الفن التشكيلي والعقل والمجتمع في العراق .. سوسيولوجيا تجارب تشكيلية

2016-03-06

الفن التشكيلي والعقل والمجتمع في العراق .. سوسيولوجيا تجارب تشكيلية



لطالما كانت موضوعات الفن التشكيلي على جانب كبير من التنوع و الإتساع والشمول , فقيمتها تكمن فيما تحاول أن تعطيه من صورة للواقع المعاش أو لمحنة أو ظاهرة أو مشكلة يحاول الفنان أن يعبر عن ما بداخله من شجون وأفكار أو محاولة الإنسان إينما كان وفي أي مدة زمنية أن يعبر عن فلسفته بأفكار ذوقية للمفاهيم داخل المجتمع , والإنسان العراقي على مر الزمان كان فناناً يرسم بعقله بإبتكار وإختراع وبناء الحضارة الإنسانية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً .
مما تقدم جاءت بحوث هذه الندوة ملبيةً لحاجة الأوساط الثقافية للخروج من النشاطات التقليدية , فهي بحوث وموضوعات نوعية كما وصفها رئيس الجلسة في مستهل إفتتحاحة للندوة .

في ما تقدم وعلى بركة الله عقد قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة في بداية الموسم الثقافي الربيعي الندوة العلمية المعنونة ( الفن التشكيلي والعقل والمجتمع في العراق .. سوسيولوجيا تجارب تشكيلية ) يوم الثلاثاء الموافق 1/آذار / 2016 وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً وعلى قاعة بيت الحكمة ترأس الجلسة العلمية الأستاذ الدكتور متعب مناف جاسم مشرف القسم وبمقررية الدكتورة هديل سعدي موسى مقررة القسم
الباحثون :
-    أ.د. هادي حمزة ببحثه الموسوم (الفن التشكيلي خلفية وحاضر) .
1-    النحاتة التشكيلية نرمين محمد حسين بحثها الموسوم (الفن التشكيلي في عيون شابة)

إذ تميزت الندوة بحضور نوعي نخبوي متمثلاً بالسيد رئيس مجلس الأمناء الدكتور إحسان الأمين و الأستاذ الدكتور محمود علي الداوود مشرف قسم الدراسات السياسية وعدد من الباحثين والمتخصصين في مختلف المجالات العلمية وكوكبة من باحثين وموظفي بيت الحكمة .

-    بدأ البحث الأول للأستاذ الدكتورهادي حمزة أستاذ النحت ورئيس فرع النحت في كلية الفنون بجامعة بغداد ببحثه الموسوم (الفن التشكيلي خلفية وحاضر) والذي من خلاله وضح الباحث مقومات الفن التشكيلي وبواكيره ثم عرض لنا نظرته عن الفن في الوقت الحاضر, وأكد في ثنايا بحثه أن فن النحت هو الذاكرة الحية للعراق القديم, فقد وصلتنا أخبارهم وحروبهم وإنتصاراتهم وقوانينهم وإنجازاتهم المتنوعة عن طريق النحت , إذ كان للنحت دوراً مهماً في معرفتنا للحضارة القديمة .
ثم تناول الباحث موضوع تمكن الإنسان العراقي من تطوير إمكاناته في التعدين قبل إستخدام النحاس في منحوتاته , فاستخراج النحاس لوحده مشكلة , فكيف تمكن للإنسان العراقي في ذلك الزمان أن يجد النحاس ويستخرجه وهو بحاجة إلى البوادق التي تصل درجة حرارتها إلى أكثر من ( 1500) درجة مئوية , وصولاً به إلى مرحلة التعدين والذي يحتاج درجات حرارية أعلى من عملية الإستخراج لغرض تنقية النحاس الخام من مكوناته الباقية , إذ عبر الباحث عن هذه العمليات بأنها : (إعجاز ما بعده إعجاز ) .
بعد ذلك وضح الباحث رؤيته عن فن النحت بوصفه أنه يعتبر من الظواهر التي إنفرد بها الجنس البشري المنبعثة من رغبته في التعبير عن النفس والإفصاح عن المشاعر إذ يعتبر من الفنون القديمة التي رافقت الإنسان منذ القدم , إذ يجد الباحث فن النحت أقدم من فن التصوير وأكثر الفنون إنتشاراً وتعبيراً عن المحيط وعن الواقع من خلال أبعاده الثلاثية .
ثم وصف الباحث فن النحت بأنه تعبير الإنسان للإنسان من خلال الشكل ذو الأبعاد الثلاثية .
وتوصل الباحث إلى أن للنحت عناصر تقوم ثلاثة أركان مترابطة فيما بينها وهي:-
1-    الفكرة أو مادة الموضوع .
2-    الشكل أي التصميم ذي الأبعاد الثلاثية .
3-    وسائل التحقيق ( المواد أو أساليب الصباغة ) .
يوضح لنا الأستاذ الدكتور هادي أن هنالك قضية مهمة , ألا وهي  صعوبة فن النحت بالقياس إلى بقية الفنون كالرسم والكرافيك والخزف , وتكمن الصعوبة في مراحل عمله ومخاطرها , مما يكون فناً طارداً للفنانين ولاسيما العنصر النسوي لما يحمله من مصاعب في عملية الإنجاز .
وفي الختام حاول الباحث من خلال بحثه الدعوة إلى إشاعة روح جديدة وجميلة تقبل الفن والنحت , ثم تطرق إلى تجاربه شخصية منها نصب ( شهداء سبايكر ) ومحاولاته ليتم نصبه في مدينة بغداد بنمطقة العلاوي .

-    أما البحث الثاني فكان للنحاتة التشكيلية نرمين محمد حسين ببحثها الموسوم ( الفن التشكيلي في عيون شابة ) تطرقت الباحثة ببحثها إلى تجربتها الشخصية (الخاصة ) وكيف تعاملت مع مختلف الفنون كالـ( الرسم والنحت ) في طفولتها إذ كان التأثر الإيجابي لأسرتها دوراً كبيراً في تطوير قدراتها الإبداعية في الفن التشكيلي فضلاً عن إهتمامها بالدراسة وطموحها وتحديها وإبداعها  كل تلك العناصر بوصف الباحثة الموجودة في شخصيتها ساهمت في إنجاح الباحثة لخوض تجربة الدخول إلى عالم الفن التشكيلي .
وأكدت الباحثة  من خلال طرحها للبحث بأن أغلب شباب اليوم يعد هذه الفنون مجال لتحقيق الذات والطموح , فكانت المعاناة التي خاضتها الباحثة كشابة عراقية إذ تعمل بين مختلف المواد مثل ( الطين , المرمر ) ودخولها إلى معامل النحت في الكلية , كل تلك العوامل لم توقف طموحها وسبل تحقيق أهدافها , فكانت لغة التحدي ومرارة الصبر عنصران مهمان في خلق الإبداع الموجود داخل كل إنسان وفي أي مجال من مجالات الحياة بضمنها بناء الوطن وبناء المجتمع .



وفي نهاية الجلسة فتح الأستاذ الدكتور متعب مناف جاسم باب الحوار والمداخلات للسادة الحضور , والتي أثرت نشاطنا العلمي بشفافيتها وعمقها , إذ كانت أبرز المداخلات مبتدئتاً بالدكتور إحسان الأمين قائلاً : أن الفن هو لغة روحية وغيبية تتعاطى مع مفردات الوجود ومع المجال الإلهي والخلق , ووصف الفن بأنه وليد المعاناة والتفاعل الذاتي ( تجربة ذاتية ) تحتاج إلى لغة وتظهر في الجمال الفتي ( النحت , الرسم , ... الخ ) .
ثم عقب الدكتور محمود علي الداوود أن العراقه هي وليد رواد الفن , والعراقيون هم من صدروا الفنون ماضياً إلى الغرب .
وبعدها جاء تعقيب ر.باحثين أقدم قاسم عبود الدباغ قائلاً : ( الفن هو حالة من الفرح والحزن , وأن " نصب الحرية " لجواد سليم يمثل الثورة الوطنية وملحمة ذات أطر شعبية ) .
وكان آخر المعقيبن السيد مظفر الربيعي مدير شعبة العلاقات العامة إذ أشار في تعقيبه إلى أن الفن داخل ذهن الإنسان ولابد أن يفصل بين الفن كإنجاز ذاتي وبين المؤسسة الدينية , وقدم تساؤلين كان التساؤل الأول : ( هل يمكن أن يقدم الفنانون العراقيون عملاً يمكن أن يمتد ل "6000 " سنة كما فعل آبائنا و أجدادنا السابقون) و هل تكمن مشكلة إنجاز ووضع النصب الفنية بالمدن العراقية لموضوع الذائقة الفنية لمتخذي القرار في الأمانات والبلديات

وفي الختام قدم الأستاذ الدكتور متعب مناف جاسم جزيل الشكر والعرفان لكل المشاركين والحاضرين لندوتنا العلمية سائلاً المولى عز وجل أن يجمعنا على ما يرضيه تحت سقف بيت الحكمة صرح العلم والمعرفة

 

 

 

المزيد من الاخبار