تفاصيل الخبر
تداعيات انهاء اتفاقية نقل النفط عبر ميناء جيهان على العراق
2025-08-24
تداعيات انهاء اتفاقية نقل النفط عبر ميناء جيهان على العراق
في أطار الأنشطة العلمية والثقافية التي يعقدها مركز المعلومات واتخاذ القرار بالتعاون مع قسمي الدراسات الاقتصادية والقانونية ومركز النهرين للدراسات الاستراتيجية نظم نشاط بعنوان (تداعيات انهاء اتفاقية نقل النفط عبر ميناء جيهان ) يوم الاحد 24/8/2025 في بيت الحكمة على قاعة الخوارزمي .
ترأس الجلسة : المهندس عامر الجواهري - عضو الهيئة الإدارية لجمعية المهندسين العراقية
وقررالجلسة : المشاور السياسي نبيل جواد محسن - الدراسات السياسية / بيت الحكــــــــمة
تضمنت الندوة محاورعديدة لدراسة تداعيات اتفاقية نقل النفط عبر ميناء جيهان التركي
كان أولها المحور السياسي الذي قدمه الدكتور محسن حساني العبودي الأستاذ في جامعة النهرين ببحثه المعنون (ما بعد كركوك , جيهان .. تحولات إستراتيجية في مسار الطاقة بين العراق وتركيا ).
تطرق الباحث الى موضوع الطاقة بوصفها احد أهم المرتكزات التي تحدد مسار العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين اذ لم تعد سلعة اقتصادية بل أصبحت ورقة أستراتيجية تؤثر في موازين القوى والاستقرار الإقليمي والدولي , وفي هذا السياق يحتل خط انابيب كركوك – جيهان مكانة محورية بوصفه احد أهم شرايين تصدير النفط العراقي نحو الأسواق العالمية عبرالاراضي التركية .
لقد شهد هذا الخط منذ نشأته سلسلة التحولات الاستراتيجية التي لم تقتصر على الصعيد الاقتصادي فحسب , بل اشتملت أيضاً على اطر سياسية وأمنية وجيوسياسية أنعكست بشكل مباشر على طبيعة العلاقات بين بغداد وانقرة.
إذ ان دراسة هذا الموضوع تكتسب أهميتها من كونها تتناول تحولا ًإستراتيجياً في العلاقات بين العراق وتركيا القائمة على تقاطع المصالح والتحديات .
اما المحور الثاني هو المحور الاقتصادي قدمه الأستاذ الدكتور حيدر أدهم الطائي الأستاذ في جامعة النهرين, وعنوان بحثه (قراءات في اتفاقية خط أنابيب النفط الخام العراقية التركية الموقعة عام 1973)
موضحاً فيه إبرام أتفاقية خط انابيب النفط الخام العراقية التركية في 27 اب عام 1973, ودخلت حيز التنفيذ عام 1975, بعد مصادقة الجانبين العراقي والتركي عليها , لتشكل بذلك الاطار القانوني المنظم لعملية أنشاء وتشغيل خط انابيب النفط من الحقول العراقية الى ميناء جيهان التركي, وتستهدف الاتفاقية تسهيل عملية تصدير النفط العراقي, وبصورة خاصة من الحقول الشمالية, عن طريق البحر الابيض المتوسط , لتمنح بذلك الجانب العراقي مرونة مضافة عن طريق خلق منفذ آخر لتصدير النفط غير المنفذ الرئيس بموانئ البصرة في الخليج العربي , وبموجب التعديل الاخير تم اضافة آليات متعلقة بتسوية المنازعات في حالة نشوبها وفقاً لما جاء في المادة (10) منه , يتم الفصل فيها وفقاً للقانون الفرنسي عن طريق تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس ونصها: "يعدل النص الكامل للمادة 21 من الاتفاقية المؤرخة في 27 اب 1973 .
وقد أصدرت غرفة التجارة الدولية في باريس في شهر آذار 2023 حكماً يلزم الجانب التركي بدفع ما يقارب مبلغ 4,1 – 1,5 مليار دولار امريكي للعراق , بسبب قبول تركيا تصدير النفط من أقليم كردستان العراق من دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد, وذلك في المدة (2014 – 2018) ليعقب ذلك صدور الحكم المذكور أنفاً اتخاذ تركيا اجراءً فورياً يقضي بتعليق ضخ النفط من خلال خط انابيب كركوك – جيهان.
كما توجد نصوص في التعديل الاخير تتعلق بتصريف الماء الموجود في النفط الخام المنقول في ميناء جيهان وخدمات المعالجة لهذه المياه , ونقلها تجري وفقاً لتعرفة نقل تسدد على اساس سنوي .
وأوضح الباحث في 20 تموز 2025 صدر مرسوم رئاسي تركي يقضي بإنهاء العمل بالترتيبات القانونية المصاحبة لاتفاق العام 1973 وتعديلاته ابتداءً من 27 تموز 2026,
إذ ان ابرام اتفاقية جديدة مع الجانب التركي يمكن ان تكون الخيار الأفضل , مستهدفين تحقيق توازن اكبر في مصلحة الطرفين , إضافة الى انجاز وثيقة منظمة للموضوع المذكور تعالج الجوانب ذات الصلة كافة, تحقيقاً للوضوح وسهولة الرجوع إليها.
أما المحور الثالث وهو المحور الاقتصادي , تطرق إليه الأستاذ الدكتور جاسم محمد مصحب معاون عميد كلية الإدارة والاقتصاد /جامعة بغداد : وعنوان بحثه (الدوافع والاهداف الاقتصادية لإنهاء أتفاقية تصدير
النفط عبر ميناء جيهان التركي ) .
ان من أهم مجالات المصلحة الوطنية لجميع الدول هو المجال الاقتصادي ، حيث تضغط تلك الدوافع بشكل دائم لتحديد اتجاهات القرارات ذات المنحى الدولي لجميع الدول من دون استثناء .
من هذا المنطلق يمكن ان نسترسل لتفسير , وتحديد الدوافع , والابعاد الاقتصادية , لقرار الحكومة التركية الاخير بالغاء اتفاقية نقل النفط العراقي عبر أراضيها , لتصديره من منافذ ميناء جيهان التركي ويمكن ان نحدد بتركيز تلك الاسباب والدوافع بالآتي :
1- ان قدم الاتفاقية والتي ترجع الى منتصف السبعينيات من القرن الماضي الذي يحدد قيام أي نشاط اقتصادي يمثل دولة الى ضرورة التأشير بان شروطها ومنافعها وإيراداتها اصبحت غير صالحة على وفق المعادلة الاقتصادية الاساسية لاي مشروع , وهي معادلة الكلفة – المنفعة ، لذلك ارادت السلطات التركية إعادة النظر بها على وفق قانون مصلحتها , لذلك يمكن ان يؤدي إلغاءها الى إعادة الاتفاق بشروط مالية واقتصادية جديدة مربحة بالنسبة لها .
2- برزت خلال السنين السابقة مجموعة من الملفات الاقتصادية بين تركيا والعراق تطلبت إعادة النظر بمجمل الملف الاقتصادي من قبل السلطات التركية ، ومنه اتفاقية انبوب النفط ،كي يمكن ترتيب أوراق المساومات مع العراق بشروط اقتصادية تشمل جميع المعطيات وتمازج بينها على وفق شروط جديدة
3- إن معادلة الطاقة التركية خلال السنين السابقة وبعد جملة المشاكل والمنازعات بين السلطات العراقية والتركية وخصوصاً ما يتعلق بالخط الذي ينقل نفط اقليم كردستان .دخلت تلك المعادلة بجملة اجراءات لاعادة التموضع الجغرافي للأمدادات الى تركيا الى مصادر اكثر استقرارا من المصدر العراقي
4- من خلال تقييمات الجانب التركي لتدفقات التمويل والاستثمار في صيانة وتطوير خط الانابيب , ومن وجهة نظر جديدة ترغب السلطات التركية تسريع عملية استعادة كلف التمويل وتعظيم الايرادات من هذا الانبوب , بما يتطلب انشاء اتفاق جديد اكثر استجابة لهذا الهدف من سابقه , الذي تعود جميع بروتوكولاته ولوائحه الى العام 1976م .
5- الرغبة التركية باعادة النظر بشراكاتها الاقتصادية على وفق المتطلبات الوطنية , فضلاً عن الأخذ بنظر الاعتبار التغييرات الدراميتيكية في المناطق التي تحيطها , والتي من المحتمل ان تؤثر على شراكاتها مع العراق ، على وفق هامش التغيير المتوقع لكل الاقاليم الاقتصادية , ابتداءً من القوقاز حتى دول جنوب المتوسط .ِ
أما المحور الرابع والأخير وهو المحور الأمني والذي تطرق اليه السيد قاسم كاظم محمد /مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية .وعنوان بحثه (المخاطر الأمنية المصاحبة لتوقف تدفق النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي ) :
والذي وضح فيه أهم التداعيات الأمنية:
1- إن التاثيرات الأمنية أغلبها غير مباشر إلا ان المؤثرات الاقتصادية لها مخاطر وتهديدات امنية على المستوى المحلي والإقليمي , وبالتالي تؤدي الى اتساع الخلافات بين المركز والاقليم على المستويات كافة.
2- عدم وجود صيغة وطنية لإدارة الصادرات النفطية , قد تفتح الباب امام صراعات داخلية تمتد الى تدخل تركي في الشأن المحلي , ودعم طرف ما للحصول على مكاسب اقتصادية .
3- استغلال بعض الأطراف والجماعات هذه القضية وعدم التوصل لحل من خلال استهداف أنابيب نقل النفط لتوسيع الازمة بين المركز والاقليم .
4- ضرورة تأمين أنابيب نقل النفط والطاقة بمنظومات أمنية متطورة ,وذلك بعد زيادة استخدام الطائرات المسيرة من قبل الجماعات الإرهابية في استهداف البنى التحتية ,فضلاً عن أهمية التنسيق الأمني بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم .
5- استمرارالضغط الشعبي في داخل الإقليم على حكومة الإقليم واتساع دائرة التظاهرات المطالبة بتوفير الرواتب .
6- استغلال بعض وسائل الاعلام الأزمة , لصناعة رأي عام موجه , يولد حالة من الحقد والبغضاء المجتمعي بين المواطنين (العرب والاكراد) وتمزيق النسيج المجتمعي .
7- مع استمرار توقف التصدير قد يفتح الباب الى زيادة عمليات التهريب للنفط الخام من الإقليم الى تركيا.
التوصيات
1- تطوير الأساليب والمعدات الخاصة بحماية أنابيب نقل النفط والمحطات والشركات النفطية , بما يتلائم مع المخاطر والتهديدات المستحدثة عبر استخدام الإرهابيين الطائرات المسيرة .
2- من الضروري انهاء ملف تصدير النفط عبر جيهان لما له من تداعيات اقتصادية وسياسية تؤثر على الأمن القومي العراقي عبر التفاوض , والوصول الى حلول تخضع الى القوانين الدستورية.
3- الضغط على الجانب التركي كونه الجهة المستفيدة من تدفق النفط عبر اراضية بعدم التدخل في الشأن الداخلي , والتفاوض مع حكومة إقليم كردستان بعيداً عن الحكومة المركزية .
وفي الختام تم فتح باب الحوار والنقاش بين الحضور والباحثين بصورة تخدم الموضوع المطروح , وتمٌ تكريم الباحثين بشهادات مشاركة .
مقررالجلسة المشاور السياسي
نبيل جواد محسن الرماحي
المزيد من الاخبار