تفاصيل الخبر
التجارة الالكترونية و مشاكلها القانونية
2017-12-27
التجارة الالكترونية و مشاكلها القانونية
في رحاب كلية القانون / الجامعة المستنصرية اقام قسم الدراسات القانونية في بيت الحكمة يوم الخميس، الموافق21/12/2017 في الساعة العاشرة صباحا ، حلقة نقاشية بعنوان (التجارة الالكترونية و مشاكلها القانونية). برئاسة أ.د. حنان محمد القيسي - مشرف قسم الدراسات القانونية في بيت الحكمة، ومقررية م.م. رانية عدنان عزيز التدريسية في كلية القانون ، وبحضور عميدة الكلية والمعاونين ورؤساء الاقسام والاساتذة وعدد من الطلبة والضيوف.
افتتحت أ.د. حنان محمد القيسي الحلقة النقاشية بشكر كلية القانون لتعاونها المستمر في استضافة الندوات و الحلقات النقاشية التي تستثمر جهود الباحثين في رفد المسيرة العلمية و البحثية في العراق.
تلت ذلك توطئة لموضوع التجارة الالكترونية باعتبارها نشاطاً تجارياً يستخدم الوسائط و الاساليب الالكترونية و مصطلحا جديدا في عالم الاقتصاد انبثق مع انتشار الانترنت. وبالرغم من ذلك فان استخداماته اليومية شاعت و كثرت ، حيث يتم من خلاله تبادل السلع و الخدمات او المعلومات و ايصالها بشكل الكتروني لا بشكل ملموس كما يتم في التجارة التقليدية.
ان كون التجارة الالكترونية موضوعا يواكب التطور التكنولوجي لا يمنع من ظهور المعوقات التي تتعلق معظمها بالامان و الخصوصية. حيث يبقى هناك تخوف دام من درجة الامان التي سيحصل عليها الفرد من استخدامه لهذه التطبيقات ومن مدى مصداقية الشركات المزودة لها. فضلا عن انخفاض مستوى دخل الفرد و عدم وجود تثقيف بما يمكن ان توفره التجارة الالكترونية، و غيرها من المعوقات التي تتطلب دراسة معمقة للبحث عن حلول قانونية لكل منها.
و بعد ذلك بدأت وقائع الحلقة النقاشية بورقة عمل أ.م.د بتول صراوة عبادي / الاستاذة في كلية القانون ، و المعنونة "واقع التجارة الالكترونية في العراق" و التي اشارت فيها الى اتساع التجارة عبر المواقع الالكترونية بشكل ملحوظ في العراق خلال الاعوام الاخيرة. فإلى جانب انشاء مواقع متخصصة لبيع البضائع، بدأ الكثير من اصحاب المتاجر بالترويج لبضائعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما اوضحت أ.م.د بتول صراوة عبادي ان المسائل التي تدخل في التنظيم القانوني للتجارة الالكترونية تشمل:
1- التنظيم القانوني لابرام العقود الالكترونية
2- والتوقيع الرقمي
3- وتسديد ثمن السلع والخدمات وتسليمها
4- وتسجيل الوثائق الالكترونية وتصديقها وغيرها.
و ان القانون العراقي يخلو من تنظيم للمواضيع سابقة الذكر باستثناء قانون المعاملات الالكترونية والتوقيع الالكتروني رقم 78 لسنة 2012.
بالرغم من ان خبراء التسويق والتجارة عبر الشبكة الالكترونية يؤكدون ان هذا القطاع ينتظره مستقبل زاهر إلا ان الشركات العراقية التي تعرض بضائعها عبر الانترنيت تواجه تحديات جمّة، ابرزها قلة مستخدمي البطاقات الائتمانية بين العراقيين، نظرا لضعف القطاع المصرفي، مما تسبب في وقوع المواطنين ضحية للنصب و الاحتيال عبر "الشركات الوهمية". كما ان بعض الشركات تعاني من مشاكل مع الزبائن الذين يرفضون تسلم بضائعهم. ناهيك عن العشوائية التي تسيطر على التجارة الالكترونية في البلد.
في خضم ذلك اطلقت شركة (محفظة العراق) بالتعاون مع شركة زين العراق للاتصالات و البنك المركزي خدمة (زين كاش) التي تتيح استخدام آلية الدفع الالكتروني لشراء السلع المعروضة على المواقع الالكترونية بالإضافة إلى شراء تطبيقات الهواتف المحمولة. هذه الخدمة تمكن المستخدمين من ايداع الاموال الالكترونية في هواتفهم النقالة، وتحويل الأموال من وإلى كافة محافظات العراق.
لكن من مثالب هذه الخدمة حسب ما علقت أ.د. حنان محمد القيسي عدم امكانية تحويل مبالغ كبيرة عن طريق الهاتف و عدم تحقيق الامان القانوني.
أ.م.د. فاروق ابراهيم جاسم ساهم بورقة بحثية بعنوان "التجارة الالكترونية و الامان القانوني" اشار فيها الى ان موضوع التجارة الالكترونية لا يهم الباحثين فحسب بل اصبح احد المفردات التي تدرس في الجامعات بسبب اتصاله بالجانبين القانوني والاقتصادي.
وقد رافق ظهور التجارة الالكترونية جملة من التحديات من ابرزها مدى قدة القواعد القانونية على تحقيق مقتضيات الامان القانوني بالشكل الذي يبث الطمأنينة لدى المتعاملين ويكفل لهم حقوقهم. وركز أ.م.د. فاروق ابراهيم جاسم على معوقات ووسائل تحقيق الامان في التجارة الالكترونية. كما عرج على اهمية التعرف على مفهوم التجارة الالكترونية من وجهات نظر مختلفة. فعلى صعيد التشريعات فقد عرف قانون المبادلات والتجارة الالكترونية التونسي رقم 83 لسنة 2000 بانه يقصد بالتجارة الالكترونية "العمليات التي تتم عبر المبادلات الالكترونية" والتي عرفت على انها "المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الالكترونية". اما قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية العراقي رقم 78 لسنة 2012 فاكتفى بتعريف المعاملات الالكترونية بانها "الطلبات والمستندات والمعاملات التي تتم بوسائل الكترونية". اما على الصعيد الفقهي فهناك الاتجاه "الضيق" الذي عرف المفهوم على انه جميع الاعمال والنشاطات التجارية التي تتم ممارستها من خلال الشبكة الدولية للمعلومات. اما الاتجاه "الموسع" فيذهب الى انها "كافة المعاملات المتعلقة بانتقال الاموال وتبادل السلع و الخدمات التي تنفذ بوسائل الكترونية". كما اوجز أ.م.د. فاروق ابراهيم جاسم ان معوقات الامان الالكتروني بالآتي:
اولاً: الطابع الخاص للتجارة الالكترونية من حيث غياب الاتصال المادي بين المتعاملين وغياب الدعامة الورقية،
ثانياً: الطبيعة الفنية للوسائل المستخدمة في انشاء العماملات الالكترونية.
واختتم أ.م.د. فاروق ابراهيم جاسم بعرض مبادىء تحقيق الامان للمعاملات الالكترونية والتي نظمها القانون النموذجي للتجارة الالكترونية والتي شملت اعتماد التوقيع الالكتروني في التوقيع على المعاملات الالكترونية وانشاء جهة للتصديق على التوقيع الالكتروني بالاضافة الى نظام التشفير.
الورقة البحثية الثالثة قدمتها م.د. سهام سوادي طعمة و كانت بعنوان " الرقابة الداخلية على العمليات المصرفية الالكترونية" والتي اشارت فيها الى القفزة التي شهدتها العمليات المصرفية في العراق والعالم نتيجة للتطور في التعاملات الالكترونية. و عرفت العمليات المصرفية الالكترونية بانها تقديم المصارف الخدمات المصرفية التقليدية او المبتكرة من خلال شبكات الاتصال الالكترونية. وتشمل هذه الخدمات خدمات الصرافة الالية ATM واصدار النقود الالكترونية / الرقمية و خدمات الانترنت المصرفي و خدمات الهاتف المصرفي Phone Ban و غيرها.
كما تطرقت د. سهام سوادي الى مزايا العمليات الالكترونية في البنوك التجارية من إمكانية وصول البنك لقاعدة اعرض من العملاء والمودعين والمقرضين وتقديم خدمات مصرفية جديدة و خفض تكاليف التشغيل بالبنوك و انجاز عمليات التجزئة محليا ودوليا و زيادة كفاء البنوك موضحة انه من خلال توسع البنوك في هذه العمليات فيمكن زيادة القدرة على المنافسة و زيادة الارباح و الحصة السوقية و تشجيع الابتكار والتنوع في الخدمات. لكن و مع هذه التسهيلات والمزايا فلا تزال هناك بعض المخاطر التي تصاحب العمليات المصرفية الالكترونية منها مخاطر التشغيل و السعة و المخاطر القانونية و غيرها. مما ادى الى ضرورة وجود رقابة على هذه العمليات شانها شان العمليات التقليدية. فالرقابة هي مجموعة الوسائل والاجراءات التي تتبناها الادارة لتمكنها من استغلال موارد البنوك بكفاية و حمايتها من سوء الاستخدام و ضمان دقة القيود المحاسبية وسلامة توجيهها. ولاجل تحقيق هذه الاجراءات فهناك عدة متطلبات تتضمن متطلبات حماية و امن ومتطلبات تشريعية ومتطلبات تكنولوجية فضلا عن المتطلبات الادارية.
اما م.د. محمد عزت فاضل فقدم الورقة البحثية الرابعة وكانت بعنوان "المعالجات القانونية للضريبة على التجارة الالكترونية"، والتي اشار فيها الى وجوب خضوع العمل الالكتروني للضريبة كما يخضع العمل التقليدي لها. لكن هناك اشكاليات للضريبة تنوعت بين الجدوى و تحديد المكلف و اسلوب فرض الضريبة و الية فرضها في الدول الاتحادية كالعراق. فالضريبة يُنظر لها من ثلاث اتجاهات مختلفة منها الاتجاه نحو تحرير التجارة و تركها ضمن مفهوم الحرية التجارية و منها ما يساوي بين المكلفين من الافراد في تحمل المسؤولية العامة و بالتالي المسؤولية الضريبية و منها ما يرى الضريبة استجابة لمقتضيات العولمة. كما وتناول الباحث الية تتبع الدخل واشكاليات تحديده. و اختتم الباحث ورقته بالاشارة الى ان المشرع العراقي لم يحدد الوعاء الضريبي في دستور 2005 وان الضريبة هي ضرورة وطنية و منفعة عامة ولذلك فيجب ان تكون للحكومة الاتحادية.
ورقة عمل م.د. رباب حسين كشكول كانت الخامسة و حملت عنوان "تطور ادوات الدفع في التجارة الالكترونية". و تطرقت فيها الى ان التجارة الالكترونية تتيح للاشخاص حيثما وجدوا امكانية الاطلاع على السلع و الخدمات المعلن عنها بوسائل الاتصال الحديثة واستخدام ذات الوسائل في التعاقد بغية الحصول على احتياجاتهم من السلع و الخدمات مما ساهم في استحداث وسائل دفع جديدة كالبطاقات المصرفية (بطاقات الدفع والائتمان و السحب النقدي)، و النقود الالكترونية التي تخزن بإحدى طريقتين (على القرص الصب او على بطاقة الكترونية ذكية).
اما فيما يخص النقل المصرفي الالكتروني فأشارت د. رباب حسين الى ان قانون التوقيع الالكتروني و المعاملات الالكترونية العراقي لم يضع تعريفا لعملية النقل المصرفية الالكترونية الا انه اكد صراحة على جواز تحويل الاموال بوسائل الكترونية بالمادة 24 منه.
وفي نهاية الجلسة اشارت أ.د. حنان محمد القيسي الى موضوع الغش و التساؤل اذا ما كانت تحكمه القواعد الاعتيادية ام غيرها و هل يتم التجريم طبقا للقواعد الموجودة ام لا بد من تغيير القواعد لمواكبة الحداثة؟
و من اهم التوصيات التي خرجت بها هذه الجلسة:
1- الدعوة الى سن قانون خاص بفرض ضريبة على التجارة الالكترونية وتنظيم احكامها تحقيقاً للمساواة بين الافراد امام الاعباء العامة، على ان تعفى لفترة مؤقتة بهدف اعداد ادارة ضريبية فاعلة.
2- من المستحسن سريان الضريبة على المالك الاقتصادي (وليس القانوني) للأصول التي تنسب إلى العمليات التي قام بها جهاز الخادم Server أو موقع المنشأة في إنجاز الصفقة اذا كان واضحاً، بينما يتحدد المالك الاقتصادي عند وجود خوادم موجودة في دول مختلفة من خلال المركز الذي يشغل ويدير البرامج التقنية
3- من الممكن تحديد آلية فرض الضريبة في مجال تجارة السلع المادية على وفق نوع التجارة, فاذا كانت عابرة للحدود فان معالجتها يكون عبر فرض الضريبة كمركية كونها تماثل التجارة التقليدية, اما ضريبة الدخل فأنها تحتاج الى تعاون دولي في تحديد المكلف, واذا كانت التجارة داخلية فان حصر المكلفين ودخولها يكون بكل طرق الاثبات شريطة احترام حقوق الانسان.
4- تتحدد آلية فرض الضريبة في مجال تجارة الخدمات او السلع غير المشهودة (كنقل الفيديوهات والكتب الرقمية) بصيغ متعددة اما فرضها على المستهلك من خلال قيام شركات الأنترنت بفرض ضريبة مبيعات على المعاملات المختلفة ثم تقوم بتحويل هذه الضريبة إلى الحكومة , واما بقيام مأمور الضريبة بمراجعة سنوية لحسابات الشركات والمؤسسات بالتعاون مع مؤسسات الرقابة والإشراف على استقبال وبث الانترنت, وام ابفرض ضريبة البايت وتكون بنسب كميات الخزن المتبادلـة, وهو ما أيدته المجموعة الأوروبية, لكنه انتقد بسبب امكانية فرض الضريبة على معلومات غير مرتبطة بتعاملات مالية, كما ان هذا المقترح يصطدم بحق الخصوصية وامكانية ازالة الملفات التي وان استرجعت, الا انها ستمس بسرية الاتصالات.
5- يكون فرض الضريبة ممكناً على حركة رؤوس الاموال–سواء كانت التجارة مادية او غير مادي
6- من الافضل ان يؤكد القانون مبادئ أساسية تحقق العدالة في جباية الضريبة على التجارة الالكترونية
7- ندعو المشرع الى حصر الضريبة على التجارة الالكترونية بيد حكومة الاتحاد كونها من الضرائب العامة بحكم طبيعتها انطلاقاً من مفهوم الاختصاص الضمني.
8- ضرورة التوعية التشريعية والاجتماعية والتثقيف بالتجارة الالكترونية لايجاد الثقة تجاه هذا النوع من التعاملات
9- ضرورة وجود بنى تحتية ووسائل متطورة لاجراء هكذا نوع من التعاملات
في الختام وجهت رئيسة الجلسة الشكر لكلية القانون / الجامعة المستنصرية و عمادتها على استضافتها لهذا الحدث العلمي كما و شكرت الباحثين و الحضور على مساهماتهم و توصياتهم القيمة متمنية للجميع دوام الموفقية والنجاح. كما توجهت بالثناء والشكر لسكرتارية قسم الدراسات القانونية وقسم العلاقات العامة في بيت الحكمة للجهود التي بذلوها في التحضير للندوة، متمنية للجميع الموفقية على أمل اللقاء في ندوات جديدة تناقش قضايا قانونية أخرى مهمة.
المزيد من الاخبار