نشاط مشترك :دراسات في الفكر الصوفي
2011-07-19
نشاطاً مشتركاً تحت عنوان (دراسات في الفكر الصوفي) على قاعة الدكتورة آمال شلاش في بيت الحكمة يوم الاحد الموافق 19/ تموز/ 2011
يقيم قسم دراسات الاديان بالتعاون مع قسم الدراسات الاجتماعية
نشاطاً مشتركاً تحت عنوان (دراسات في الفكر الصوفي) على قاعة الدكتورة آمال شلاش في بيت الحكمة يوم الاحد الموافق 19/ تموز/ 2011
رئيس الجلسة: أ.د. كامل المراياتي
الباحثون:
أ.م.د. جعفر نجم
أ.م.د. نظلة احمد الجبوري
د. اياد الصلاحي
السيد حكمت البخاتي
المقررة: د. فريدة جاسم
المعقب: السيد علاء حميد
دراسات في الفكر الصوفي
يسعى قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة لدعم نهجه العلمي في توظيف الاتجاهات الفكرية لخدمة قضايا الإنسان والمجتمع من خلال تهيئة السبل التي ترتقي بالمستوى العلمي والثقافي ,وعليه عقد القسم ندوته العلمية الموسومة (دراسات في الفكر الصوفي ) بالتعاون مع قسم دراسات الأديان في بيت الحكمة ،على قاعة الدكتورة أمال شلاش في الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء المصادف 19/7/2011 بحضور رئيس مجلس أمناء بيت الحكمة الأستاذ الدكتور شمران العجلي ، ونخبة من الباحثين والمثقفين والأكاديميين وطلبة الدراسات العليا ,فضلا عن عدد من الصحفيين والقنوات الفضائية.
وقد أدار الندوة المفكر الدكتور متعب مناف جاسم منوها بأهمية الموضوع كونه امتدادا لأحد أهم الموضوعات في علم الاجتماع والانثروبولوجيا الا وهو موضوع الفكر الاجتماعي فضلا عن أهمية ما اعد لهذه الندوة من بحوث علمية رصينة وتعقيبات ,وقد ضبط وقائع الندوة المقررة الدكتورة فريدة جاسم.
وكان البحث الأول في هذه الندوة بعنوان (الجذور الاجتماعية في الفكر الصوفي) للباحث حكمت البخاتي الذي تحدث بانه في الوقت الذي نضب فيه الفقه وانكمشت حركته في التقليد ووقف الفقهاء والعلماء عند حدود الظاهر واستفرغ هذا الظاهر كل مقولاته وعجز ضغط الواقع عن استثارة دفائنه في الشريعة وهو عجز يعود الى الواقع الحضاري والثقافي ذاته في المجتمع الاسلامي في القرن الثالث الهجري ,اضافة الى محدودية العقل الفقهي بمحدودية السنة النبوية,وبعد بروز مدارس النقل تجمد الفقه وكسلت الشريعة وانزاح الاجتهاد لصالح التقليد انبثقت حركة التصوف وتجاوزت الظاهر بعد ان أصابها شلل الفقه وجموده فلجأت الى الباطن والتأويل من اجل ضخ المعنى الديني ي الشأن الاجتماعي في الإسلام. وفي ضوء هذه الحقيقة كما يرى الباحث تنضوي رؤية التصوف للواقع الاجتماعي والمقام التاريخي للانسان والمجتمع, فبعد ان يتردد الصوفي في قناعاته وتجلياته ويقطع مراحل سيره نحو الحق ومن ثم يبدأ سيره من الحق الى الخلق ,وفي ذلك السير يبدأ فعل التصوف وأثاره في الاجتماع الاسلامي وتاريخه البشري لكن منحى التجدد يأخذ اتجاه اخر غير منحى الفقه في الشريعة فهو بحركته نحو الله تعالى او العالم الذي صدر عنه هذا الانسان على نحو صورة الله تعالى يمارس حركة جوهرية بالعودة الى جوهر الوحي بذاته.علما ان التصوف بحسب رؤية الباحث ليس بالضد من الفقه ,وهو يفهم ممارسته عند الصوفية ضمن مشروعات الدين ومباحاته ان لم يكن من ضروراته او واجباته.
وجاء البحث الثاني بعنوان (الانسان الكوني في الفكر الصوفي ) للاستاذ المساعد الدكتور جعفر نجم ناصر اذ يستجلي في بحثه علاقة الانسان بالكون والتي مرت باطوار وادوار مختلفة بين مشاعر الذهول والحيرة ,وبين الصعودوالهبوط ,وتقدم العقل بمعارفه وعلومه الذي ظل هاجس الكون حاضر ومستمرا في ظل الثورات المختلفة سيما الثورة المعلوماتية التي تحاول السيطرة على الكون عبر انتاج انسان كوني يعرف الجميع ويعرفه الجميع ويمارس الانشطة الثقافية والاقتصادية كافة وحتى السياسية في ظل ثقافة الصورة التي أحلت محل الثقافة المكتوبة . ولكن هذه التطورات التي تقول بالكوننة والتعددية في حقيقة الامر وكما يؤكده الباحث تدعو الى تنميط العالم والمجتمع الكوني على اسس تجربة حضارية واحدة الا وهي تجربة الغرب بوجهها المتأمرك. وهنا ياتي الانسان /الصوفي ليقلب الطاولة على الجميع ويقول هأنذا لا أفرض لونا واحدا ولا أرفض الالوان المتعددة الدينية والحضارية, انه ذلك الانسان الذي يحاول ان يعرج بالعالم الى الكونية برؤى روحية متعددة ليقيم عالما يخلو من المتناقضات والازمات ليشغل العالم بحقيقة الالوان وجمالها لا بحقيقة التلوين الذي تمارسه الحضارة الغربية.
وجاء البحث الثالث بعنوان (الحب الالهي في الفكر الصوفي) مشرف قسم الدراسات السياسية في بيت الحكمة الاستاذ المساعد الدكتورة نظلة الجبوري التي اشارت الى ان الحياة الصوفية سمو روحي يربط الصوفي بربه ، تؤسس على مفهوم الحب الإلهي " لا محبوب إلاّ الله " ، بوصفه السفر الروحي للمثول في الحضرة الإلهية . الحب الذي يغدو نقطة الإبتداء فيه يثبت الصوفي وجوده ، ونقطة الانتهاء فيه يصل الصوفي الى منتهاه (الله) ، ولذلك يكون تعبير الصوفي عن نفسه على وفق ما أرى ( أنا أحب إذن فأنا موجود )وعليه يعكس الحب الإلهي معاني ودلالات الفناء الصوفي تحقيقاً لآفاق التوحيد الإلهي من حيث التمييز بين (ألهو) و(الأنت) و(الأنا) ليس بوصفها ضمائرً لغوية ، بل بوصفها مراتباً توحيدية تشير الى المدارج الصوفية المفترض تجاوزها من الشعور وهو يقيم شهادته على الوحدة والحب الإلهي وهكذا يشعر الصوفي في الحب الإلهي بإثراء في كيانه الروحي . فما أحوج روح الإنسان الى الصفاء والتأمل وسكون الروح الى محبوبها (الله) ، ليكون للفكر الصوفي الدور في البنيان الإجتماعي والنفسي للفرد بوصفه سلوكاً وخُلقاً وتأمُلاً وحياة
اما البحث الرابع الموسوم (أخلاقيات التصوف :قراءة فلسفية )للدكتور أياد كريم الصلاحي الذي اكد على ان هناك تساؤلين جديرين بالمناقشة في دراسته للعلاقة بين التصوف والأخلاق ؛ الأولى تتعلق بالتساؤل الرئيس في فلسفة الأخلاق وهي الإجابة عن ما هية مصدر الحقوق والواجبات الأخلاقية؟ ذلك لأن دعوى المتصوف هي انه أياً ما كانت الحقيقة الجزئية او النسبية التي يتضمنها مذهب المنفعة العامة ,او مذهب اللذة او المذهب الحدسي في الأخلاق او مذهب الواجب ,فإن المصدر النهائي للقيمة الأخلاقية يكمن في التصوف نفسه ، والتساؤل الثاني الذي يجد الباحث نفسه مدعواً لمناقشته ليست فلسفية بالمعنى الصحيح على الإطلاق وربما كانت تاريخية او اجتماعية وهي تثير السؤال عن التأثير الفعلي للتصوف في الحياة الخيرة .اهو يجعل الناس أكثر أخلاقاً أو اقل ,اكثر نشاطا في تقديم المساعدة لإخوانهم من البشر في حب او يجعلهم اقل ؟ اهو يعمل كباعث للحياة النبيلة ام انه لا يصلح أساساً الا كباب للهروب من مسؤوليات الحياة ؟ وعلى الرغم من أن هذا السؤال ليس فلسفياً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة فهو مع ذلك لا يمكن تجاهله اذا ما أردنا تقدير قيمة التصوف كعنصر في الثقافة الإنسانية .
وبعد ذلك جاء دور المعقب السيد علاء حميد ليلقي ورقته الموسومة(الفكر الصوفي:جدلية الحقيقة والشريعة) مؤكدا بان التصوف بدأ كتجربة فردية ثم تحول الى ظاهرة دينية عامة,بمعنى ما يذهب اليه الباحثين بان اصحاب الديانات هم في الاساس متصوفة,وهنا تسأل الباحث كيف يمكن دراسة التصوف لاسيما ان له مسارين اولهما داخلي باطني وثانيهما خارجي وجودي,لكن بالامكان رصد التصوف بشكله العام كونه قائم على ثلاث أبعاد هي: الشخصيات(المتصوفة والعرفانية),والطرق الصوفية,والنصوص الصوفية والعرفانية.
وبخصوص البحوث المقدمة للندوة بشأن الفكر الصوفي فقد أهتمت بمستويين ظهر من خلالها كيف يتضاد ويتقاطع السلوك الصوفي والفقهي,ففي المستوى الاول تعاملت البحوث مع التصوف كتجربة روحية تدفع الانسان من الخصوصية الضيقة الى الكونية الرحبة,اما المستوى الثاني فالبحوث نظرت الى التصوف كممارسة اجتماعية يمكنها استيعاب أزمات المجتمع ومحنه.
وبعد القاء المعقب لورقته شارك الحضور بشكل فعال عبر الاسئلة والمداخلات والملاحظات التي أثبتت حيوية الندوة من خلال الموضوع الذي تناولته البحوث والتي أتسمت بالعلمية والموضوعية والحيوية في أن واحد.
أ.د. كامل المراياتي
مشرف قسم الدراسات الاجتماعية
|