كتاب تاريخ الاحزاب الاسلامية
2014-09-21
كتاب:تاريخ الاحزاب الاسلامية في العراق:التحول في حزب الدعوة(1957_2009)
تأليف:د.ياماو داي.ترجمة:د.فلاح الاسدي+د.محمودالقيسي.مراجعة:د.شمران العجلي
عرض ودراسة:م.م.محمدجبارابراهيم الجمّال
مقرر قسم الدراسات التاريخية/بيت الحكمة
الكتاب رؤية جديدة لباحث ياباني متخصص في تطور الحركات والأحزاب الإسلامية العراقية عمومًا والشيعية على نحو خاص حسب رأي المترجمين.
يحتوي الكتاب على خمسة فصول متتابعة تأريخياً وموضوعياًً تمثل بمجملها تطور الحركات والأحزاب الإسلامية العراقية منذ أوآخر الخمسينيات وحتى عام 2009.
والنتيجة التي يمكن ان نتصورها فيما يخص الثمرة الفكرية او الاشكالية النظرية التي حاول مؤلف الكتاب الوصول اليها او اثباتها هي ان تحول حزب الدعوة من حزب اممي (الامة الاسلامية) إلى حزب وطني(العراق)في ثمانينيات القرن الماضي،هو تحول تكتيكي،وليس تحول ايديولوجي أصيل،حسب رأيه،أي ان تغير توجه حزب الدعوة إلى المناداة او الدعوة إلى بناء الدولة الوطنية العراقية،لاتعني بالضرورة صيرورة جديدة في منهاجه الفكري،وان خطابه الاعلامي وطروحاته الاسلامية قد حافظت على جوهرها، أوجمودها بمعنى أصح، دون مس او تعديل؟وتعد هذه الفكرة احدى اكثر طروحات الكتاب المثيرة للجدل.
الملاحظ أيضاً،ان مؤلف الكتاب قد تبنى نظرية "الدولة المصطنعة"،التي ترى بان العراق قد تشكل من خلال دمج عدة كيانات ومجموعات ذات خلفيات عرقية وطائفية متنوعة في وقت لم يكن هناك توافق تاريخي وفي ظل ضغوط استعمارية بريطانية لتمرير العملية السياسية بعد انهيار الدولة العثمانية.ووفقاً لذلك،كان على العراق ان يواجه مشكلة معقدة بتوحيد شعب من خلفيات طائفية وعرقية مختلفة في دولة تمر بمرحلة مابعد الاستعمار .
وتقدم نظرية "الدولة المصطنعة" الحجج الاتية:وجد الشعب العراقي ان من الصعب تأسيس هوية وطنية جامعة وموحدة لكون العراق دولة مصطنعة تشكلت عندما لم يكن هناك توافق تاريخي.ويعود ذلك إلى ان كل من الكرد والعرب السنة والعرب الشيعة بدأوا بالمطالبة المتحدية ليدافع كل منهم عن مصالحه.فكان ضرورياً وجود نظام استبدادي لتوحيد الشعب بوطنية ضعيفة.فكان على النظام الاستبدادي ان يوحد الشعب من الاعلى إلى الاسفل،وهكذا،كان من السهل تأسيس نظام استبدادي مثل النظام البعثي وكان ذلك الطريق الوحيد للحفاظ على توحده.
من الممكن توجيه انتقادين لنظرية الدولة المصطنعة التي تبناها الكتاب.فهذه النظرية لم تول اهتماماً لحقيقة ان التوحد الاقليمي والوعي بشأن هذا التوحد قد ترسخ تدريجياً لبناء الشبكات المالية منذ اواخر العهد العثماني،كما كانت هنالك مصالح متعددة حتى ضمن المجموعات العرقية والطائفية نفسها أي روابط ناشئة عن التزاوج،ومصالح اجتماعية وسياسية واقتصادية.لقد أهملت نظرية "الدولة المصطنعة" هذه الحقيقة مما عرضها للكثير من الانتقادات.
ادى إنهيار النظام البعثي الإستبدادي لصدام حسين، بعد حوالي ثلاثين عاماً من حكمه،بغزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، إلى تحول الأحزاب الإسلامية العراقية بعد تجربة طويلة في المنفى الى أحزاب حاكمة بعد الإتفاق الدستوري في كانون الثاني 2005.
تشكلت الحركة الإسلامية في أواخر الخمسينات وحافظت على نشاطها من أجل الإصلاح الإجتماعي- السياسي لتحقيق المشاركة السياسية في العراق حتى منتصف السبعينيات. و كانت الحركة الإسلامية ترنو الى الثورة الإسلامية بعد وصول صدام حسين للحكم. ففي عام 1980، إضطر عدد كبير من قيادات الحركة الإسلامية للذهاب الى المنفى نتيجة للقمع القاسي للنظام البعثي ، فاتجهوا الى إيران المجاورة بعد إندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية. وإنقسم الإسلاميون العراقيون في هذه العمليات وبدأوا نتيجة لذلك بتغيير تحالفاتهم على نحو متكرر في إيران في عقد الثمانينات. وفي العقد التالي، التسعينات، إنقسمت الحركات الإسلامية العراقية على نحو أوسع الى عدد من التنظيمات: حافظ بعضها على نشاطه في إيران، بينما حول البعض الآخر مكان إقامته الى سوريا ثم لندن. فبعد حقبة طويلة من النفي، وصلت الحركات الإسلامية العراقية الى السلطة بعد الغزو الأمريكي والإنتخابات اللاحقة. هذه الحالة العراقية هي الأولى من نوعها في العالم التي تصل فيها حركات إسلامية الى السلطة من خلال الإنتخابات بعد حقبة طويلة من النفي.
وعلى أية حال، فشل النظام العراقي الجديد الذي قادته الأحزاب الإسلامية في تحقيق الإستقرار في البلاد. ففي عراق ما بعد الحرب، (الذي يعرف بالعراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003)، حدثت صراعات متعددة مثل الصراع المسلح ضد القوات الأمريكية، والتنافس السياسي للحصول على مصالح في الدولة (مواقع سياسية، والحصول على الموارد، وتوزيعها وما الى ذلك)، والصراعات على تشكيل المؤسسة السياسية وكذلك مناهج الإندماج الوطني. نتج عن هذه الصراعات صراع "طائفي"، جعل السياسة العراقية غير مستقرة.
حاول المؤلف الاجابة عن التساؤلات الاتية:ما هي العوامل وراء هذه الصراعات وعدم الإستقرار السياسي ؟ كيف طبعت الحركات الإسلامية العراقية التي عانت من حقبة طويلة من النفي بصماتها على عدم الإستقرار السياسي في عراق ما بعد الحرب ؟ كيف طورت الحركات الإسلامية العراقية نشاطاتها وأيديولوجياتها عبر تاريخها الطويل من النفي في المقام الأول ؟ اذ لم تقدم أي من الدراسات السابقة تفسيراً مقنعاً لهذه التساؤلات. لذلك، يحاول الكتاب الحالي ان يبين بوضوح التحول التاريخي للحركات الإسلامية العراقية التي وصلت للسلطة في عراق ما بعد الحرب، ويحلل أيضا عوامل عدم الإستقرار السياسي في عراق ما بعد الحرب بدراسة تحولاتها التاريخية.
وتأسيساً على ما سبق ، يلقي الكتاب الحالي ضوءاً على الحركات الإسلامية العراقية ويوضح تحولها التاريخي بالإفادة من المصادر الأصلية التي لم تستخدم سابقاً. ومن خلال هذه الدراسات، يحاول الكتاب تحليل مؤثرات وتأثيرات تحولها التاريخي على الصراعات السياسية وعدم الإستقرار اللاحق في عراق ما بعد الحرب. والكتاب يطلق على التنظيمات الإسلامية في حقبة المعارضة "الحركات الإسلامية" و بعد وصولها الى السلطة "أحزاباً إسلامية".