتتطلب استجابة عاجلة للحلول دون تفاقم النتائج ، وتعدّ الأزَمات ظواهر ملازمة للمجتمعات البشرية، وهي تختلف في طبيعتها ومدتها وحدّتها ، أما الفساد فيعرف من الناحية اللغوية بأنه البطلان والاضطراب والخروج عن الاعتدال، أي نقيض الصلاح ، والفساد اصطلاحا هو سلوك غير أخلاقي أو غير قانوني يهدف إلى تحقيق مصالح شخصية أو مادية على حساب المصلحة العامة أو العدالة. يمكن أن يظهر الفساد في العديد من الأشكال، بما في ذلك الرشوة، والغش، والاحتيال، والظلم، والاستبداد .

ثم تناول المحاضر انواع الفساد في القرآن الكريم والذي يمكن أن يظهر في أشكال ومجالات عدة، ولعل أبرزها : 
1.    الفساد العقدي: قال تعالى :(( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ" (سورة النحل، آية 88).
2.    الفساد الأخلاقي*: يشمل الفساد الأخلاقي العديد من السلوكيات الخاطئة مثل الكذب، والغش، والخيانة، والظلم. قال الله تعالى: "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (الشعراء: 183).
3.    الفساد المالي*: يشمل الفساد المالي العديد من السلوكيات الخاطئة مثل الرشوة، والغش في المعاملات المالية، والاحتيال. قال الله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" (البقرة: 188).
4.    الفساد السياسي*: يشمل الفساد السياسي العديد من السلوكيات الخاطئة مثل الظلم، والاستبداد، والتحيز. قال الله تعالى: "وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" (البقرة: 42).
5.    الفساد الاجتماعي*: يشمل الفساد الاجتماعي العديد من السلوكيات الخاطئة مثل التمييز بين الناس، والظلم الاجتماعي، والعنف. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات: 13).
6.    الفساد الإداري وهو الانحراف في إدارة اي مؤسسة حكومية أو أهلية، وسواء الانحراف من المسؤول أو الموظف .
ومن ثم استعرض المحاضر جملة من الأسباب التي تؤدي للفساد المذكورة في القرآن الكريم نذكر منها : 
1.    الذنوب والمعاصي :
قال االله تعالى :{ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أَيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ))41 / الروم .
2.     وسوسة الشيطان وتزيينه : 
قال الله تعالى مخبراً عن الشيطان الرجيم {: قال رب بما أَغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أَجمعين ْ (٣٩) إلا عبادك منهم المخلصين ُ)٤٠ / الحجر .
3.    اتباع الهوى :
اتباع الهوى سبباً للضلال عن الطريق المستقيم، وسلوك سبيل المفسدين، قال الله تعالى:(( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب))َ ٢٦ ص ، ّ وبين الله- جل وعلا- أن اتباع الهوى سبب للردى والهلاك، إذ قال تعالى: ((إن الساعة آتية أَكاد أُخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى َ(١٥) فلا يصدنك عنها من لاْيؤمن بها واتبع هواه فتردى)) .

4.    الغفلة ونسيان مراقبة الله للعبد : 
 إذا غفل الإنسان نسي مراقبة االله تعالى له ورجوعه إليه، واذا لم يستحضر ذلك مارس الفساد بأنواعه وصوره، ولذلك كثيراً ما يذكر القرآن الكريم بدوام استحضار مراقبة الله تعالى للعبد، قال االله تعالى:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ُوالمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) ١٠٥)/ التوبة، وقال تعالى {: ولتسأَلن عما كنتم تعملون} النحل:/93 .
5.    الكبر : 
قال تعالى :(( واستكبروا في انفسهم وعتوا عتوا كبيرا))، الكبر هو أول ذنب عصي الله به، فتكبر إبليس على أمر الله بالسجود لآدم فأبى وكان من الكافرين، قال الله تعالى: { ِ واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أَبى واستكبر وكان من الكافرين )٣٤ / البقرة.
6.    الحسد َ:
فقال تعالى: {ود َ كثير من أَهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أَنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } البقرة /109 .
ومن ثم قدّم الباحث مجموعة من  المبادئ والقيم التي يمكن تطبيقها لمكافحة الفساد بحسب ما ورد في القرآن الكريم ولعل أبرزها : 
1.    العدل : هو مبدأ قرآني مهم لمكافحة الفساد. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ" (النحل: 90).
2.    الأمانة : هي مبدأ قرآني مهم لمكافحة الفساد. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" (النساء: 58).
3.    الشفافية : هي مبدأ قرآني مهم لمكافحة الفساد. قال الله تعالى: "وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ" (البقرة: 283).
4.    المساءلة :هي مبدأ قرآني مهم لمكافحة الفساد. قال الله تعالى: "وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ" (الحشر: 18).
ومن ثم نوه المحاضر الى أهمية مكافحة الفساد في القرآن الكريم نذكر منها :
1.    الحفاظ على العدالة : مكافحة الفساد يمكن أن تساهم في الحفاظ على العدالة في المجتمع.
2.    تعزيز الثقة : مكافحة الفساد يمكن أن تساهم في تعزيز الثقة بين الأفراد والمؤسسات.
3.    تحسين الأداء : مكافحة الفساد يمكن أن تساهم في تحسين الأداء في مختلف المجالات.
4.    الحفاظ على القيم الأخلاقية : مكافحة الفساد يمكن أن تساهم في الحفاظ على القيم الأخلاقية في المجتمع.
وأخيراًِ أشار المحاضر الى طرق مكافحة الفساد في القرآن الا وهي : 
1.     تعزيز الرقابة : يمكن أن يساهم في مكافحة الفساد. قال الله تعالى: "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ" (الحجر: 16-17).
2.    تطبيق العقوبات : على المفسدين يمكن أن يساهم في مكافحة الفساد. قال الله تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (المائدة: 38).
3.    تعزيز القيم الأخلاقية : يمكن أن يساهم في مكافحة الفساد. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ" (النحل: 90).
4.    تشجيع الشفافية : يمكن أن يساهم في مكافحة الفساد. قال الله تعالى: "وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ" (البقرة: 283).
التوصيات 
1.    اعتماد القيم القرآنية أساسًا لمكافحة الفساد في السياسات الإدارية والتشريعية، مثل العدل، الأمانة، والمساءلة.
2.    تعزيز ثقافة الإصلاح المجتمعي من خلال تفعيل مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كأدوات رقابية مجتمعية.
3.    إدخال مفاهيم إدارة الأزمات من منظور قرآني في مناهج الجامعات والكليات الإدارية والدينية.
4.    إعداد برامج توعوية وتثقيفية مستندة إلى النصوص القرآنية لتوعية الموظفين والمواطنين بخطورة الفساد وسبل الوقاية منه.
5.    إنشاء وحدات رقابية داخل المؤسسات مستلهمة من النموذج القرآني في الرقابة الإدارية، مثل نموذج يوسف عليه السلام في إدارة خزائن الأرض.
6.    تفعيل دور بيت الحكمة كمركز بحثي وطني لتقديم دراسات دورية حول الفساد الإداري والمالي وحلوله في ضوء القرآن الكريم.
7.    إعداد دليل إرشادي إداري مستنبط من مبادئ التعبير القرآني، يوجه القيادات والمؤسسات في اتخاذ قرارات نزيهة وفعّالة.
8.    تنظيم ورش مستقبلية تخصصية حول: “الشفافية في الإدارة من منظور قرآني”، و”العدالة الإدارية في ضوء السنن الإلهية”
9.    العمل على تعزيز التحول الرقمي وتوفير الخدمات الإلكترونية في مؤسسات الدولة بهدف تقليص الاحتكاك المباشر بين الموظف والمواطن، لما له من أثر مباشر في الحد من فرص الفساد الإداري والمالي، انسجامًا مع المبادئ القرآنية التي تدعو إلى الشفافية والعدالة في التعاملات، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰٓ أَهلِهَا﴾ [النساء: 58].


أ.م.د. مياس ضياء باقر 
مقرر الجلسة
 

الرجوع الى الصفحة السابقة    طباعة الخبر    ارسل الخبر لصديق