يوسف فان أس (1934-2021).. بين علم الكلام الإسلامي والتصوف
2022-02-28
ندوة اقامها قسم الدراسات التاريخية
استذكاراً لدوره الريادي في الحركة الاستشراقية، وتثميناً لمنجزاته العلمية والأكاديمية، أقام قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة، ندوةً علمية تحت عنوان:
يوسف فان أس (1935-2021): بين علم الكلام والتصوف.. رؤية عراقية
تناولت السيرة العلمية للبروفيسور الألماني يوسف فان أس (1935-2021)، يوم الاثنين الموافق 28/2/2022، على قاعة الندوات في بيت الحكمة.
اُقيمت الندوة برئاسة ا.م.د. حيدر قاسم التميمي ومقررية السيدة بثينة هاشم ياسين وحضورمعالي الأستاذ الدكتورمحمد حسين آل ياسين رئيسالمجمع العلمي العراقي ورئيس مجلس أمناء بيت الحكمة والبروفيسور مارغريت فان أس من معهد الآثار الألماني.
شارك في الندوة الباحثون:
أ.د. ناصر عبد الرزاق الملا جاسم. جامعة الموصل / كلية الآداب
ببحثه الموسوم بـ: (يوسف فان أس وعلم الكلام بين المفاهيم الاستشراقية واستقراء المصادر الإسلامية).
أ.د. محمود عبد الواحد محمود القيسي. جامعة بغداد / كلية الآداب
ببحثه الموسوم بـ: (يوسف فان أس بين آخن وبغداد وتوبينغن.. وجهة نظر قروسطوية).
أ.د. ليث شاكر محمود العبيدي. جامعة بغداد / كلية الآداب ببحثه الموسوم بـ: (يوسف فان أس والفكر الإسلامي.. منظور الدراسات الإسلامية).
استهل الدكتور التميمي الندوة بالترحيب بالحديث عن كون هذا النشاط يتميز عن باقي نشاطات القسم باختياره علماَ من أعلام الاستشراق الألماني المعاصر الذي ارتبط بأواصر علاقات علمية وثقافية مع جهات متعددة في العراق، كالمجمع العلمي العراقي حيث اُنتخب عضوا فيه منذ سبعينيات القرن الماضي، وبيت الحكمة، وجامعة بغداد، مبيناً أن البروفيسور فان أس يُعد بحق نقطة فاصلة بين جيلين من أجيال المستشرقين الألمان، كان معتزا كثيرا بتتلمذه على يد (هيلموت ريتر) رائد الدراسات الاستشراقية في ألمانيا خلال النصف الأول من القرن الماضي، وخليفة لـ (رودي باريت) كأستاذ كرسيّ الدراسات العربية الإسلامية في جامعة توبنغن.
لم تقتصر كتابات (فان أس) على مجال علم الكلام، إنما شملت بمحتواها جميع فروع وموضوعات العقيدة الإسلامية، وهناك الكثير من الموضوعات التي أثارها طوال مسيرته العلمية ما زال بالإمكان البحث فيها واعتمادها موضوعاتِ لرسائل واطاريح أكاديمية في جامعاتنا.
ثم تحدث الأستاذ الدكتور محمد حسين آل ياسين عن الدور الكبير والفاعل الذي أداه البروفيسور فان أس في تحقيق الكثير من المخطوطات العربية ومن ضمنها اثنين من المخطوطات النادرة القديمة التي تتحدث عن القدرية إحداهما لمحمد بن الحنفية، والتي نشرها ضمن كتبه والثانية كتبها أو أملاها عمر بن عبد العزيز حول الموضوع نفسه.
واستطرد الدكتور آل ياسين مبينا أن البروفيسور فان أس كان مصمما منذ سني شبابه الأولى للتسلح بالعدة العلمية اللازمة للولوج إلى عالم الاستشراق والتحقيق وكل ما يمت للتاريخ بصلة حيث وصل بهِ الشغف في هذا المجال إلى دراسة اللغات التي كُتبت بها الكتب التي تتحدث عن التصوف وعلم الكلام مثل الفارسية والتركية والعربية وغيرها. وكانت أعظم إنجازات هذا العالِم كتابة موسوعته عن علم الكلام، بأجزائها الست والتي تُرجم منها جزءان فقط.
أما البروفيسور مارغريت فان أس ابنة المحتفى به وعضو معهد الآثار الألماني فقد تحدثت عن ذكرياتها مع والدها على مدى (40) عاما من مرافقته في جولاته العلمية الاستكشافية والتي بدأتها في العراق باعثة فيها حب التاريخ والآثار، مستذكرة تجوالهما بين لبنان والعراق وسوريا مشيرة إلى أن موهبته اللغوية وطموحه العلمي مكنتاه من إجادة اللغات العربية والفارسية والتركية وهو في سن الـ(19) عاماً. مشيرة إلى أن والدها قدّم إعفاء من التدريس في الجامعة حتى يتفرغ للكتابة التي كانت شغفه الحقيقي.
أولى الأوراق البحثية المشاركة كانت للأستاذ الدكتور ناصر عبد الرزاق الملا جاسم تحت عنوان: (يوسف فان أس وعلم الكلام بين المفاهيم الاستشراقية واستقراء المصادر الإسلامية).
تحدث الباحث عن الاهتمام المتزايد بالاستشراق والذي حدا بجامعة الموصل إلى استحداث وحدة الدراسات الاستشراقية، سعيا إلى التعريف بالاستشراق وتناوله بالتحليل والنقد بدلا من الجدال حوله.فالمستشرقون في الغرب وحتى وقت قريب، كان يُنظر إليهم، بحسب فان أس نفسه، "أما من يتولى فك شفرات الكلمات الغريبة أو من يعمل بمهام خلف الخطوط". كرّس فان أس جانبا كبيرا من علمه وجهده لاستقصاء الاستشراق والمستشرقين. فقد كتب (20) بحثاً تناول في تسعة منها المستشرقين الألمان المعاصرين وبحثين حول غير المعاصرين أما المستشرقون من غير الألمان فقد تناول في ثماني بحوث المعاصرين منهم وبحث واحد لغير المعاصرين.
وذكر الباحث أن فان أس يرى أن الاستشراق نشأ مع علم اللغة وليس مع التأريخ فاللغات مرتبطة بالأفكار التي تتناولها. فغوته الشاعر قد الهم الاستشراق أكثر مما ألهمه المستشرقين الألمان الكبار.
الأستاذ الدكتور محمود القيسي من جامعة بغداد كلية الآداب، في بحثه الموسوم: (يوسف فان أس بين آخن وبغداد وتوبينغن.. وجهة نظر قروسطوية)، تحدث عن محاولة فهم منهجية البروفيسور يوسف فان أس) مستهلا بحثه بولادة فان أس في مدينة آخن التي هي عاصمة الإمبراطورية الكارولنجية والتي كانت لها علاقات وطيدة مع بغداد خاصة أثناء حكم الإمبراطور شارلمان والخليفة هارون الرشيد.وتأثر طفولته بالحروب القائمة آنذاك.
يرى الباحث أن العلاقة بين علم الكلام الإسلامي والعصور الوسطى تأتى من أنها الفترة التي ازدهر فيها علم الكلام الإسلامي والمواكبة لفترة العصور الوسطى في أوربا (القرنين الثاني والثالث الهجري الموافق للقرنين الثامن والتاسع الميلادي)، فإلى أي المدارس ينتمي فان أس؟ يرى الباحث أن البروفيسور فان أس ينتمي إلى كلا المدرستين مبينا أن الاختلاف الجوهري بين الاستشراق الألماني ومثيله الأوربي هو أن اهتمام الأول يصب في سياق الأهداف العلمية والأكاديمية وليس بالأهداف الاستعمارية التوسعية كما هو الاستشراق الفرنسي والبريطاني وهو السبب الذي جعل ادوارد سعيد يستثنيه من النقد في كتابه الأشهر (الاستشراق).
وفي الوقت الذي عمل فيه العالم على تشويه صورة الإسلام والمسلمين، أظهر البروفيسور فان أس المسلمين على أنهم ذوو عقلي تحليلية نقدية منهجية متكاملة.
وقد حصل المستشرق الكبير على شهادتي دكتوراه فخرية من جامعة باريس وجامعة جورج تاون إضافة إلى عضوية العديد من المجاميع العلمية في كل من ألمانيا واسبانيا والعراق والمملكة المتحدة وإيران والولايات المتحدة الأمريكية وتونس.
وقد ألقى محاضرة في العام 2000 حول: (طاعون عمواس وعلم الكلام)، في جامعة بغداد، وكانت زيارته الأخيرة للعراق في العام 2013م حيث ألقى محاضراته في جامعة الكوفة.
البحث الثالث للأستاذ الدكتور ليث شاكر محمود العبيدي. جامعة بغداد / كلية الآداب
وبحثه الموسوم بـ: (يوسف فان أس والفكر الإسلامي.. منظور الدراسات الإسلامية)، الذي تناول اهتمام البروفيسور فان أس بالتصوف وعلم الكلام الذي دفعه لتعلم اللغات التي تمكنه من الاطلاع على الكتب التي تناولت هذين الموضوعين كالفارسية والتركية والعربية كما تحدث الدكتور العبيدي عن العلاقات الوطيدة التي ارتبط بها فان أس مع المؤسسات الأكاديمية العراقية والتي ظهرت من خلال زياراته المتكررة للعراق وإلقائه المحاضرات في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية. كما تناول في كتابه عن طاعون عمواس العديد من الشخصيات الإسلامية التي فقدها العالم الإسلامي بسبب هذا الطاعون وكان لها ثقلا علميا في المجتمع.
كانت أعمال البروفيسور فان أس تمهد لمقاربات حثيثة بين علم الكلام الإسلامي والتصوف والفرق الإسلامية المختلفة حيث اتخذ من النقد والتحليل والاستنباط منهجية علمية للوصول إلى النتائج المتوخاة.
.
|