تفاصيل الخبر
الشرطة المجتمعية : الواقع والمــأمول
2022-09-25
أقام قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة ورشة العمل العلمية الموسومة بــ (الشرطة المجتمعية .. الواقع والمأمول ) يوم الأحد الموافق 25/9/2022 على قاعة المرايا في بيت الحكمة , وتمثلت إدارة الجلسة بكلاً من :
- رئيس الجلسة : أد. خليل ابراهيم رسول / جامعة بغداد
- مقررة الجلسة : اسراء أدهم توفيق / بيت الحكمة قسم الدراسات الاجتماعية
أما المشاركات البحثية فتمثلت بكلاً من :
1- أ.د. سلام عبد علي العبادي / جامعة بغداد –كلية الآداب / الدور الحمائي للشرطة المجتمعية في العراق : المنجز والتحديات .
2- أ.د. نبيل عمران موسى / جامعة القادسية – كلية الاداب / حاكمية التطور الاجتماعي على العمل بنظام الشرطة الاجتماعية.
3- العميد .غالب عطية خلف / مدير قسم الشرطة المجتمعية في دائرة العلاقات والإعلام /تجربة الشرطة المجتمعية في العراق .
أولاً / أ.د. سلام عبد علي العبادي / الدور الحمائي للشرطة المجتمعية في العراق : المنجز والتحديات
ابتدأت وقائع الندوة ببحث الدكتور سلام العبادي والذي استعرض في بداية الجلسة ابرز المحاور التي استهدفتها ورقته البحثية المتمثلة في البحث والتقصي في محاور رئيسة لعل أبرزها دراسة الهيكل التنظيمي للشرطة المجتمعية في العراق وكذلك التعرف على أبرز مهامها وتوجهاتها وأهدافها ومسارات عملها فضلاً عن تقديم نبذة عن الدراسات السابقة المتعلقة بموضوع الشرطة المجتمعية .
ففيما يخص مهام وواجبات وأهداف الشرطة المجتمعية العراقي يقدم لنا الباحث ابرز تلك النقاط ووفقاً لما يأتي :
1- ان رسالة الشرطة المجتمعية في العراق تتمحور حول تعزيز الوعي لدى شرائح المجتمع كافة وتطوير العمل الوقائي لتحقيق الامن الشامل.
2- دعم الاسرة وحماية حقوق الشرائح الهشة والضعيفة في المجتمع العراقي فضلاً عن تعزيز قيم المواطنة والسلم الاهلي .
3- تحقيق متطلبات التقارب والعلاقة التبادلية بين الشرطة والمجتمع عن طريق ابراز الدور الاجتماعي المدني لأجهزة الشرطة المجتمعية وإزالة الحاجز النفسي لدى المواطنين في التعامل مع الشرطة بشكل يمكن ان يسهم في بناء رؤية جديدة في التعامل مع القضايا الاجتماعية مثل الخلافات الاسرية والعنف المدرسي والأسري وانحراف الاحداث وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي تقع في نطاق عمل الشرطة المجتمعية .
ثم بعد ذلك تطرق الباحث الى أبرز مهام الشرطة المجتمعية في مدينة بغداد وبقية المحافظات خلال عام 2021 والتي الى ما يقارب 12 جانب منها : الجانب الصحي والتوعوي والتطوعي والأمني والتدريبي والإعلامي والاجتماعي والتربوي فضلاً عن جانب المناشدات و جوانب أخرى متفرقة ، ولقد كانت حصة الجانب التوعوي كما في العام الذي سبقه هي الاكبر بواقع (246151 في المجال الامني ) و(376046 في المجال الاجتماعي ) و203802 في المجال الصحي ) ، وهناك نشاطات توعوية اخرى في الجوانب التي تم ذكرها اعلاه مثل الجانب الامني الذي تضمن اقامة (724) ندوة تثقيفية ، و(521) حملة توعوية للحد من الظواهر السلبية ، و(517) حملة توعوية بشان الابتزاز الالكتروني ، و(300) محاضرة للحد من ظاهرة المخدرات ، فضلا عن الانشطة الاعلامية التي جاءت على شكل منشورات تضمنتها الصفحة الرسمية لقسم الشرطة المجتمعية بواقع ( 3554) منشور ، و(38) برنامج للبث المباشر خلال الصفحة الرسمية للشرطة المجتمعية .
اما بالنسبة لنشاطات الشرطة المجتمعية للمدة من 1/1-31/7/2022 فقد توزعت على عدة مجالات هي الابتزاز الالكتروني ، العنف الاسري ، المخدرات والمؤثرات العقلية ، التحرش ، الانتحار ، التسول ، العدالة التصالحية ، فضلاً عن الجوانب الاخرى التي تضمنتها نشاطات السنة التي سبقتها وهي : الجانب الامني ، الجانب التربوي ، الجانب الصحي ، الجانب الاجتماعي ، الجانب الانساني ، الجانب التطوعي الخدمي ، الدورات التدريبية ، المنديات ، الانشطة الاعلامية ، فضلاً عن الخط الساخن ، ولقد توزعت النشاطات الاساسية للشرطة المجتمعية .
ثانياً : أ.د. نبيل عمران / حاكمية التطور الاجتماعي على العمل بنظام الشرطة الاجتماعية :
أما الورقة البحثية الثانية فكانت مشاركة الدكتور نبيل عمران الذي تناول موضوع الشرطة المجتمعية من منظور اجتماعي إذ يتمحور أسلوب الشرطة المجتمعية في الاندماج المحلي بالتركيز على فعل (المبادرة) من خلال مساعدة المجتمع المحلي على مواجهة المشكلات ، وليس ردة الفعل ، ويعني ذلك أن تبدأ الشرطة بالاتصال بالمجتمع ودق ناقوس الخطر حول المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تكون سبباً لانحراف بعض الجماعات وممارستهم الأفعال الجريمة التي يعاقب عليها القانون، إذ تسهم الشرطة المجتمعية في الوقاية من إرتكاب الجريمة بين افراد المجتمع الذين يمكن أن يقدموا على ممارسة هذه الأفعال في حال غياب الضبط الاجتماعي، وذلك من خلال التواصل المباشر وغير المباشر للشرطة المجتمعية مع هذه الفئات، ورصد الاحتمالات الممكنة لإنحراف الافراد من خلال البيانات الإحصائية المؤثرة والشواهد والوثائق، ومن كل ذلك يمكن تقرير الواقع والتنبؤ بإنتشار المشكلة مستقبلاً في المجتمع المحلي، والمبادرة بالتنبيه لها وأخذ الحيطة والحذر منها .
ثم بعد ذلك قدم لنا الباحث مجموعة من أبرز القيم والمرتكزات الخاصة بعمل الشرطة المجتمعية والتي تتمحور حول تقديم خدمة الى المجتمع عن طريق تبنيها منهج الشراكة المجتمعية لعل ابرزها :
أ- الشراكة: وذلك بالالتزام بالعمل في شراكة مع المجتمع من أجل معالجة القضايا التي تمس بالسلامة والأمان للعاملين .
ب- الاحترام: وذلك بالالتزام باحترام حقوق وكرامة الإنسان، وقيمة كافة أفراد المجتمع والدائرة.
ج- التكامل: وذلك بالالتزام بإقامة الثقة العامة عن طريق تحمل المسئولية والمحاسبة وفق أعلى المعايير المهنية والأخلاقية .
د- التفاني: وذلك بالالتزام بتقديم أعلى مستوى مهني من خدمة إنفاذ القانون للمجتمع بهدف تحسين مستوى الحياة ضمن منطقة الاختصاص .
منح السلطات: وذلك بالالتزام بمنح السلطات لأعضاء الدائرة والمجتمع لحل المشكلات وذلك من خلال إقامة بيئة تشجع على الحلول التي تعالج حاجات المجتمع.
ثالثاً : العميد غالب عطية خلف / تجربة الشرطة المجتمعية في العراق :
أما آخر المشاركات البحثية فكانت من نصيب العميد غالب عطية الذي قدم ورقة بحثية متكاملة عن موضوع الشرطة المجتمعة اذ تناول محاور عدة كان أبرزها تقديم لمحة تاريخية عن تأسيس هذه المؤسسة فضلاً عن تقديم تعريف ورؤيتها واهدافها ومجالات عملها وأسباب نجاحها في العراق مستهلاً ذلك بتعريف الشرطة المجتمعية على انها هي تنظيم شرطي اجتماعي يرتكز على تعاون المواطن مع رجال الشرطة للمحافظة على الامن المناطقي ومواجهة اسباب الجريمة وتداعياتها وتحفيز المواطن على مواجهتها والابلاغ عنها قبل وبعد وقوعها، فضلاً عن انها فلسفة واستراتيجية تنظيمية تعزز الشراكة الايجابية بين المجتمعات المحلية والشرطة.
ثم تطرق الى تاريخ تأسيس هذه المؤسسة التي تشكلت في وزارة الداخلية عام 2008 , بعد اجتياز منتسبيها لدورة التدريب الاساس الذين تم اختيارهم من حملة الشهادات الجامعية والمعاهد وممن يتمتعون بعلاقات اجتماعية جيدة ويشهد لهم بحسن السيرة والسلوك وكانت بمستوى شعبة تم ربطها بمديرية شرطة بغداد , وفي عام 2016 تم تحويلها إلى قسم يرتبط مباشرة بوكالة الوزارة لشؤون الشرطة , أما في عام 2019 تم ربطهـا بمكتـب الوزيـر – دائـرة العلاقـات والإعلام .
أما في ما يخص رؤية الشرطة المجتمعية فهي تتمحور حول أداء شرطي متطور يحقق الامن الوقائي الشامل ويصون حقوق الانسان بمشاركة فاعلة للمجتمع , وتكمن رسالتها في تعزيـــز الوعــي لــدى شرائــح المجتمـع كافـــة وتطويــر العمل الوقائـي لتحقيق الامـن الشامــل .
ثم بعد ذلك تطرق الباحث الى أبرز الخبرات والمواصفات المطلوب توافرها في رجل الشرطة المجتمعية الا وهي :
1. تحلي منتسب الشرطة المجتمعية بالقيم الوطنية والإنسانية الرفيعة وحصوله على الشهادة الجامعية كشرط لقبوله ضمن الشرطة المجتمعية يجب ان يتصف بالمواصفات الآتية:
2. القدرة على التفاوض والإقناع والتعامل الفاعل مع أطراف النزاع على اختلاف مجتمعاتهم وثقافاتهم.
3. الثقة بالنفس والسعي الدائم نحو تنمية قدراته ومهاراته الاجتماعية واعتماد الابتكار والإبداع.
4. مهارات الاتصال الإنساني والقدرة على التواصل واكتساب ثقة الآخرين.
5. المرونة في الأداء والالمام بفن الاتيكيت، والاهتمام بالقيافة والمظهر الجيد.
وفي ختام ورقته البحثية قدم لنا البحث مجموعة من العوامل التي أسهمت في إنجاح تجربة الشرطة المجتمعية في العراق نذكر منها :
الدعم الاداري واللوجستي اللامحدود من قبل قيادة وزارة الداخلية لهذا التشكيل.
2. ارتباط القسم بدائرة العلاقات والاعلام مكتب السيد الوزير مما اضاف لها امكانية الوصول الى مصدر القرار بشكل مباشر.
3. اختيار العناصر الكفوءة للعمل ضمن هذا التشكيل من الذين يتمتعون بالمواصفات المعيارية الخاصة برجل الشرطة المجتمعية وخاصة فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي والخبرات والمهارات والشخصية.
4. الدعم الدولي من قبل المنظمات الدولية وخاصة المنظمة الدولية للهجرة الذي اسهم في توفير البنى التحتية والمستلزمات اللوجستية والتدريبات.
5. اعتماد التدريب والتطوير المستمر في تهيئة ملاكات بشرية قادرة على تنفيذ المهام والواجبات الموكلة اليها.
6. الادوار الانسانية والاجتماعية والتطوعية التي تلعبها الشرطة المجتمعية اسهم في كسب الثقة وسرعة تقبل الجمهور لها.
7. استثمار منصات التواصل الاجتماعي لنشر مفهوم الشرطة المجتمعية وانشطتها وفعالياتها مما سهل الوصول الى اكبر شريحة من المجتمع.
8. انتشار مفاصل القسم في اغلب مناطق البلاد والتنسيق العالي مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية كان له الأثر في تحسين الخدمات ونوعية الدعم للحالات والمناشدات التي ترد للشرطة المجتمعية.
9. توافر الخط الساخن (497) الخاص بتلقي الشكاوى والمناشدات على مدى الـ(24) ساعة اسهم في زيادة سرعة الاستجابة.
10. تنفيذ مشروع منتديات الشرطة المجتمعية المناطقية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة الذي اسهم في الحد من العديد من المشكلات والظواهر السلبية واستثمار قوى المجتمع الفاعلة لتحقيق ذلك.
11. اعتماد قسم الشرطة المجتمعية على اساليب مبتكرة في حل المشكلات ومواجهة الحالات والظواهر السلبية التي تواجه المجتمع.
12. استحداث شعبة فنية تخصصية ضمن الهيكل التنظيمي للقسم تحت مسمى شعبة (المركز الاستراتيجي) مهمتها جمع وتحليل البيانات الخاصة بالمشكلات والظواهر والعمل على وضع الحلول لها وفق اساليب وطرائق بحثية وعلمية معتمدة.
13. رفـد القسم بالملاكات النسوية والعمل على تمكينهن من خلال خلق بيئة عمل ملائمة وتسنيمهن مناصب إدارية وفنية.
14. إنشاء مراكز توجيه الإحالة بدعم من المنظمة الدولية للهجرة في عدد من المحافظات تهدف إلى توفير بيئة آمنة للضحايا الذين يعانون من مخاوف أمنية، والاستفادة من آليات الإحالة على المستوى المحلي.
15. انشاء المنتدى الاستشاري الوطني للشرطة المجتمعية وهو منصة مجتمعية وطنية انشأت على اساس الاتفاق بين الشرطة المجتمعية واجهزة انفاذ القانون ومؤسسات الدولة المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، ويقوم على مبدأ تقييم التحديات الامنية والاسهام في ايجاد الحلول وإحالتها الى الجهات ذات العلاقة.
التوصيات
1- قد تكون البداية المهمة لاستقلال الشرطة المجتمعية هو اقرار قانون ينظم عملها ويمنحها بعض الصلاحيات التي من شأنها القيام بنشاطات نوعية مؤثرة على صعيد الواقع الاجتماعي في العراق ، كمال ان هناك حاجة ملحة لمنح قسم الشرطة المجتمعية التمويل الكافي الذي من شأنه تطوير اداء العاملين فيه والارتقاء بواقع عملهم بالشكل الذي يرمم بناء عناصر الثقة بين الاجهزة الامنية والمجتمع التي اهتزت بفعل الممارسات السلبية السابقة لهذه الاجهزة مع افراد المجتمع .
2- أن الشرطة المجتمعية تقوم بالتواصل الدائم والثابت مع جميع قطاعات المجتمع المحلي، حتى تتمكن الشرطة والمجتمع الذي تعمل فيه وتنتمي إليه من التعرف على الحلول المحلية للمشاكل المحلية. وينطوي هذا الدور على ما هو أكثر بكثير من أن تكون الشرطة تفاعلية؛ بل تتطلب أيضا دوراً مبادراً سبّاقاً تكون فيه شراكة العمل الشرطي هي الغالبة. كما تتطلب الشرطة المجتمعية التنسيق والدعم المستمر المتبادل بين الشرطة ومؤسسات العدالة الجنائية الأخرى.
3- ينبغي ان تتركز جهود قسم الشرطة المجتمعية حول معالجة القضايا المجتمعية التي تقع في صميم عمله ، اذ ان تركيز الجهود على الجانب الاعلامي والتوعوي من شأنه افراغ هذا الجهاز من محتواه الاجتماعي وتغييب هويته الانسانية وتشتيت جهوده في مجالات يفترض او يمكن ان تقوم بها مؤسسات وجهات أخرى .
المزيد من الاخبار