تفاصيل الخبر
تجارب ناجحة في الاصلاح الاقتصادي
2019-02-20
تجارب ناجحة في الإصلاح الاقتصادي
أقام قسم الدراسات الاقتصادية ندوته الموسومة (تجارب ناجحة في الإصلاح الاقتصادي) يوم الأربعاء الموافق 20 / 2 /2019، برئاسة الدكتور فلاح ثويني مشرف قسم الدراسات الاقتصادية في بيت الحكمة و مشاركة
1- أ. م.د أحمد كريم جاسم / مساعد رئيس جامعة ذي قار وقد كانت ورقته بعنوان (سنغافورة في مؤشر الحرية الاقتصادية) .
2- أ.م.د ماهر جبار الخليلي / كلية الأمام الكاظم (عليه السلام) وقد كانت ورقته بعنوان (الاقتصاد الماليزي ... إصلاح محسوس وتخطيط مدروس).
3- إ.د فلاح حسن ثويني/ مشرف قسم الدراسات الاقتصادية في بيت الحكمة وكانت ورقته ( جورجيا .. عشرة مبادئ في إصلاح الخدمات العامة).
4-م. م حسين غازي رشيد / مقرر قسم الدراسات الاقتصادية في بيت الحكمة وكانت ورقته بعنوان ( تجربة الصين في اقتصاد السوق الاشتراكي ) .و بحضور عدد من الأساتذة والمهتمين .
أستهل الدكتور فلاح رئيس الندوة حديثه مرحباً بالحضور، ثم تحدث عن موضوع الإصلاح وأهميته للاقتصاد العراق ، سيما بعد مروره بظروف عسيرة منذ 2003 حتى الوقت الراهن. بعد ذلك ترك الدكتور رئيس الجلسة المجال للمشاركين بالقاء بحوثهم :
الباحث الأول : أ.م.د أحمد كريم جاسم ( سنغافورة في وكانت ورقته بعنوان مؤشر الحرية الاقتصادية )، وقد أشار في البدء إلى أهم المؤشرات الفرعية المكونة لهاذا المؤشر :
المجموعة الأولى: وتتعلق بقواعد القانون Rule Of Law وتتمثل بحق الملكية Property Rights وفاعلية القضاء Judicial Effectiveness وسلامة الحكومة Government Integrity. هن . وبعدها المجموعة الثانية: وتتعلق بحجم الحكومة Government Size وتتمثل بالعبء الضريبيTax Burden والإنفاق الحكومي Government Spending والسلامة المالية Fiscal Health. المجموعة الثالثة: وتتعلق بالكفاءة التنظيمية Regulatory Efficiency وتشمل حرية الأعمال Business Freedom وحرية العمل Labor Freedom والحرية النقدية Monetary Freedom .
المجموعة الرابعة: وتتعلق بانفتاح الأسواق Market Openness وتشمل حرية التجارةTrade Freedom وحرية الاستثمار Investment Freedom والحرية المالية Financial Freedom.
ثم أشار الدكتور أحمد كريم جاسم الى ما أحرزته سنغافورة من نتائج باهرة في المؤشرات التي على أساسها يحتسب مؤشر الحري الاقتصادية ، وما أحرزته سنغافورة على صعيد المؤشرات الخاصة بالتعليم و تطبيق القانون والصحة والخدمات . ثم تحدث الدكتور أحمد عن الدور الكبير الذي أداه لي كوان ( صانع نهضة سنغافورة ) ، أفكاره الخلاقة التي تمثلت في تأكيده على التميز في تطبيق القانون والنظام والتفكير الاستثنائي طالما أن سنغافورة تفتقر الى كثير من الموارد . وبالنتيجة حصلت سنغافورة على ما تتميز به في جميع المجالات. وحصل لي كوانغ على ثناء الكثير من الساسة. فقد قال فيه جورج بوش الأب :(حين كنت في الحكم , اعتدت قراءة وتحليل كل خطاب يلقيه لي كوان, فلديه أسلوب فذ في التعبير بشكل مقنع وفريد, عن قضايا عصرنا..)
أما جاك شيراك فقد قال فيه: (من خلال هذا الكتاب , سيكتسب القارئ رؤية عميقة لشخصية سنغافورة المميزة, وسيكتشف الفوارق المهمة بين الشرق والغرب, بين أوروبا وآسيا.
التوصيات :
-التأكيد على كل ما يتعلق ببناء الإنسان العراقي بدءً من نظم التعليم، مروراً بالمهن والتخصصات وصولاً لتوفير فرص العمل المناسبة.
- ضرورة وجود قيادة قوية كــــ Lee Kuan yew لديها قوة وإرادة قادرة على التعامل مع مشاكل البلد المختلفة بدءً من الإرهاب وتهديداته، مروراً بالحد من حالات الفساد المالي والإداري وصولاً لتحقيق التنمية الشاملة.
- وجود دولة قانون حقيقية يتساوى فيها الجميع أمام القانون بدءً من قوانين المرور مروراً بقوانين التملك وصولاً إلى قوانين الاستثمار، وبما يحقق العدالة والمساواة بين أفراد الشعب العراقي.
- وجود سياسات حكومية داعمة للقطاع الخاص من خلال توفير كل ما يساعد على نموه وتطوره مع توفير الموارد المالية المناسبة بما يحقق فرص استثمارية ناجحة.
- اعتماد سياسات حكومية للضرائب والرسوم ولاسيما الرسوم الكمركية بما يحقق ميزة تنافسية للبلد مقارنة بما تفرضه الدول الإقليمية، وبما أن العراق يمتلك إمكانات نفطية مناسبة تشكل جزءً كبير من موارد الموازنة العامة فمن الممكن التخلص من فرض الضرائب والرسوم بما يحقق للعراق ميزة تنافسية يمكن أن يكون المكان المناسب لجذب رؤوس الأموال المختلفة.
- اعتماد منهج استراتيجي للتعامل مع القضايا الملحة وبالاعتماد على الحلول غير المألوفة، وبما يحقق بوابة مناسبة للدخول إلى متطلبات القرن الواحد والعشرين الذي سيشهد ثورة غير مسبوقة في نظم الحاسبات وبرامجها، ونظم الاتصال وشبكاتها.
الباحث الثاني : أ.م.د ماهر جبار الخليلي / كلية الأمام الكاظم (عليه السلام) وقد كانت ورقته بعنوان (الاقتصاد الماليزي ... إصلاح محسوس وتخطيط مدروس). بدأ الدكتور الباحث حديثه قائلاً:
إن التجربة الماليزية غنية بكل ما للكلمة من معنى فهذه الدولة حديثة التكوين السياسي (عام 1963م) والتي كانت تعيش واقعا اجتماعيا صعبا وفريدا فالاختلاف بين الطوائف الاجتماعية كبير يشمل اللغة والقومية والدين والثقافة بل من الصعوبة ان تجد مشتركات بينهم عدا الجغرافية متمثلة بالأرض التي تجمعهم ، ومع ذلك نجدها اليوم من افضل واسرع الدول تقدما ونموا واصبحت من اقوى اقتصاديات القارة الاسيوية(مجموعة النمور الاسيوية)وهي في المراتب الاولى دائما سياحيا وصناعيا. ففي الجانب الاقتصادي حددت ماليزيا خطة عشرينية تنموية وفق نظام الخمسية ابتداءً من عام 1971 والتي سميت بالسياسة الاقتصادية الجديدة (NEP) واستمرت الى عام 1991 حيث بدأ مهاتير محمد خطة جديدة اطلق عليها عنوان (2020) او سياسة التنمية الوطنية1991-2010م والتي أكدت على تحقيق النمو السريع وزيادة وتيرة التصنيع والتغيير الهيكلي في الاقتصاد نحو تقليل الكلف وزيادة الانتاج والتصدير والارباح والتي قال بانها السنة التي ستضع ماليزيا كدولة متقدمة وليس دولة في طور النمو. من أهم الاسس التي اعتمدت في ماليزيا واثارت اعجاب العالم اجمعه هو التمسك بالطابع الاسلامي للدولة واعتماد الاخلاق والمبادي الاسلامية في التعامل العام داخليا وخارجياً.
وأشار الدكتور الباحث إلى أن الدكتور مهاتير محمد يرى في الاسلام قوة ومتانة ومنهج حياة وليس مجرد ممارسة لمجموعة من الشعائر الدينية إذ دعا الماليزيين الى فهم روح الاسلام وجوهره والتركيز على اخلاقيات الاسلام، كما اشار الى نقطة مهمة وهي ان تقترن الافعال بالأقوال
لذا تميزت حقبته بالشعارات الواسعة والافعال الكبيرة التي تتخطى الشعارات .حسب راي الدكتور مهاتير ،فان النظام والتخطيط هي من اساسيات الاسلام .
وقد كان مهاتير صاحب سياسة أنظر شرقا وجوهرها توظيف قيم العمل الناجحة التي اعتمدتها اليابان في نهضتها الكبيرة والسريعة رغم كونها دولة اسيوية تختلف دينيا وثقافيا وسياسيا عن الدول الغربية .
وأهم هذه القيم :
- الالتزام بمواعيد الدوام .
- الجودة العالية للبضائع .
- الالتزام بمواعيد التسليم للبضائع .
- التفرقة بين الخاص والعام .
- تنظيم الوقت وعدم اهداره .
- الاخلاص في العمل والحرص على سمعة المؤسسة .
- الوارد على قدر الجهد المبذول فكلما زاد الجهد زاد الوارد .
- السعي الى تطوير الذات وتحسين المستوى المعيشي .
- الانضباط الشديد والالتزام بالتعليمات .
- الحرص على اختيار المديرين ليكونوا قدوة لموظفيهم.
- العمل كشراكة بين جميع القطاعات .
ووفقاً لمبدأ تكافؤ الفرص تبنت ماليزيا استراتيجية الاعتماد على الذات بدرجة كبيرة من خلال الاعتماد على سكان البلاد الأصليين وعلى الموارد الداخلية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات . و رفضت الحكومة الماليزية تخفيض النفقات المخصصة لمشروعات البنية الأساسية، والتي هي سبيل الاقتصاد إلى نمو مستقر في المستقبل، وأولت اهتماماً كبيراً لتحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري، وبما ان التنمية تعتمد بالدرجة الاساس على وجود نظام مصرفي فعال ومتطور يواكب الحركة السريعة لنهضة الدول المتقدمة، وحركة الاختراعات التقنية الهائلة في هذا المجال . لذلك استطاعوا في سنوات قليلة أن يؤمنوا تواجد مصارف عالمية كبرى على الأراضي الماليزية، ومن هنا بدأت الثقة تتسرب الى كل المستثمرين في العالم
واصحاب رؤوس الاموال المغامرة والجبانة على حد سواء في ضرورة التوجه الى ماليزيا المتعطشة للنهوض والمقبلة على حركة اعمار كبيرة ، وهذا ما حدث فعلاً الى درجة أنه في التسعينات أصبحت ماليزيا تضم على أراضيها كبرى الشركات والمصارف العالمية . ومن أهم الاسس المهمة في العملية التنموية الماليزية هو اعتماد خططها التنموية منذ الثمانينيات على مبدأ تنويع مصادر الدخل. أهم مصدري الرقائق الالكترونية والتقنيات الصناعية الاخرى. أما في الجانب الاجتماعي الأكثر أهمية وهو الإسكان فقد وضعت وزارة الإسكان عام 1961م سياسة اسكانية اعتمدت المبادئ التالية:
1. زرع الثقة بالسياسة السكانية والاستعداد للتخطيط والتصميم للسكن منخفض التكلفة بدءا من الموقع والخدمات المساعدة فضلا عن الإشراف على المشروع بأكمله.
2. تأمين القروض اللازمة لتطوير المواقع المختارة والخدمات المساعدة بما يساعد المستأجر وكل حالة على حدة حسب الاحتياجات والامكانيات.
3. يتم تطبيق الامتيازات وفق أربعة نماذج تشمل مخططات لأنواع متعددة من السكن .
أهم التوصيات:
من هذه التجربة الرائدة والمتفردة في كثير من عناصرها يجب على العراق ان يستفيد منها ، في الواقع يجب ان ترتقي المكونات السياسية والفكرية في العراق الى تجسيد الوحدة الوطنية بأفعالها وليس بأقوالها ، بإشاعة ثقافة التسامح وقلب صفحات الماضي ، بالمضي قدما الى الامام وندع المستقبل يسحبنا نحوه بقوة وسرعة كبيرة و لانترك الماضي يجرنا اليه بكل آلامه ومعاناته ليعيد التاريخ نفسه بنفس الالام والمعاناة بصيغ جديدة واعذار جديدة .
الباحث الثالث : أ.د فلاح حسن ثويني وكانت ورقته بعنوان ( جورجيا عشرة مبادئ في اصلاح الخدمات العامة ).
في البدء قدم الدكتور الباحث نبذة تاريخية وجغرافية مختصرة مبينا أهم الأصول العرقية في جورجيا . مشيراً إلى أهم القطاعات الاقتصادية فيها وهي على التوالي : الزراعة والسياحة والتجارة من القطاعات الاقتصادية الهامة في جورجيا وتشكل الصادرات ١٠٪ والاستيرادات ١٨٪ من GDP.
وذكر الدكتور الباحث أن عام 2003 هو نقطة التحول والانطلاق في جورجيا بعد قيام ما يعرف بـ ( ثورة الزهور) ، بعد معاناة سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة ، و2004 أدت حكومة جديدة اليمين الدستورية وكانت رؤية و هدف الإصلاحيين المسلحين بتفويض شعبي كبير ( جورجيا بدون فساد ) وفقاً للمبادئ التالية :
المبدأ الأول: ممارسة الإرادة السياسية القوية ، المبدأ الثاني : تأسيس المصداقية مبكراً ، المبدأ الثالث : جذب الموظفين الجدد ، المبدأ الرابع : شن الهجوم المباشر على الفساد، المبدأ الخامس تحديد دور الدولة ، المبدأ السادس : اعتماد الحلول غير التقليدية ، المبدأ السابع : تطوير وحدة الهدف والتنسيق ، المبدأ الثامن : تسخير الخبرة الدولية للأوضاع المحلية ، المبدأ التاسع :تسخير التكنولوجيا استخدام الاتصالات استراتيجيا عندما يحتاج كل شيء إلى الإصلاح.
وهكذا حققت عملية الإصلاح نتائج كبيرة في جميع المجال ، فهي أقالت 16000 شخص من بينهم موظفين وضباط ومراتب شرطة وحسنت جباية الرسوم وتقديم الخدمات في الوقت نفسه ، وتم تخفيض الجهد والتكاليف ، وتحسنت خدمات التعليم وانخفضت مستويات الغش في الامتحانات الى مستويات قياسية وذوي الطلاب اصبوا اكثر رضاً عن إدارات التعليم.
التوصيات:
وخلص الدكتور فلاح إلى أن عملية الإصلاح في جورجيا انما نجحت بسبب وجود:
الرؤية والهدف والإرادة السياسية القوية.
أما في العراق فلا زالت عملية الإصلاح تراوح مكانها لأنها افتقدت الرؤية .. والهدف .. والإرادة.
وعليه فإن الأمر يتطلب جهود إصلاحية فعلية جماعية تعمل على الاستغلال الأمثل للفرص الإصلاحية لتحقيق أعلى مردود إصلاحي وفي أقل تكلفة أو ضياع اقتصادي واجتماعي يترتب على الفساد بمختلف صوره وأشكاله الإدارية والمالية والسياسية.
الباحث الرابع: م. م حسين غازي رشيد وقد كانت ورقته بعنوان (تجربة الصين في اقتصاد السوق الاشتراكي ) . بدأ الباحث حديثه عن الآتي:
المرحلة الأولى:
وقد بدأت مع نجاح ثورة التحرير ووصول الحزب الشيوعي ورئيسه ماو الى الحكم في عام 1949 . وقد وصف الباحث تلك المرحلة بمرحلة تغليب الإيديولوجيا على الواقع . فبرغم ان الاقتصاد الصيني يتمتع بميزة في الصناعات البيتية الخفيفة وقطاع زراعي نجح في السنين الأولى للثورة بسبب توزيع الأراضي على الفلاحين، إلا ان إصرار ما على السرعة في التحول نحو الاقتصاد الاشتراكي والتأكيد على قطاع التصنيع الثقيل الذي يتسم ببطء دورة رأس المال وعدم خبرة الصينيون في هذا المجال، والتحول الى نظام الكيمونات في القطاع الزراعي، كل ذلك أدى الى فشل كبير في هذ المرحلة، وفي عام 1966 اطلق ماو ثورته الثقافية التي أدت الى مصادمات دامية في داخل الحزب وبين النخب الفكرية . فقد دعا ماو النخب والموظفين الكبار الى النزول الى المعامل والمزارع بحجة أن لا يكون الفكر حبيس المكاتب.
المرحلة الثانية:
بدأت هذه المرحلة مع عملية في عام 1978 وشملت إصلاحات على جميع المستويات ، ففي القطاع الزراعي تم البدء بإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين ، والتأكيد على الصناعات الخفيفة .إذ تم إعادة وضع الأولويات فرفع شعار الصناعات الثقيلة في خدمة الصناعات الخفيفة ، وفي مجال الاستثمار الأجنبي ركزت الصين على انتهاج سياسة التدرج في استقبال التكنلوجيا فلم تبدأ بالحديثة جداً الى ان تطورت القوى العاملة فيها، وفي قطاع البنية التحتية بلغ معدل ما انفقته الصين 25% من موازنتها العامة ، وهكذا فعلت في جميع المجالات ،أما على صعيد إدارة المنشأة فقد تم تخويل الإدارات الصلاحيات التالية :
1- الحق في الاحتفاظ بجزء من الأرباح للتطوير.
2- الحق في التعاقد مع الافراد والشركات سواء المحلية أو الأجنبية.
3- الحق في معاقبة من يتسبب في خسارة كبير للشركة.
التوصيات :
1- إن النجاح على الصعيد الاقتصادي يتطلب رؤية وإرادة تعتمد على الواقع لا نظريات وايديولوجيات، فنوع الأخطاء التي ارتكبت في المرحلة السابقة هي التي تحدد نوع العلاج .
2- إن الاقتصاد لا يقوم على قدم واحدة، وهكذا فالإصلاحات يجب أن تنفذ كحزمة وليست حلول ترقيعيه ، يأكل بعضها إنجازات البعض الأخر.
المزيد من الاخبار