من تطبيقات علم اللغة في نقد النص الادبي
2016-01-31
ورشة عمل اقامها قسم دراسات اللغوية والترجمية
من تطبيقات علم اللغة في نقد النص الادبي
اقام بيت الحكمة قسم الدراسات اللغوية والترجمية ورشة العمل الموسومة (من تطبيقات علم اللغة في نقد النص الادبي) في صباح يوم الخميس المصادف 27/1/2016 وعلى قاعة الندوات في بيت الحكمة وقد ترأس الندوة م. ربيع عامر صالح ومقررية المترجم اقدم ميساء فلاح حسين وبحضور عدد من الباحثين والأكاديميين.
الباحثون المشاركون :
- أ.م.د. رضا كامل الموسوي ببحث بعنوان ( علم اللغة في خدمة الترجمة / التناص انموذجاً)
- م.م. حسام عبد الحسين الربيعي – كلية اللغات ببحث ( التناص في ترجمة ابن المقفع لكليلة ودمنة وحكم الامام علي (ع) ).
افتتح رئيس الجلسة ورشة العمل بحديثه عن تطبيقات علم اللغة وأهميتها في الترجمة واحد أركان هذه التطبيقات هو التناص وهو مصطلح نقدي يقصد به تشابه بين نصين صنعته الباحثة جوليا كريستيفا وتعني به تفاعل الأنظمة الأسلوبية في النص ، وتزداد أهمية المصطلح في التفاعلات البنيوية للنص. ثم بدأت ورشة العمل ببحث للأستاذ المساعد الدكتور رضا كامل الموسوي بعنوان ( علم اللغة في خدمة الترجمة / التناص أنموذجا) حيث سعى للبحث في العلاقة الحيوية والآلية بين علم الترجمة ولسانيات النص،وحاجة كل منهما للأخر تلك الحاجة التي تجعلهما لاينفصلان، كيف لا، وهما مرتبطان تاريخيا، والنص هو الرابط بين طريقين، يكون المترجم هو منظم حركة السير والقائد في نفس الوقت، الذي يقود النص من الطريق (أ) إلى الطريق(ب) بنفس الشكل والمحتوى. ولكن في لغة أخرى، وبنفس التفاعل والتأثير تقريبا .ولما نقول التكافؤ الدينامي بين لسانيات النص وعلم الترجمة، فنحن نفهم أن هناك علاقة تربطهما، وتجعلهما يشتركان في عدة أمور، أهمها قضية المعنى.
إن الإلمام بفلسفة التناص يقلل من أهمية دراسة نظريات الترجمة بقصد تحسين أداء المترجم، ويبحث الباحث في هذه الورقة موضوع التناص من خلال دراسة التلميح الإيحائي في النص الأدبي بغرض تبيان النسيج التشابكي بين النصوص المختلفة، حيث يعتقد أصحاب نظريات التناص أنه لايوجد نص لم يقل أويكتب من قبل، وأنه من الممكن تتبع كافة أجزاء النص قيد الدراسة وإسنادها إلى مصادرها التي وردت تلك الأجزاء بها من قبل. والتناص، بإيجاز، هو نوع من النقد الموجه نحو النص، والذي جاء وليد ثلاث نظريات متتابعة هي:النقدالجديد New Criticism ،والبنيوية Structuralism ،والتفكيكية Deconstruction .يفترض التناص أن النص لايمكن أن يوجد مكتفيا بذاته، بل يجري حوارا مستمرا مع النصوص الأخرى، وبذلك فإن معنى النص يعتمد على علاقاته بالنصوص الأخرى .أي أن التناص ببساطة يعني العلاقة بين النصوص، وقراءة نص ما من خلال نص آخر سابق عليه أو معاصر له، أثر فيه. ودارس التناص لايستطيع أن يمنع نفسه من عقد المقارنة بين النصين. وذكر اهمية مبدأ التكافؤ الدينامي: باعتباره مبدأ من مبادئ الترجمة، يسعى المترجم من خلاله إلى ترجمة النص الأصلي والبحث عن المعنى الحقيقي، محاولا خلق نفس الأثر والتفاعل حينما يقرأ المتلقي النص المترجم، وهذا نتاج عمل نايدا في مجال التكافؤ، القائم على التحليل وتحويل البنية العميقة وإعادة التركيب، فحرص نايدا على دراسة نص اللغة المصدر من أجل إستخلاص المعنى، معتمدا على الجوانب اللفظية القواعدية للوحدات المباشرة وسياق لغة الخطاب.
وعرض الباحث نظريته في تحليل التناص في الترجمة راجيا من الحضور نقدها والإضافة عليها من قبل الأساتذة الحضور للوصول الى هدفها العلمي:
تستند هذه النظرية الى نظرية الانعكاس الشرطي لبافلوف والتي ترى ان التعلم يحدث نتيجة وجود مثير يؤدي الى التعلم مما جعلها تاخذ اسم التعلم الشرطي .
وباعتقاد الباحث ان هنالك تناص شرطي يحدث نتيجة وجود مثير في النص الاصل الى حدوث تناص في النص الهدف والمخطط التالي يبين ذلك :
1- مبدأ التعزيز (استجابه ـــــــــــ مكافئه )
في التناص يكون :مكافيء دينامي مناسب للمعنى ـــــــــــــــ ترجمة مناسبة
2 مبدأ الانطفاء مكافيء غير مرغوب به ــــــــــــ انطفاء حالة التناص .
بعد ذلك عقب رئيس الجلسة بالثناء على النظرية المبتكرة من قبل الباحث ذاكرا اهمية النظريات في علم اللغة واهمية المترجم والعلاقة بين النص والمترجم فالترجمة هي علم وفن وتلعب فيها الإيديولوجية دورا كبير .
ثم جاء البحث الثاني للمدرس المساعد حسام عبد الحسين الربيعي والمعنون (التناص في ترجمة ابن المقفع لكليلة ودمنة وحكم الامام علي (ع)) متناولاً التناص بكونه احد المصطلحات اللغوية الغربية الحديثة التي تشير إلى وجود علاقة بين نص وأخر سابق له او متزامناً معه، ولعل الكاتب الكبير ابن المقفع صاحب الترجمة العربية للكاتب القصصي الرائع (كليلة ودمنة) قد استعمل تناصا منقطع النظير مع حكم الأمام علي (علية السلام) من خلال التفاعل الكبير مع هذه الحكم لإثراء مادته العلمية لانتاج ترجمة أدبية بأسلوب قصصي جميل لكتابه الشهير (كليلة ودمنة) الذي مر بمرحلتين رئيسيتين من الترجمة الأولى قبل الاسلام، من اللغة الهندية السنسكريتية الى اللغة الفارسية البهلوية بواسطة الطبيب الفارسي برزوية بناءً على طلب الملك خسرو انوشيروان، والمرحلة الثانية، بعد الإسلام من اللغة الفارسية البهلوية إلى العربية عن طريق ابن المقفع. ثم ترجم إلى اللغات الأخرى. وقد قسم بحثه على ثلاثة مباحث، المبحث الأول ويحتوي على:
- المعنى اللغوي للفظ التناص.
- المعنى اللغوي للفظ الحكمة.
- قبس من حياة ابن المقفع.
- مسك ختام هذا المبحث الإمام علي بن ابي طالب(عليه السلام)
المبحث الثاني: التعريف بكتاب كليلة ودمنة.
المبحث الثالث: التناص بين حكم كليلة ودمنة وحكم الإمام علي (علية السلام)
يحتوي كتاب ترجمة كليلة ودمنة لابن المقفع على تسعة عشر باب وقد قسم الى
اسم الباب: مقدمة الكتاب
تناص ابن مقفع: ان مجاور رجال السوء ومصاحبهم كراكب البحر: ان سلم من الغرق لم يسلم من المخاوف.
نص حكمت الإمام علي (ع): مصاحب الأشرار كراكب البحر ان سلم من الغرق لم يسلم من الفرق.
ترجمة حكمت به فارسي.
ذكر الباحث عدة امثلة عن كتابات ابي المقفع وتناصها مع اقوال الامام علي (ع) منها:
فأن العقلاء الكرام لايبتغون على معروف جزاء - كليلة ودمنة
خير الكرم جود بلا كرم مكافات - الامام علي (ع)
من قاتل من لايقوى عليهه فقد غرر بنفسه - كليلة ودمنة
طوبى لمن لاتقتله قاتلات الغرور - الامام علي (ع)
ثم في الختام اشار رئيس الجلسة الى قضية تأثر الادباء العرب بأقوال وحكم الامام علي (ع) مثل المتنبي والبحتري وكذلك تأثرهم بالقران الكريم .وتخللت الجلسة تعقيبات جاءت على لسان الباحثين وكانت كالتالي:-
1. ذكر د. رياض خليل التميمي نشأة اصول التناص حيث تعود الى المدرسة الروسية وتحدث عن العلاقة المتداخلة بين الرموز اللغوية التي تعتمد محورين . وعندما نتحدث عن التناص يجب مناقشة امرين التناص الداخلي والتناص الخارجي ( البيئة) وتطرق الى انموذج وتحليل عن التناص في احدى الروايات الاسطورية .
2. اشار د. محمد اسماعيل الشبيب الى كلام أ.م.د. رضا الموسوي بوجود مثير يحفزه للترجمة وهذا الحافز حسب راي المعقب هو حافز اما سلبيا او ايجابياً . فالترجمة تعتمد على الاختلاف الثقافي الذي يحفز لديك تحدي الترجمة.
3. عقب د. سامي عبد الحسن الربيعي بأنه لدينا بنية عميقة من الكلمات والنصوص ورغبتنا كبيرة في تحويلها الى بنية ظاهرة مع الحفاظ على النص الاصلي ويحتاج المترجم الى معرفة ثقافة البلد والمعادل اللغوي فمثلاً بعض الكلمات لاتترجم بصورة مكافئة .
4. تساءل د. طالب السعيد حول نظرية الاطفاء التي ذكرها الباحث الاول ولماذ هي غير مرغوبة ومن من ؟ ومالذي اعتمد عليه في وضع الاسس. واجاب الباحث بان النظرية غير مرغوبة من القاريء واعتمد في نظريته على الاسس المعتمدة في نظريات سابقة مثل باغنتين وبعض المنظرين.
5. واضافت د. وفاء خضر محمد علي بان اللغة تعكس روح المجتمع التي انتجتها ويجب على المترجم الاحساس بالكلمة.
6. واشاد الاستاذ المساعد ليث حسن بالباحثين واعتبر النص ركنا أساسيا للمترجم وحاضرا في الترجمة لكي يفهم المتلقي من ثقافة اخرى النص الادبي المترجم منه.
7. واخيرا تساءل الاستاذ مظفر الربيعي ماهو المعيار الذي يميز التناص عن السرقة ؟ اجاب الباحث الثاني بان السرقة هي ان تاتي بالنص عينه وتضعه في بحثك اما التناص فهو اخذ مايتواءم ويتناص مع النص الاصلي.
التوصيات:
1.العمل بمبدأ التكافؤ الدينامي حيث يسعى المترجم الى ترجمة النص الاصلي بنفس الهدف.
2. عقد ندوات للمعايير النصية مثل السبك والحبك والقصد والقبول لما لها اهمية في الترجمة ولتعريف المتلقي والمترجم بأهميتها.
3. حث المترجم بالاحاطة بالنظريات والمصطلحات اللغوية والاطلاع على الثقافات المختلفة لتنعكس على الترجمة فتظهر بالشكل القريب للنص الاصلي من خلال عقد ورشات عمل تفاعلية بهذا الخصوص.
4. الحث على النشر الالكتروني والورقي لهكذا بحوث جديدة في المجال البحثي الخاص بتطبيقات علم اللغة ومنها التناص وذلك لغرض الاطلاع لأكبر عدد ممكن من القراء والباحثين .
|