الاسرة العراقيه بين التقليد والحداثة
2022-12-21
عقد قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة بالتعاون مع كلية الآداب – جامعة بغداد / قسم الاجتماع الندوة العلمية الموسومة بــ ( الأسرة العراقية بين التقليد والحداثة ) بتاريخ 20/12/2022 في رحاب كلية الآداب / قاعة الفراهيدي الساعة العاشرة صباحاً , وتألفت ادارة الجلسة كلاً من :
- رئيس الجلسة : أ.د. سلام عبد علي / كلية الآداب – جامعة بغداد .
- مقرر الجلسة : م.م. فراس عبد الجبار /قسم الدراسات الاجتماعية – بيت الحكمة
وتضمنت الندوة ثلاث مشاركات بحثية عن ثلاث اختصاصات رئيسة منضوية تحت مضلة العلوم الاجتماعية الا وهي ( علم الاجتماع , الانثروبولوجيا , الخدمة الاجتماعية ) ووفقاً لما يأتي :
أولاً : أ.د. ثناء محمد صالح / جامعة بغداد – كلية الآداب / العلاقات الاجتماعية في العائلة العراقية رؤية حداثوية قبل العولمة وبعدها .
ثانياً : أ.د. حسين فاضل سلمان / جامعة بغداد – كلية الآداب / التماسك والإفتراق في المكان الاجتماعي والزمن التفاعلي للأسرة العراقية .
ثالثاً : أ.م.د. زينب عبد الله محمد / جامعة بغداد – كلية الآداب / القيم الاجتماعية في الأسر العراقية بين الماضي والحاضر .
افتتح رئيس الجلسة أ.د. سلام العبادي وقائع الندوة العلمية مرحبا بالحضور الكريم الذي تألف من نخبة من اساتيذ قسم علم الاجتماع بمعية كوكبة من طلبة الدراسات العليا والأولية فضلاً عن بعض الباحثين والأكاديميين المتخصصين في مجلات علمية مختلفة , وأشار رئيس الجلسة في باكورتها إلى بعض التعريفات لمفاهيم الأسرة والعائلة والتقليد والحداثة مستعيناً بذلك بمصادر علمية عدة ومن ثم فسح المجال للسادة الباحثين المشاركين في اعمال الندوة لتقديم اوراقهم البحثية ووفقاً لما يأتي:
المشاركات البحثية :
أولاً : أ.د. ثناء محمد صالح / جامعة بغداد – كلية الآداب .
ابتدأت وقائع الندوة بأولى مشاركة للبحثية للدكتورة ثناء الحديثي ، تناولت الباحثة اهمية العلاقات الأسرية التي تقوم على التعاون والتضحية والالتزام الشامل غير المحدود وغير المشروط من دون تحفظ, وهذا ما يعزز احساس افراد الاسرة الراسخ بالاطمئنان والاستقرار النفسي لعدم الخوف في مواجهة الأزمات والنكبات المحتملة , فبإمكان الفرد أن يعتمد دائما على عائلته ومهما كانت الظروف، ومن هنا غياب أو محدودية, الشعور بالوحدة والقلق، فينعم الفرد بدفى العلاقات الحميمة ويطمئن الى علاقات الصداقة فينشا الانسان مستبطنا للقيم الاسرية ومتمسكا بالثقافة التي تعتبر العائلة احدى دعائمها الأساسية، أن لم تكن الدعامة الأهم .
قدمت الباحثة في نهاية ورقتها مجموعة من الاستنتاجات لدراسة اجرتها على نخبة مثقفة من الكادر التدريسي والوظيفي في كلية الآداب - جامعة بغداد بتاريخ 14-11-2022 تضمنت دراسة العلاقات الاجتماعية للعائلة العراقية ما تشهده من تماسك و تصدعات للوصول الى رؤية شمولية لواقع العائلة العراقية ذكر من هذه الاستنتاجات :
• جهل الأبوين بطريقة التعامل مع الأبناء وضلالتهم , مما أدى الى استعانتهم بالتربية الدينية بوصفها دليلا الى تصحيح مسار العلاقات العائلية مع بعضها البعض .
• ترك الأبناء من دون رقابة أمام وسائل الاعلام وبرامج التواصل الاجتماعي , والتي بدورها خلقت عالما افتراضيا اكثر انفتاحاً من العالم الواقعي , وبالتالي يتم خلق سجنا ذهنيا وحركيا لدى الأبناء .
• الانفتاح الأعمى على الآخر من دون النظر والاهتمام الى الفوارق الثقافية .
• الفهم الخاطئ لمفهوم الحرية بحيث تجاوز الحد المعقول .
• الشعور الدائم اننا في حالة حرب ( لا استقرار) وهذا لا يونس إلى حياة طبيعية مثالية .
• التطرف في المواقف الايجابية والسلبية .
• سيادة الفوضوية في اعتماد المبادئ .
• مشاكل العصر وضغوطات العمل واتجاه المرأة نحو العمل مما يضعف من متابعة الأولاد.
ثانياً : أ.د. حسين فاضل سلمان / جامعة بغداد – كلية الآداب :
اما المشاركة البحثية الثانية فكانت للدكتور حسين فاضل بورقته البحثية الموسومة بــ(التماسك والإفتراق في المكان الاجتماعي والزمن التفاعلي للأسرة العراقية ) اذ تقدمت هذه الورقة مجموعة من التساؤلات نذكر منها :
- كيف تتناول الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع موضوع العائلة والاسرة ؟
- كيف نفهم عملية بناء السلوك وتحوله الى نمط مقبول اجتماعياً ؟
- كيف نعيد انتاج مفهوم العائلة مقابل الأسرة ؟
- هل أن المكان الاجتماعي اجتماعي فعلاً ؟
- هل أن الزمن هو قابل لإنتاج علاقات تفاعلية ؟
ومن ثم تناول الدكتور حسين المفهوم النقيض للتماسك المتمثل بالهشاشة لاسيما تلك المواضيع التي تركز على الفقر والعوز ، الا انه ارتأى الخروج بهذا المفهوم ليشمل مدى أوسع، وقدرة أكبر على وصف عديد من الحالات والقضايا ذات البعد الاجتماعي والثقافي في داخل الاسرة العراقية، وهو هنا يشير إلى تلك الحالة التي تسبق مفهوم التفكك الأسري الشامل ومفهوم التصدع الأسري، أو مفهوم اسرة القشر الفارغ، فضلا عن وصفه لحالة من البرود العاطفي والعلائقي بين أفراد الاسرة التي ينظر اليها بكونها مازالت متماسكة ظاهراً ، اذا فالهشاشة ترتبط بمجموعة من السياقات الحياتية المرتبطة بالأسرة وهي سياق المكان الاجتماعي وسياق الزمن التفاعلي اللذين يؤطران العملية الاجتماعية ويعيدان انتاج التفاعلات الفردية والجماعية. وغالبا ما ينظر الى المكان بكونه وحدة تحتل شكلا ثابتا نوعا ما في الاسرة العراقية، على الرغم من التجزئة الحاصلة في داخل كل بيت والاختلافات التي تنتجها هذه التجزئات وأحوالها، كغرف المعيشة , واستقبال الضيوف وغرف النوم، وعندما تربط بين سياق المكان وبين التغيرات الحداثوية والفضاءات الافتراضية التي اعادت انتاج العملية الاجتماعية بصورة يحكمها الزمن التفاعلي أن تجد ان بنية الزمن الفاعلة قد أصابها نوع من الفتور واتجهت في مساراتها نحو الخارج او الغير مرئي (الكينونات الثقافية والاجتماعية الافتراضية)، وقد أدى هذا إلى غياب أهمية المكان وضرورته بالنسبة للعلاقات الأسرية، لكون أن الفرد الذي يتفاعل افتراضيا يكون وجوده الفيزيائي حاضرا، ووجوده الذهني مفترقا عن المكان، مما أدى الى خلق نوع من النسبية والفجوة الثقافيتين في الوعي الجمعي للأسرة حتى بات بعض أفرادها يتفاعلون افتراضيا في المنزل الواحد على الرغم من وجودهم الفيزيائي المتحقق فيه، بل أبعد من ذلك، فإن الطقوس اليومية بانت ترتبط بمتغيرات الحداثة من المأكل والمشرب وحلقات التواصل.
ثالثاً : أ.م.د. زينب عبد الله محمد / جامعة بغداد – كلية الآداب .
آخر المشاركات البحثية كانت للدكتورة زينب عبد الله ببحثها الموسوم بــ(القيم الاجتماعية في الأسر العراقية بين الماضي والحاضر ) والتي اشارت في بداية كلامها الى اهمية القيم المجتمعية كونها تعد أهم الركائز التي تبنى عليها المجتمعات , إذ تتعلق القيم بالأخلاق والمبادئ الإنسانية السامية لأي مجتمع ، وهي معايير ضابطة للسلوك البشري فضلاً عن انها صفات مرغوب بها من قبل افراد المجتمع ,وتناولت الباحثة عدة مفاهيم لها علاقة بالقيم ودورها في ضعف تلك القيم نتيجة التطور التكنولوجي ومن هذه المفاهيم ( التغير , التغيير , الثقافة ) وتكونت الدراسة من المباحث الآتية :
المبحث الأول / خصائص القيم وأساليب تكوينها
المبحث الثاني / تأثير التغير على بعض القيم الخاصة بالمجتمع العراقي قيمة الاحترام انموذجاً.
المبحث الثالث/ انعكاسات التغير على العلاقات الاجتماعية
ثم تطرقت الباحثة الى انواع القيم إذ ميز العلماء ثلاثة أنواع من القيم , الا وهي :
- القيم الشخصية التي توصف بأنها إعتقاد ثابت نسبياً , وأنماط محدده من السلوك , واهداف غائية تكون مفضلة شخصيا" وأجتماعيا" .
- القيم المنظمية : وتوصف بانها مجموعة دائمة من القواعد , تعد الدليل الشخصي الذي يملي السلوك المناسب أو غير المناسب في نطاق العمل .
- قيم العمل ومفهومها يشير الى الاتجاهات العامة فيما يتصل أو يتعلق برغبات أو اهتمامات الفرد بعمله اي العمل الذي يؤديه الانسان لتنفيذ دوره الاجتماعي بشكل عام .
ومن ثم تناولت الباحثة مسألة ارتباط القيم بعملية البناء الاجتماعي ومدى تأثرها بعمليات التغير الثقافي والاجتماعي ، فالقيم هي الجوهر والأساس في ترابط البناء الاجتماعي وتنظيمه وتوازنه و صيرورته , لكن وبسبب عمليات التغير الثقافي والاجتماعي المتعجلة التي حدثت في العراق وتحت ظروف الاحتلال والحرب الاهلية نتج عن ذلك الآتي :
- غزت المجتمع قيم جديدة تتسم بدرجة عالية من عدم الانسجام والتوافق مع ما هو سائد من قيم في المجتمع العراقي فحدث التناشز القيمي .
- تصارع ثقافات فرعية في لُبِ المجتمع فيما بينها ، مما سبب تعدد القيم والمعايير وازدواجبتها .
- إن انماط العلاقات الاجتماعية التي مرت بها الأسر العراقية قبل زمن الاحتلال، وفرت العوامل الضرورية لتحقيق السعادة والرفاه والطمأنينة للناس ، أي انها حققت السلوك البشري المنسجم مع المقاييس الأسرية المثالية ، وشكلت نظاما" متكاملا" خاليا" من الصراعات والتناقضات لقرون كحصيلة للقيم والمعايير المتماسكة .
- أما بعد احداث 2003 وللأسباب اعلاه فشلت آليات الضبط في حماية النظام الاجتماعي والمحافظة على روابط البناء واختل التنظيم وفقد التوازن وحدث الصراع بين مكونات المجتمع العراقي ، فالتغير الاجتماعي هو التحول الذي يطرأ على البناء الاجتماعي خلال فترة من الزمن .
وخلصت الدراسة بمجموعة من المقترحات من أجل الحفاظ على قيم المجتمع العراقي .
التوصيات والمقترحات
1- نقترح على وزارة التربية اضافة مادة التربية الأخلاقية الى جانب مادة التربية الاسلامية ولجميع مراحلها الدراسية كي تترسخ قيم التسامح وتقبل الآخر والتآزر الأسري .
2- اقامة نشاطات علمية يتم من طريقها المزاوجة بين الاختصاصات العلمية المختلفة للوصول الى رؤية شاملة للظواهر المجتمعية المختلفة وبالتالي التوصل الى النتائج المرجوة .
3- الاهتمام بالدراسات الخاصة بمسألة السُلَّم القيمي من قبل المختصين بالعلوم الاجتماعية والدينية مما يساهم في تدعيم وصيرورة منظومة القيم الإنسانية السامية .
4- الاهتمام أكثر بالدراسات الاجتماعية الكيفية والتأويلية وعدم الاكتفاء بالدراسات الكمية ، مع ضرورة التركيز في مدى فاعلية هذه الدراسات وكيفية تطبيقها على أرض الواقع .