بدأت الباحثة بتعريف مفهوم الصفر في اللغة بكونه المرحلة الماثلة ما بين انبثاق الأفكار والتعبير عنها بجمل منظّمة مفهومة ومقرها في دماغ الإنسان، وكما أن الصفر في الرياضيات هو المرحلة العددية الماثلة ما بين الأعداد الموجبة والأعداد السالبة كذلك الصفر في اللغة هو مرحلة ما بين حالتين، حالة الأفكار وحالة الجمل المعبرة عن تلك الأفكار وبذلك فإن مفهوم الصفر لا يختص بالرياضيات بل يتسع لعلوم كثيرة غير الرياضيات.

 وقد شبهت الباحثة مرحلة الصفر لإنتاج اللغة في الدماغ بمعمل مكوّن من ثلاثة أقسام، في القسم الأول يتم تحديد المعنى العام للفكرة فيما إذا كانت استفهامية أو منفية أو إخبارية، ثم ينتقل الإيعاز إلى القسم الثاني وفيه يتم الربط بين مفاهيم أجزاء الفكرة وليس هناك أكثر من أربعة روابط رئيسة تربط بين أجزاء الفكرة في جميع اللغات وهي قواعد النحو الكلّي، وقد أسهبت الباحثة في شرح قواعد النحو الكلّي واختبار تلك القواعد على عدد من اللغات، ثم ينتقل الإيعاز إلى القسم الثالث حيث يتم اختيار الكلمات المناسبة وبذلك يكتمل تأسيس الجملة لغرض إنتاجها نطقا أو كتابة في كل اللغات.

وأوضحت الباحثة الفرق بين نظرية الصفر والنظرية التوليدية التحويلية لجومسكي في أن نظرية الصفر فصّلت في نظام آلية عمل الدماغ لإنتاج الجمل، وحددت قواعد النحو الكلّي بأربع قواعد فقط، ورفضت فكرة الجملة النواة وبأن هناك تحويل في الدماغ من الجملة النواة إلى جملة ثانية محّولة، لأن نظرية الصفر ترجع جميع الجمل إلى روابطها الأربعة وتلك الروابط بين أجزاء الجملة ضمن نظام متكامل كفيل بإنتاج الجمل كافة بما فيها الجملة المسماة بالجملة النواة.

وقد توصلت الباحثة في نهاية الجلسة الحوارية الى عدة نتائج أهمها:

1- إثبات أن توزيع الحالات الإعرابية بعلاماتها المعروفة في اللغة العربية دليل على أن عقل الأمة التي انتجت اللغة العربية عقل منظّم ويتوخى الدقة في التعبير عن المعاني المختلفة بعلامات مختلفة سواء أكانت العلامات على الأسماء المعربة أم على الفعل المسمى بالفعل المضارع.

2- تطبيق نظرية الصفر في اللغة العربية يؤدي إلى تسهيل تعلّمها لأن القاعدة تنبثق من المعنى، ومن الجملة كاملة، ومن الجملة في سياقها، وبذلك تُحل المشكلات القائمة في المنهج التقليدي ومنها مشكلة الزمن في الفعل لأن المنهج التقليدي أخرج الفعل من جملته وحدد زمنه بثلاثة ازمنة فقط في حين ان للفعل أزمنة كثيرة يُستدل عليها من دراسة الفعل في جملته وذلك يتناسب مع قولنا بأن اللغة العربية متميزة بثرائها. وترفض نظرية الصفر تجزئة الجملة أو بناء القواعد على العلامات الإعرابية كما هو الحال في المنهج التقليدي، 

3- تسهّل نظرية الصفر تعلّم العربية للناطقين بغيرها لأنها تضع القواعد الرئيسة في ضوء المعنى وذلك ما تشترك به جميع اللغات . 

4- يمكن الإفادة من نظرية الصفر في حوسبة اللغة، وذلك يتطلب متخصصين في مجال البرمجة.

5- تكشف نظرية الصفر إعجاز القرآن الكريم نحويًا.

 كما ذكرت الباحثة بأن نظرية الصفر استمدت جذورها من التراث العربي: من كتاب سيبويه ومن نظرية النظم في كتاب دلائل الإعجاز للجرجاني فهو المرتكز الأساس والجذر الأكبر لنظرية الصفر، وأفادت مما قدمه المخزومي في كتابه: في النحو العربي نقد وتوجيه.

 في نهاية الجلسة الحوارية االتي حضرها مجموعة من الأساتذة المتخصصين باللغة والصحفيين والباحثين الاكاديمين المهتمين بهذا الشأن الذين أغنوها بمداخلاتهم العلمية .

 

 

 

الرجوع الى الصفحة السابقة    طباعة الخبر    ارسل الخبر لصديق