مفهوم التطرف وسبل المواجهة والاستئصال
2024-03-10
ندوة علمية اقامها قسم الدراسات الاسلامية
مفهوم التطرف وسبل المواجهة والاستئصال
عقد قسم الدراسات الإسلامية في بيت الحكمة بالتعاون مع جهاز الامن الوطني العراقي الندوة العلمية الموسومة (مفهوم التطرف وسبل المواجهة والاستئصال) يوم الاحد الموافق 10/3 /2024 في بيت الحكمة على قاعة الدكتور محمود علي الداود.
رئيس الجلسة: -أ. د حيدر عبد الزهرة هادي/ جامعة بغداد - كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية.
مقررة الجلسة: -السيدة اخلاص حساني عزيز/ بيت الحكمة قسم الدراسات الاسلامية.
وبحضور عدد من الأساتذة والباحثين من دائرة جهاز الامن الوطني العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب ومركز النهرين للدراسات الاستراتيجية.
افتتحت أعمال الندوة العلمية بكلمة رئيس الجلسة: -أ. د حيدر عبد الزهرة هادي حيث عد مشكلة التطرف من القضايا الرئيسية التي يهتم بها الكثير من المجتمعات المعاصرة، فهي قضية يومية حياتية، تمتد جذورها في التكوين الهيكلي للأفكار والمُثل والأيديولوجية التي يرتضيها المجتمع. فالفكر المتطرف شأنه شأن أي نسق معرفي، هو ظاهرة اجتماعية تتأثر وتؤثر في غيرها من الظواهر، مرتبطة إلى حد كبير بالظروف التاريخية والسياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من ظروف يتعرض لها المجتمع.
بدأت أعمال الندوة العلمية التي قدم خلالها الشيخ الدكتور محمد النوري معاون مدير عام المديرية العامة لمكافحة الإرهاب الفكري بحثاً عنوانه (الإرهاب الفكري – قراءة في الأسباب وتأملات في سبل الوقاية). يرى بعض المفكرين أن الإرهاب الفكري يعد أيدلوجية تسير باتجاه عدم احترام الرأي الآخر، بل وتسلبه حقه في التعبير، وتسلبه حقه في حرية الاعتقاد، كما أنه يجب أن نفرق بين الفكر الإرهابي والإرهاب الفكري، ففكر الإرهاب أو الفكر الإرهابي هو ذلك الفكر المعتل في تصوراته وتفسيراته ومنها تحليله وعمله، ويبيح لمن يتبناه استخدم كل وسيلة لتحقيق مقاصده ومآربه، أما الإرهاب الفكري فهو حالة من فرض الفكر الإرهابي إما بالاستدراج والخداع، وأحيانا بالقوة أو بأي أسلوب آخر من أساليب تطويع الأفكار وتغييرها، وسواء تم هذا التغيير بطريقة تدريجية، أم تم بطريقة سريعة، وذلك في بعض الحالات التي لا تحتمل التأجيل والانتظار.
ومن أبرز أسباب الإرهاب الفكري:
1- الانقسامات الفكرية الحادة في العالم الإسلامي.
2- تشويه صورة الإسلام والمسلمين من قبل بعض أدعيائه.
3- التقليد الأعمى
4- الفهم الخاطئ للنصوص الديني
5- الانحراف العقائدي والابتعاد عن مقاصد الشريعة
6- التعصب للرأي وإلغاء الآخر
7- أسباب أسرية واجتماعية واقتصادية
8- أسباب سياسية
9- الأعلام الموجه
سبل الوقاية من الإرهاب الفكري.
يمكن طرح مجموعة من الحلول والمعالجات لظاهرة الإرهاب الفكري، ومن أبرزها:
1- التأكيد على ضرورة إعادة بناء المنظومة الفكرية والثقافية للفرد كونه النواة الأولى للمجتمع والدولة، من خلال غرس المفاهيم الصحيحة والاهتمام بالتنشئة الاجتماعية للفرد عبر تشجيعه على التمسك بالوسطية والاعتدال الذي أكد عليه الدين الإسلامي الحنيف.
2- زيادة الوعي السياسي والاجتماعي والفكري لدى أبناء المجتمع من خلال إبراز قيم الوسطية والاعتدال ودورها في التعرف على الأحداث والمشكلات بنظرة واقعية المثالية، عبر ترسيخ مبادئ الحوار الديمقراطي واحترام الرأي والرأي الآخر.
3- العمل على رفع المستوى الاقتصادي وتوفير فرص عمل ومشاريع استثمارية للشباب بما يحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي لهم.
4- ضرورة اهتمام القائمين على إدارة الجامعات بإطلاق برامج للتثقيف السياسي للطالب من خلال تفعيل دور الاتحادات الطالبية، فضلاً عن تشجيع الحوار بين القادة السياسيين والشباب.
5- فتح أبواب الجامعات أمام المفكرين والمثقفين من مختلف التيارات لعقد حوارات مع الشباب في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية.
6- العمل الجاد على تقويم وإعادة تأهيل وسائل الإعلام المعاصرة، ولاسيما المليئة بالانحرافات السلوكية والفكرية وضرورة الانتباه إلى وسائل الإعلام المرئية منها كونها وسيلة موثوقة من وسائل التثقيف والترويج، فضالً عن وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة الأخرى.
7- تنمية الحوار الفكري؛ لان من سمات الإرهاب الفكري عجزه عن الحوار الفكري وهروبه منه؛ فالحوار الفكري يذيب المشكلات ويقرب وجهات النظر ويفتح الباب للحوارات العلمية ويزيل الغموض والشبهات عن كثير من الأمور شرط الالتزام بأدب الحوار.
8- تجفيف منابع الإرهاب الفكري؛ وذلك من خلال متابعة منصات التواصل الاجتماعي ومحاسبة الجهات الفاعلة الذين يروجون للأفكار الهدامة كي يكونوا عبرة لغيرهم.
بعدها جاءت ورقة د. ناجي الفتلاوي / رئيس المجلس الدولي للحوار الديني والإنساني/ فرع العراق ببحثه المعنون (التطرف في الإسلام والاعلام – قراءة في جينالوجية النشأة والتأثير) تَحَدَّثَ الباحث عن تعريفات مفصلة لمصطلحات الإعلام والإرهاب والتطرف مبيناً الأنواع والفروع والتصنيفات لهذه المصطلحات وتأثيرها وتأثرها بعضها ببعض والعلاقة اللازمة فيما بينها باعتبارها أدوات ومنتجات وسلوك تنتهجهُ بعضُ الدول والمجتمعات والقوى المختلفة لتحقيق مآرب وغايات ومصالح معينة.
تطرق الباحث الى أنواع التطرف والجذور التاريخية لنشأتهِ في عالمنا الإسلامي ذاكراً بعض الممارسات المتشددة التي مورست من قبل بعض الجماعات في صدر الاسلام باسم الدين والمعتقدات أفضت الى جعل الكثير من الأتباع انتهاجها كسلوك شرعي في التعامل مع الآخرين، معززاً ذلك بأمثلة وأحداث تاريخية كذلك بيَّن الباحث الدور الأمريكي والغربي الخبيث في تعزيز التطرف في المجتمعات الإسلامية من خلال دعمهِ للجماعات المتشددة وتهيئة جميع الأدوات والوسائل والتسهيلات ومنها الإعلام لإنتاج إسلام متطرف يخدم الأهداف والمصالح الامريكية.
أخيراً وضَّحَ الباحث الميزات الكبيرة للإعلام الرقمي وسرعة انتشار المعلومات والأفكار والآراء من خلال التُقانة الحديثة في الأجهزة الذكية المحمولة وسهولة استخدامها وإتاحتها أمام الجميع بلا وازع ولا رقيب مما يجعلها أدوات خطرة بيد القوى والجماعات الإرهابية لنشر أفكارها وتأثيرها في صناعة الرأي العام والسبق الصحفي لحصد المشاهدات من المتابعين، مُبيناً الخطوات الواجب اتخاذها من قبل المثقفين والمؤسسات الاعلامية المعتدلة والرصينة من أجل محاصرة التطرف والحد منهُ وجعلهُ سلوكاً منبوذاً يهدد أمن واستقرار الدول والشعوب ويمنع تطورها وازدهارها وتقدمها بين الدول الاخرى.
أما الورقة البحثية الثالثة قام بقراءتها د. محمد عباس صاحب / معاون مدير عام مكافحة التطرف ببحثه المعنون (الجهود الحكومية في مواجهة العنف والتطرف... جهاز الامن الوطني أنموذجاً ).
أتسم المجتمع العراقً عبر تاريخه الطوٌل رغم تنوع نسٌيجه الدٌينًي والاجتماعي والمذهبًي بحالة من التعايش السلمًي ، باستثناء حالات قليلة كان فٌيها للسلطة الحاكمة او القوى الخارجٌة دورا فًي ضرب هذا التعايش الذي ٌجسد فً جوانبه المختلفة مفهوم الانسجام بٌين ابناء المجتمع الواحد بمختلف انتماءاتهم القومٌية والدٌينٌية والمذهبٌية فضال عن اتجاهاتهم وافكارهم، فأن ما يٌجمع هؤلاء هو وجود اواصر مشتركة من قبٌيل الأرض والمصالح والمصٌير المشترك، وقد اخذ التعايش اهتمام واسع لدى العدٌد من الباحثين والمهتمين بعلم الاجتماع والسٌياسة لما له من دور فًي الحفاظ على وحدة وأمن البلاد ، وقد مر العراق بمحن بعد عام 3002 كبٌيرة أدت به الى الاقتتال الطائفً وظهور الجماعات المسلحة التًي أدت الى انهٌيار قٌيم التعايش السلميً .وقد استمرت الأزمة اكثر من ثلاث سنوات فًي القضاء على هذه الجماعات والتنظيمات واعاده الامن والثقة فًي العدٌيد من مناطق العراق ، من ثم ظهرت أزمة أخرى تسببت بسقوط ثلثًي العراق بٌيد تنظيمات عصابات داعش الإرهابية التًي عملت على تغذية المجتمع بأفه العنف والتطرف والاقتتال وتجنٌد الأطفال واغتصاب النساء والمتاجرة بالآثار والأعضاء البشرٌية وتهرٌيب النفط وغٌيرها ، و نزوح اكثر من خمسة ملايين عراقًي حسب سكنوا فًي مخٌيمات وسط ظروف صعبة ،وكانت للحكومة فرصة فًي اعاده تأهٌيل مواطنٌيها فًي هذه المخٌيمات بعد ضرب تعايٌشه السلمًي الا انها لم تكترث لهذا الجانب وانشغالها بتحرٌر الأراض من دنس الإرهاب ونجحت بعد مرور عامٌ من من القتال تحرير العراق وجمٌيع المدن من دنس الإرهاب وأعلان النصر ، وبدء مرحلة ما بعد داعش فًي اعاده الثقة ما بٌين المواطنين اولاً وما بٌين المواطن والحكومة ثانٌيا والذي اعتمد بالشكل الأساس على حث النظام السٌياسًي فًي العراق على العمل بكل الإمكانات لترتٌيب بٌيته الداخلًي ومنح المرأة دورها فًي صنع السلام والتعايش السلمًي وضرورة تجاوز القٌادات السٌياسٌة والعسكرٌية والمدنٌية مصالحها الخاصة.
والسعًي نحو توضٌيح النقاط التًي تجمع ابناء المجتمع والا تفرقهم على أساس عرقًي او طائفًي او اثنًي، وبذلك ٌ يدخل الفن بشكل مباشر فًي ترسٌيخ التعاٌيش السلمًي والحد من ظاهرة التطرف وهذا ما اكدته مبادرة رئٌس مجلس الوزراء الأستاذ محمد شٌياع السودانً بدعم الثقافة بمبلغ وصل لـ 41 ملٌيار دٌينار عراقًي.
أن لجهاز الأمن الوطنً الدور البارز فً التنسٌيق مع المؤسسات المدنٌية الحكومٌية وغٌير الحكومٌية فًي عقد الندوات والورش والمؤتمرات واطالق المبادرات بهدف الوقاٌية من مظاهر التطرف والعنف وخطاب الكراهٌية، وتبنً الاستراتيجيات الوطنٌية الشاعة وارساء ثقافة التعاٌيش السلمًي ومنع النزاعات.
وأخيراً قدم الباحث الرابع د. محمد جبار زغير/ مستشارية الامن القومي / مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية ورقته البحثية المعنونة (الفكر المتطرف نشوئه وإمكانية الاستئصال) يعد التطرف الخروج عن القيم والعادات الشائعة في المجتمع، وتبني قيم ومعايير مخالفة ومضادة لها، وهو اتخاذ موقف متشدد إزاء فكرة معينة أو أيدلوجية بحيث تتجاوز حدود الاعتدال. ويتخذ التطرف صوراً ً وأشكال ومنها: - التطرف الديني. - التطرف السياسي. - التطرف الاجتماعي
تحديات مواجهة التطرف في العراق
1- ضعف المؤسسات التربوية، والتعليمية، والثقافية، والاجتماعية في مواجهة
وتوثيق جرائم التطرف في العراق.
2- عدم الإفادة من القرار الأممي 5252 الخاص بتجريم أعمال داعش الإرهابية
في العراق.
3- غياب النخبة في مواجهة خطاب الكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
4- ظهور موجة جديدة من الشباب الرقمي المعنف والمغرر بهم.
5-ىالتشدد الديني.
6- الصراعات السياسية.
8-الخطاب الديني الطائفي.
9- لا توجد مؤشرات إحصائية للتطرف في العراق
اليات التوثيق والمواجهة.
1- تشجيع الباحثين على الكتابة المتخصصة في مجال توثيق جرائم التطرف في العراق.
2- ابراز دور المؤسسات الشبابية في تأهيل القيادة الشبابية
3- ابراز دور المؤسسات الاجتماعية في معالجة مشكلات التطرف الديني والاجتماعي.
4- إبراز دور مراكز الدراسات والبحوث الحكومية وغير الحكومية.
5- إقامة مؤتمر دولي حول جرائم التطرف.
6- اصدار دليل أحصائي خاص بمؤشرات التطرف في العراق.
7- إصدار قاموس خاص بظاهرة التطرف والموضوعات القريبة منها.
8- تشكيل لجنة دائمة لتوثيق جرائم التطرف من المراكز البحثية الحكومية وغير
9- الحكومية العاملة في مجال توثيق جرائم التطرف في العراق.
10- طباعة الرسائل والإطريح الخاصة بالتطرف في العراق.
وحضر الندوة مجموعة من الباحثين والأساتذة المتخصصين بهذا المجال أغنوا الندوة بتعقيباتهم ومدخلاتهم.
التوصيات
1- القوانين العراقية النافذة لم تتطرق إلى مكافحة الإرهاب الفكري الا بفقرات محدودة، مع العلم إن الإرهاب الفكري أخطر من الإرهاب المادي أو الحركي أو السلوكي، وبالتالي يوصي الباحث المشرع العراقي بوضع تشريع خاص لمكافحة الإرهاب الفكري على اختلاف أساليبه وأنماطه، وأن يكون هذا التشريع جامع ومانع لكل هذه الأساليب والصور.
2- مراقبة منصات التواصل والمنصات العالمية لتحييد خطر تلك التي تنتهج نهج الفكر المتطرف والمزعزع للسلم المجتمعي.
3- العمل على إقامة برامج توعية للشباب بأخطار وتداعيات ظاهرة التطرف على مستقبل وأمن واستقرار الدولة وإشراكهم ببرامج منع التطرف في المجتمعات.
4- مراقبة الخطاب الديني ولكل الديانات، والحرص على خلوه من كل تطرف وتشدد ودعوة للإقصاء أو إلغاء الآخر.
5- تضمين مادة في البرامج التعليمية والثقافية يكون الهدف منها التركيز على تعزيز ثقافة التعددية والتنوع والتعايش السلمي بين أطياف المجتمع كافة.
6- الحرص على تمكين المرأة وتأهيلها في مجال مكافحة التطرف والإرهاب الفكري، فالمرأة هي نواة الأسرة والمجتمع، وهي أساس التنشئة للأجيال.
|