تفاصيل الخبر
سرقة وتهريب الآثار العراقية عِبرَ التاريخ
2018-03-01
سرقة وتهريب الآثار العراقية عبر التاريخ
الدوافع التاريخية والسياسية
عقد قسم الدراسات التاريخية يوم الاربعاء المصادف/28/2/2018 في الساعة العاشرة صباحاً وبالتعاون مع كلية التربية (ابن رشد)/جامعة بغداد ومركز الحرف العربي (ABC) ندوته العلمية على قاعة قسم التاريخ في كلية التربية وترأس الجلسة الأستاذ الدكتور جواد مطر الموسوي وبمقررية معاون رئيس باحثين سلوى محمد جاسم ، وكان المشاركون في هذه الندوة العلمية كل من :-
1-أ.م.د.مزهر محسن الخفاجي/جامعة بغداد –كلية التربية (ابن رشد)
2-د.حيدر فرحان / جامعة بغداد-كلية الآداب
3-د.انتصار أحمد حسن/ الهيئة العامة للآثار والتراث
المعقبون:-
1-أ.د.حسين أحمد سلمان /متقاعد/الجامعة المستنصرية
2- أ.عباس القريشي/الهيئة العامة للآثار والتراث
أفتتح الندوة السيد رئيس الجلسة الدكتور جواد مطر الموسوي محيياً بيت الحكمة على اهتماماته بشؤونه العلمية وتنوعه في عقد مثل هكذا ندوات ونشاطات علمية مختلفة ومتنوعة ،بيت الحكمة الذي هو مركز مهم في الدراسات الأكاديمية يهتم بشؤون العراق وتشخيص الاشكاليات، حيث يأخذ هذه الاشكاليات الخاصة بالمجتمع العراقي ويضعها في قوالب ويقدمها كحلول الى صناع القرار. واليوم قد اثار بيت الحكمة أشكالية مهمة جداً وهي الاثار العراقية بين السرقة والتهريب والتدمير. فالموضوع الذي لا يمكن حلَّه بندوة واحدة ، والموضوع مهم للجميع إذ لابد أن نوضح للمواطن العراقي ما هو موقف الاسلام من الاثار ولماذا عملت داعش بهذا ، والدليل على ذلك أن سرقة الاثار والتراث جريمة يمكن تصنفيها ضمن الجرائم الماسة بالمصلحة العامة. وتدخل ضمن جرائم الامن القومي للبلاد وانهاء عملية حرق التاريخ العراقي ومحاولة طمس ثقافته وهذه بالتأكيد تدخل ضمن مسؤولية المثقفين والاكاديميين.
الباحث الاول / الدكتور مزهر الخفاجي في ورقته البحثية المعنونة ( الاثار العراقية(( من السرقة الى التدمير ))من اليهودي شامونال حتى ذهاب داعش ).
الذي بيَّن ان الانتهاكات والاعتداءات على الآثار الفلسطينية أو العراقية أو السورية العربية تُعد احدى جرائم الحرب المستمرة وقد تمثلت هذه الجرائم بأعمال الحفر الواقعة في الجهة الغربية من المسجد الأقصى وساحة ( البراق) وفي أماكن أثرية أخرى من مدينة القدس المحتلة التي تعد استكمال لسعي وحوش الارض الجدد من : أمريكان وصهاينة ودواعش، وهي محاولات مسمومة لطمس المعالم العربية والإسلامية في فلسطين والعراق وسوريا ومصر واليمن وحتى لبنان ، رغبة منهم في نفي" يبوسية القدس وبابلية بابل وعروبية دمشق وبغداد وأزهرية القاهرة وحميرية اليمن أنها رغبة منهم لإقناع العالم بالادعاءات الإسرائيلية والغربية الباطلة القائمة على فرض السيطرة العسكرية بالقوة والمبنية على التلفيق التأريخي والخرافات التوراتية المحرفة لمصلحة الاهداف "الصهيونية والانجلو امريكية" المتمثل باليمين الامريكي ، والتي تسعى الى تسطيح وعي الانسانية وتغييب الدور الحضاري الذي لعبه العرب عبر التاريخ ودورهم الريادي والحضاري، متناسياً هذا الآخر كل الاتفاقيات المبرمة لحماية الممتلكات الثقافية والدينية لعام 1954 وعام 1956 واتفاقية لاهاي والملحق بها الثاني لعام 1999 الذي جاء ملحقاً لاتفاقية لاهاي لعام 1999. والتي كفلت احترام حقوق السكان وممتلكاتهم الثقافية والدينية... ومنعت كل تخريب أو انتهاك متعمد لهذه المنشآت والمباني التاريخية ووجوب ان يحاكم فاعلها .
أننا نعتقدُ أن الحرب الثقافية حرب تدمير وتخريب ، وسرقة وحرق هذه الآثار انما هي جزء مكمل من الحروب التاريخية التي استمرت من حرق آور السومرية، ولن تنتهي بحرق وتدنيس المقدسات والمراقد المشرفه في العراق وسوريا ولن تنتهي بتدنيس أو حرق "بيت المقدس" التي يعد لها هذه الأيام، وأن الأمر يحتاج الى عدة العقل وعدة العدد كي يقف الجميع ليضربوا بيد من حديد على البرابرة الجدد حفاظاً على الحياة والفكر والتاريخ والجمال .
أما البحث الثاني فقد تناولت طرحه الدكتوره انتصار أحمد حسن/ والذي كان تحت عنوان (ظاهرة سرقة وتهريب الاثار العراقية... الواقع والمعالجات)
مبينة أنه قبل وقوع العدوان الاميركي على العراق وتحسباً لاي طارئ وللحفاظ على الارث الحضاري لبلاد الرافدين تشكلت لجنة مختصة في المتحف العراقي لغرض افراغ محتويات خزانات المتحف والبالغ عددها حوالي (500) خزانة من القطع الاثرية والتحف النادرة وحفظها في صناديق خاصة من الحديد او الخشب وايداعها في مخازن المتحف الحصينة. وبنفس الوقت تم الابقاء على (11) تمثال حجري كبير اغلبها يعود للفترة الحضرية في احدى الممرات .. اضافة الى (42) قطعة اثرية من خزانات المتحف وقاعاته بسبب احجامها الكبيرة وثقل اوزانها مما تعذر نقلها من مكانها..
لكن ومع كل هذا الحرص والحذر فقد تعرض المتحف العراقي لاكبر عملية سرقة في العالم سجلها التاريخ للفترة من 9/4 لغاية 12/4/2003 ،اي خلال فترة لا تتجاوز الاربعة ايام، تم سرقة (13,864) قطعة اثرية وهي مجموع السرقات المعلنة رسمياً ضمن منظمة اليونسكو والانتربول الدولي للفترة اعلاه فقطـ.. وكانت السرقات تشمل الآلاف من الاختام الاسطوانية وآلالف العملات المعدنية والقناني الزجاجية والدلايات والاحجار الكريمة والرُقم الطينية والقطع العاجية .. ومن اهم المسروقات التي اعيدت للمتحف:ـ
• الاناء النذري السومري من الوركاء الذي يعود ل (3000ق.م)، عثر عليه مهشم وتبنت بعثة ايطالية ترميمه واعادته على ماكان عليه،ووضع بنفس المكان الذي سُرقَ منه..
• تمثال اكدي من البرونز ..عبارة عن نصف جسم من الاسفل لانسان عاري جالس على قاعدة دائرية مزين عليها حقول من كتابة مسمارية ،والمعروف باسم (باسطكي). اعيد الى المتحف بعد سرقته..
• بدن القيثارة الذهبية المغطى برقائق الذهب والصدف والاحجار الكريمة بعد رفع راس القيثارة وهي عبارة عن راس ثور من الذهب تم حفظها مع بقية الاثار في مخازن المتحف ، وتعود الى مدينة اور السومرية.
• لوحة محفورة على عاج مطعم بالعقيق الاحمر، تمثل لبوة تفتك بشخص .
• تمثال الملك انتمينا ،مصنوع من الحجر الاسود وبالحجم الطبيعي.
• واعيد ايضا الى المتحف تمثال رخامي من نمرود للملك الاشوري شلمنصر الثالث.
• راس فتاة سومرية من الوركاء مصنوع من الرخام .
• مجموعة اختام اسطوانية وتماثيل ودمى من الفخار وقلائد نفيسة ومجموعة رقم طينية ومسكوكات
• واشترى مواطن عراقي من سارق آثار (157) قطعة اثرية عبارة عن قطع نحاسية وقلائد واساور وخرز واختام ومسارج ، وتمت اعادتها الى المتحف.
• واعيد (450) قطعة اثرية عبارة عن اختام ورقم وتماثيل ضبطت عند حاجز تفتيش قرب مدينة الكوت في صناديق.
• شراء اعداد كبيرة من الاثار عن طريق المواطنين عجزواعن تهريبها وبعد ان اسقطت المسائلة عمن يقتني آثار ويسلمها للمتحف لقاء ثمن تقدر قيمته لجنة فنية تابعة للمتحف العراقي وفقا لقانون الاثار الساري المفعول بعد التاكد من اصالتها.
• اما الاثار الموجودة على جوانب القاعات والتي هي عبارة عن تماثيل كبيرة الحجم فقد تم تهشيمها.
• ومن المؤكد ان اكثر المسروقات من مخازن المتحف العراقي هي الاثار الصغيرة ذات القيمة الاثارية الكبيرة.
واما الباحث الثالث الدكتور حيدر فرحان فقد تناول موضوع: (تنظيم داعش الإرهابي وأهدافه الخفية في تدمير وسرقة الآثار العراقية)
مقدماً الإجابة العلمية الدقيقة على مبررات سرقة وتدمير الإرث الحضاري العراقي ، ومبيناً على ضرورة العودة لتقليب صفحات من الماضي القريب للتعرف حول هل أن حضارتنا سرقت ودمرت قبل الآن ؟ أم أن ما حصل من سرقة وتدمير لآثارنا على يد القوات الامريكية وتنظيم داعش الارهابي كانت الأولى من نوعها وحصلت في ظل ظروف مبهمة أو غير معروفة. واقع الحال وما تحتفظ به ذاكرة التاريخ ترشدنا إلى أن آثارنا تسرق يومياً منذ سنين طويلة ، ومررت ضمن خطط استراتيجية من قوى استعمارية وعلى ثلاث مراحل حتى اللحظة ،ولعل المرحلة الرابعة قادمة ما بعد داعش ، فمرة نرى كل مرحلة تسير بمفردها ، ومرة يتم العمل بمرحلتين أو جميع المراحل إذا ما استدعت الحاجة لذلك ، والأمر الأكثر أهمية ونحن نتحدث عن تلك المراحل لسرقة الإرث الحضاري أنها كانت جميعها ذات صبغة دينية – تاريخية - ثأرية ، هدفها محو الذاكرة التاريخية وطمس هوية شعب كامل والقضاء على حضارته .
الهدف واحد كون الفاعل واحد،فلا قيمة للتعاقب الزمني ما دام من دمر آثار بلاد الرافدين وسرقها هو ذات المجرم ، لكن ما هي حجته المعلنة ، وبماذا سيقنع الأجيال عن جريمة سرقة ذاكرة شعب وأمة . الوهابيون الدواعش وهما وجها العملة الإسرائيلية والذين تبرقعوا بلباس الدين الإسلامي لغرض تشويه حقيقة الإسلام،ولصق التخلف والجهل والحقد اليهودي الصهيوني بالإسلام تحججوا بأن الهدف من تدمير بعض الآثار كونها تمثل ديانات وثنية نهى عنها الإسلام ، وهنا لا نريد أن نخوض في مجادلات دينية بحتة، ولا نريد أصدار فتاوى تحلل أو تحرم جرم داعش كما يفعل وعاظ الإرهاب لكن لابد من توضيح الحقائق لتكون وثيقة تاريخية للأجيال نسند فيها القول بالدليل .
من هذا يتوضح لنا بأن حجتهم لا أساس لها من الصحة وأن المخفي المعلن هو الدافع الحقيقي في تدمير أرث العراق وسرقة كنوزه،كما تحدث الباحث عما كانوا يبررونه من ادعاءات جوفاء لا صحة لها من أرض الواقع ، لكن نحن نرى الدوافع المخفية معلنة لنا ، لعلنا نعزو أسباب ودوافع تدمير الإرث الحضاري العراقي وسرقته إلى جملة من الأسباب ترتبط بها العقدة التاريخية والكراهية للذاكرة العراقية العريقة ومحاولة محوها وفصل الماضي عن الحاضر والمستقبل وتحريف التاريخ ومنع البلاد من استثمار آثاره وحضارته وتاريخه اقتصادياً لمستقبل ابنائه ، ختم الباحث حديثه في هذا الجانب أن أمريكا وإسرائيل تسعى جاهدة إلى محاصرة العراق من جميع الجوانب الاقتصادية بما فيها تدمير وسرقة آثاره وفقدانه تركة عظيمة من الحضارة التي بالإمكان استغلالها لأنعاش اقتصاده الوطني ، لذا تنبهوا لهذه الحقيقة منذ فترة طويلة وعملوا على افراغ البلد من محتواه الحضاري – التاريخي ومنعه من استثمار تلك الحضارة اقتصادياً وبالنتيجة توجهوا بنقلها وسرقتها وتدمير مالم يتمكنوا من نقله قاصداً هنا الآثار الثابتة ( المعابد والكنائس والمساجد والقصور وغيرها ) .
وبعد انتهاء الباحثين من تقديم ملخص بحثوهم جرت التعقيبات من قبل الاساتذين المعقبين،وهما: الاستاذ الدكتور حسين احمد سلمان /الجامعة المستنصرية، والاستاذ عباس القريشي /هيئة الاثار والتراث العامة مع عدد من المداخلات والتعقيبات من قبل السادة الحضور.
خرجت هذه الندوة العلمية ببعض التوصيات ، وهي :
1-أقامة ندوات عامة في الوزارات المعنية (وزارة الخارجة والداخلية والجامعات العراقية )
2-أقامة مؤتمر أو ندوة في دوائر الاوقاف عن أهمية الاثار في الاسلام وتنفيذ مايطرحه داعش واخواتها.
3-توعية المواطن العراقي حول اهمية الاثار والحفاظ عليها وحماية التاريخ العراقي وتشجيعه على تقديم الاثار التي يحتفظ بها الى دائرة الاثار مقابل مبلغ مالي.
4- تفعيل وسائل الاعلام(صحافة ،تلفزيون،إذاعة...) لغرض الاهتمام على نشر ثقافة الاثار في المجتمع العراقي بمخاطبة وسائل الاعلام والفضائيات كافة كواجب وطني يعزز عظمة التاريخ العراقي وتعريف الجيل الحاضر بأهمية آثاره، وأنشاء موقع تواصل اجتماعي يتواصل مع الذين يقتنون القطع الاثارية في محاولة لارجاعها مقابل ثمن.
5-اصدار قرارات قاسية تجرم عملية سرقة الاثار وتهريبها بموجب قانون الاثار المرقم 55 لسنة 2002
6-ضرورة تدخل المنظمات الدولية مثل منظمة اليونسكو ومنظمة النصب العالمي ومعهد كيتي لصيانة الاثار والايكوموس والايكروم ومنظمة جايكا وجميع المنظمات المتخصصة بالتراث العالمي وذلك باصدار قرارات ثابتة وصريحة ضد الاعمال الارهابية والاتجار بالاثار المسروقة وحماية الاثار في مناطق الصراع والازمات والتي كان الهدف من كل تلك الاعمال هو طمس الارث الحضاري الوطني لبلاد الرافدين كونه ارث حضاري عالمي ومن اوائل الحضارات التي نشأت في العالم. وتجريم كل سراق الاثار بل حتى داعمي العصابات على مستوى الافراد والدول والمؤسسات والتي لها دور بتشجيعهم والتي تسمح بتجارة الاثار المسروقة او المهربة ومتابعة تنفيذها ومراقبة مدى إلتزام تلك الدول بهذه القوانين والتشريعات.
المزيد من الاخبار