المسؤوليات المشتركة لمواجهة تغيرات المناخ على ضوء نتائج مؤتمر 27 COP
2022-12-22
ندوة اقامها قسم الدراسات الاجتماعية
(المسؤوليات المشتركة لمواجهة تغيرات المناخ على ضوء نتائج مؤتمر cop27)
التي اقيمت يوم الخميس الموافق22/12/2022في بيت الحكمة
تعد ظاهرة التغير المناخي من ابرز المشكلات والتحديات التي تواجه خطط التنمية المستدامة في بعدها البيئي أولا فضلا عن بقية الابعاد ، والناجمة عن تزايد الأنشطة البشرية وزيادة استهلاك الطاقة غير المتجددة من الوقود الاحفوري مما يشكل تهديدا للامن الإنساني والعالمي، بل تهديد وجودي للبشرية والكائنات الحية الأخرى ، لهذا وجب على دول العالم كافة العمل معا لمواجهة هذه المشكلة ضمن مبدأ المسؤوليات المشتركة المتباينة .
ورغم أهمية وخطورة ظاهرة التغيرات المناخية على مختلف أوجه الحياة الا ان المتتبع للشأن العام في العراق يمكن ان يلحظ بسهولة ضعف السياسات المتبعة لمواجهة الأخطار والتحديات الناجمة عن ذلك . ، وفي هذا الصدد تشير التقارير الدولية المتخصصة الصادرة عن المنظمات الدولية عن حالة العراق الى ان العراق يعد خامس أكثر دولة تأثراً بالتغير المناخي كما تعد بغداد ثالث اكثر عاصمة تلوثًا في ألعالم .
وبناء على ما تقدم ولخطورة التداعيات الناجمة عن ظاهرة التغيرات المناخية على مختلف مناحي الحياة في المجتمع العراقي ولغرض مناقشة ذلك على وفق ابرز المستجدات الدولية التي شهدها العالم والمنطقة لمعالجة هذه المشكلة ، عقد قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة الندوة العلمية الموسومة ( المسؤوليات المشتركة لمواجهة تغيرات المناخ على ضوء نتائج مؤتمر cop27 ) وذلك في يوم الخميس الموافق ٢٢ / ١٢ / ٢٠٢٢ على قاعة الندوات الوسطى في بيت الحكمة الساعة العاشرة صباحا.
تضمن منهاج الندوة الآتي :-
رئيس الجلسة : د. مهدي العلاق / الأمين العام السابق لمجلس الوزراء .
مقررة الجلسة : ا.م.د.خديجة حسن جاسم / قسم الدراسات الاجتماعية / بيت الحكمة .
الباحثون المشاركون :-
١.ا.د. سمير العطار/ وكيل وزارة العلوم والتكنولوجيا السابق / تحديات التكيف مع تغير المناخ في العراق . ( المشاركة عبر تطبيق الزووم ( اونلاين ) ) .
٢.ا.د. كاظم عبد الأمير محسن الزيدي / جامعة البيان – كلية التقنيات الصحية والطبية / مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ بين الواقع والتحديات : اضاءة على مؤتمر شرم الشيخ cop27 .
٣.ا.د. ثامر الحلفي / أستاذ واستشاري في الشؤون الصحية / التغيرات المناخية وتأثيرها السلبي على الصحة في العراق والعالم .
وقد خرجت الندوة بجملة من النتائج والاستنتاجات نذكر منها :-
❖ يؤثر التغير المناخي على الظواهر المناخية، الموارد المائية، والأنظمة الطبيعية ،والأنظمة الاقتصادية والاجتماعية …الخ وستكون المجتمعات الأشد فقرا هي الأكثر تضررا من تغير المناخ نظرا الى قلة مالديها من موارد يمكن استثمارها في منع تأثيرات تغير المناخ والتخفيف منها .
❖ اصبح التغير المناخي واقعا يتطلب التعايش معه اذ يستجيب الانسان بشقين هما :- ( الحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وعلى رأسها ثاني اوكسيد الكاربون للحد من التغير المناخي و التوافق مع الواقع الذي يفرضه التغير المناخي عبر التخطيط السليم للتوافق من خلال توافر التمويل وفهم التأثيرات والقطاعات المتأثرة به )
❖ يمكن ان يؤدي التبكير باتخاذ تدابير لتحسين التنبؤات المناخية الموسمية ، والمهددة للأمن الغذائي وامدادات المياه العذبة ، والاستجابة في حالات الكوارث والطوارئ ، وتطوير نظم الإنذار المبكرللكوارث عموماً والمجاعات ، والتغطية التأمينية الى الإقلال الى ادنى حد من الضرر الذي ينجم عن تغير المناخ .
❖ ان مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ تلخص رد الفعل العالمي الاوسع على الانهيار المناخي ، ويعد التقرير الصادر عن مؤتمر المناخ بشرم الشيخ cop27 من بين اكثر التقارير وضوحا التي تحدد الاستثمار المطلوب عبر المجالات الثلاثة العريضة التي تغطيها محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ وهي : ( الحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري ، والتكيف مع التأثيرات المناخية المستقبلية ، وتعويض الفقراء والدول الفقيرة عن الاضرار التي يتكبدونها نتيجة التغير المناخي ) .
❖ على الرغم من الجهود الدولية التي بذلت لتحقيق الحماية الكافية للبيئة من خلال عقد المؤتمرات المتعددة الا ان المفاوضات الدولية التي جرت قد فشلت بنسبة ما في التوصل الى قواسم مشتركة بالتزامات حقيقية ، ورغم ذلك فقد اثبتت التجربة ان المؤتمرات الدولية عامة لا تحقق نجاحات فورية ، لكنها تشكل أرضية مناسبة للوصول الى اتفاقات لاحقة ، كما ان هذه المؤتمرات لاتخرج بوعود كبيرة الا اذا ضغطت هيئات المجتمع المدني في هذا الاتجاه ، لكن حتى لو اطلقت هذه الوعود فتنفيذها يحتاج الى قرارات على المستوى الوطني بشأن إقرارالموازنات والقوانين والسياسات العامة لتنفيذها .
❖ أظهرت نتائج الدراسات المتعلقة بالتغير المناخي حجم المشكلة على قطاع الصحة العامة وصحة الافراد من مختلف الجوانب لاسيما تلك المتعلقة بزيادة معدلات الأمراض المزمنة ، والحالة التغذوية للأطفال والامن الغذائي نتيجة انخفاض معدل الإنتاج الزراعي وبالتالي زيادة الأسعارفضلا عن زيادة حالات الإصابة بالأمراض الانتقالية والتأثير السلبي الكبير على صحة المرأة بشكل خاص نتيجة التباين في الوصول والحصول على خدمات صحية ذات مواصفات جيدة لشريحة النساء وذلك لانهن اقل حركية من الرجال واقل إفادة من وسائل الاتصال التقليدية كما انهن اكثر عرضة للمخاطر المصاحبة لسوء التغذية والامراض المنقولة عبر المياه وزيادة التعرض للأمراض المنقولة عن طريق الحشرات …. ولايؤثر هذا فقط على صحة النساء فقط بشكل مباشر ، بل يمتد ليؤثر على قدراتهن لرعاية افراد العائلة المصابين والمرضى علاوة على زيادة حالات العنف ضد المرأة.
❖ ازدياد حالات الإصابة بضربات الشمس وانتشار الأمراض الجلدية والأمراض المنقولة بوساطة النواقل الحشرية مثل الملاريا وغيرها من ناقلات الأمراض المعدية ، والحمى الصفراء والغدد اللمفاوية والأمراض البكتيرية … ، وكذلك زيادة الإصابات بأمراض الجهاز التنفسي وتهيج العين والانف والتهاب القصبات الهوائية نتيجة العواصف الترابية والغبار ، فضلا عن ازدياد حدوث المشكلات النفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسب التلوث .
❖ يمكن رصد ابرز المخاطر للتغيرات المناخية التي يتعرض لها العراق بالآتي :-
1. زيادة درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية وبالتالي زيادة معدلات التبخر وكل ذلك يؤدي الى زيادة الضغط على مصادر مياه الزراعة وقلة الإنتاج الزراعي وزيادة معدلات التلوث وانتشار الامراض .
2. زيادة معدلات التصحر وتدهور الإنتاج الزراعي وتأثر الامن الغذائي نتيجة لذلك وبالتالي ارتفاع في وتيرة امراض سوء التغذية والتقزم لدى الأطفال والتي تضعف صحة الطفل وانتاجيته في المستقبل وتدهور وتآكل رأس المال البشري نتيجة لذلك .
3. زيادة معدلات الإحداث المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والعواصف الترابية ، تزايد موجات الجفاف وتناقص هطول الامطار.
4. تأثيرات اجتماعية واقتصادية كهجرة السكان من المناطق المتضررة الى المناطق المأهولة وبالتالي الضغط على الخدمات وارتفاع نسب البطالة والعمالة الهامشية، ومنها بشكل خاص سكان مناطق الاهوار نتيجة جفاف غالبيتها.
5. انخفاض الموارد المائية التي يعتمد عليها العراق ليس لأغراض الشرب فقط وانما في الجانب الاقتصادي والزراعي نتيجة لمعاناته من شبه حصار مائي من دول المنبع فضلا عن تناقص وانعدام هطول الامطار وارتفاع درجات الحرارة وكذلك تغير التوزيع الزمني للتغير المائي في الأنهار إضافة الى تغير المعدلات.
6. عادة ما يصاحب التغيرات والكوارث المناخية تدمير للبنية التحتية التعليمية الذي يقضي أو يقوض من القدرات المحلية للحفاظ على العملية التعليمية واستمرارها فضلا عن ان الأعباء المالية التي تفرضها الاستجابة السريعة والطارئة للتغيرات المناخية غير المؤاتية التي عادة ما يصاحبها تقويض الاستثمار في تحسين نوعية التعليم .
التوصيات :-
❖ توافر الدعم المادي لمشاريع الابتكار التقني (التكنولوجي) ذات المدى الطويل التي تستهدف الى إحداث تخفيض في الانبعاثات وتمويل المبادرات التي تستحدث مجالات عمل جديدة صديقة للبيئة ، وتشجيع طرح مجالات جديدة لمعالجة مشكلة التغير المناخي فضلا عن عمل مشروعات استرشادية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، وتشجيع مشروعات تحسين كفاءة الطاقة من خلال وزارة الكهرباء بعمل مشروعات عدة في مجال الطاقات المستدامة مثل ( الرياح -الشمسية - المائية – الحيوية ) .
❖ قيام مركز الأبحاث الزراعية بإجراء دراسات عن تأثير المناخ على انتاج المحاصيل الزراعية واستنباط أنواع جديدة لها القدرة على تحمل درجات الحرارة وتشجيع زراعة المحاصيل الموفرة للمياه وتقليص المساحات المستهلكة للمياه مثل الأرزوقصب السكر وانشاء الغابات الشجرية من خلال تشجيع الشباب وافراد المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية بزراعة الأشجار التي تلائم كل منطقة للحد من التلوث وإبقاء المدن باردة ….
❖ العمل على تشكيل مجلس وطني اعلى للمناخ يضم الجهات المعنية بقضية تغيرات المناخ من مختلف الهيئات والوزارات المعنية لوضع التصور للسياسات والبرامج وآليات التنفيذ لمواجهة والتكيف لتغيرات المناخ فضلا عن بناء القدرات وتفعيل برامج المساعدات الدولية والفنية وتأمين التمويل المناسب للحد من اضرار التغيرات المناخية ونقل التقنية اللازمة للتوافق مع تغيرات المناخ في جميع القطاعات .
❖ توجيه البرامج التعليمية في المراحل الدراسية كافة نحو تحقيق مفهوم الاستدامة من خلال ادماج قضايا التغير المناخي وآثاره السلبية الحالية والمستقبلية في المناهج والمقررات الدراسية ، وتدريس مفاهيمه ومجالاته بطرائق وأساليب تدريس غير تقليدية ، والتي تجعل المتعلم إيجابيًا في جمع المعرفة واستخلاص النتائج والوصول الى تعميمات .
❖ تعزيز برامج التعليم غير النظامي من خلال وسائل الاعلام والربط الشبكي والشراكات بهدف زيادة وعي الجمهور العام بتغير المناخ وتعزيز فهمه لهذه المشكلة بغية تشجيعه على تغيير العادات الاستهلاكية وانماط السلوك المرتبطة باستخدام الطاقة وتوافر التدريب ، لان الاستجابات الفاعلة لتغير المناخ ستعتمد أيضا على التنمية المهنية والتدريب .
❖ دعم التعاون الإقليمي لتطوير أنظمة الرصد والانذار المبكر للكوارث المناخية ، والمشاركة في التعاون والحوار الإقليمي حول نظم انتاج الأغذية .
❖ دمج البعد النوعي في برامج تغير المناخ من اجل التصدي بفعالية لاحتياجات وأولويات النساء والرجال ، وضمان المشاركة الكاملة والهادفة للمراة ، ويجب ان تستند إجراءات التكيف مع تغير المناخ الى التشاور مع النساء وبناء قدراتهن ومعارفهن وتوفير الفرص لتحسين الصحة والتعليم وسبل العيش ، ومن شأن زيادة مشاركة المرأة تحقيق المزيد من المكاسب البيئية والإنتاجية وعوائد اكبر تحقيقاً لاهداف التنمية المستدامة 2030.
❖ القيام بالأبحاث التي تستهدف تقويم التغيرات المناخية وتأثيرها على الصحة وتقويم قدرة كل بيئة ومنطقة على التكيف ، وتسهيل الحصول على المعلومات في هذا المجال ، علاوة على العمل على بناء القدرات وتطوير الأنظمة الصحية وتوافقها واستعدادها للاستجابة لتغير المناخ .
❖ تطوير المنظومة الصحية للارتقاء بصحة المواطن ، وتبني (إستراتيجية) مع وزارات البيئة والزراعة … للتخلص من مسببات امراض الحيوان الوافدة والمتوطنة والأمراض الناتجة عن التلوث وتحديد سقف زمني لذلك .
❖ تفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في رسم وتنفيذ برامج ومشاريع حماية البيئة والتكيف للتغير المناخي والعمل على تكوين مجموعات ضغط من خلال تنسيق الجهود والتشبيك مع المنظمات الدولية المعنية بقضايا البيئة لمطالبة الدول الصناعية بضرورة الوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاقيات المناخ ، فضلا عن مراقبة جدوى التشريعات الوطنية ، والمطالبة بها ان لم تكن موجودة
|