دور المراكز البحثية في النهوض بالواقع الثقافي .. دراسات مقارنة بين المراكز البحثية العراقية والعربية والعالمية
2020-12-24
ندوة افتراضية اقامها قسم الدراسات الاجتماعية
دور المراكز البحثية في النهوض بالواقع الثقافي .. دراسات مقارنة بين المراكز البحثية العراقية والعربية والعالمية
أضحى الاهتمام بمراكز الأبحاث والدراسات في العقود الثلاث الأخيرة من القرن العشرين وما تلاها يمثل أحد أهم المؤشرات الدالة على تقدم الدولة من خلال توظيف نتائج البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع وذلك بتقديم الرؤى بما يدعم عمليات صنع القرار ورسم السياسات ، وقد لا نبالغ اذا قلنا أن لها دورا أساسيا في نهضة المجتمعات وتقدمها واحد الفاعلين المؤثرين في رسم التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى الحد الذي أصبحت فيه هذه المراكز عاملا هاما في تحديد الأولويات واقتراح الاستراتيجيات الخاصة لمواجهة المشكلات التي تواجه الدولة والمجتمع ووضع الحلول المناسبة لها بعد دراسة ومعرفة أسبابها .
وبناءا على ماتقدم وبالنظر لما تقدمه هذه المراكز من معرفة متخصصة ومعلومات وتقويم تجاه مختلف القضايا، عقد قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة بالتعاون مع مركز صلاح الدين الأيوبي للدراسات التاريخية والحضارية في جامعة تكريت ومركز دراسات البصرة والخليج العربي في جامعة البصرة الندوة العلمية الإلكترونية عبر تطبيق Zoom والموسومة ( دور المراكز البحثية في النهوض بالواقع الثقافي .. دراسات مقارنة بين المراكز البحثية العراقية والعربية والعالمية )
في الساعة الثامنة مساء بتوقيت بغداد من يوم الخميس الموافق 24/12 / 2020 ، برئاسة ا.د.محمود عبد الواحد القيسي ومقررية ا.م.د.خديجة حسن جاسم ، وبمشاركة الباحثين :
1- ا.د. ساري حنفي / الجامعة الأمريكية / بيروت / الحلقة المفقودة بين البحث والمجتمع .
2- أ. د.خالد حمو حساني/ جامعة تكريت / مركز صلاح الدين الأيوبي للدراسات التاريخية والحضارية / المراكز البحثية العراقية وتحولات العصر
3- ا.م.د.بشار سعدون هاشم الساعدي / مدير مركز الفراتين للدراسات والبحوث / دور مراكز البحوث في صناعة الرأي.
4- أ. م.د.علاء رزاك فاضل / جامعة البصرة / مركز دراسات البصرة والخليج العربي / دور مركز دراسات البصرة والخليج العربي في تعزيز مفهوم المواطنة.
5- أ. م.د.سهاد فاضل عباس / جامعة تكريت / مركز صلاح الدين الأيوبي للدراسات التاريخية والحضارية / العلاقة بين السياسي والأكاديمي من خلال المراكز البحثية.
ابتدأ ا.د. ساري حنفي وقائع الندوة بورقته العلمية الموسومة ( الحلقة المفقودة بين البحث والمجتمع ) باستعراض لمخطط البحث العلمي الذي يطمح ليكون كوني ومعولم وأيضا ذو صلة بالمجتمع من خلال انشاء ارشيف مفتوح لمسار البحث العلمي بكامله بما في ذلك نقل المعرفة والانشطة المتعلقة بالسياسات العامة ونشر المعرفة للعموم و تصنيف الأنشطة البحثية بالتساؤلات التي تطرح بالمعرفة لمن ؟ والمعرفة من أجل ماذا ؟ ثم استعرض الباحث توزع الأبحاث الاجتماعية في المشرق العربي بحسب نوع البحث إذ تضمن القسم الأكبر منها سياسات فيما توزعت بقية اقسام البحث الاخرى إلى مهنية ونقدية وعمومي أما الأبحاث في المغرب العربي فقد توزعت في قسمها الأكبر إلى مهني فيما توزعت بقية أقسام البحث العلمي إلى نقدي وسياسات وعمومي ، المسألة الأخرى التي طرحها الباحث في ورقته هي المعرفة المنتجة في مراكز الأبحاث العربية التي وصفها بأنها معرفة غير مستخدمة ، وعزا ذلك إلى .طبيعة الأنظمة المعرفية فضلا عن طبيعة النظم الاستشارية للسياسات ، ففي امريكا مثلا تقدم المشورة في السياسات الاقتصادية من خلال المنافسة بين عدد كبير من مقدمي المعرفة في القطاع الخاص ، فيما تكون المشورة في أوربا من خلال المؤسسات البحثية العمومية وشبه العمومية والهيئات الاستشارية الدائمة.
اختتم الباحث ورقته بمجموعة من الاستنتاجات والتوصيات .
الورقة الثانية في وقائع الندوة للباحث ا.د. خالد حمو حساني بورقته العلمية الموسومة ( المراكز البحثية العراقية وتحولات العصر ) والتي حاول الباحث من خلالها تسليط الضوء على الدور الحضاري والعلمي والتعليمي عبر التاريخ للعراق لاسيما في الجانب التعليمي والتشريعي ، أكد الباحث أيضا أن مراكز البحوث حديثة التأسيس نسبيا في تاريخ المجتمعات والعلاقات الدولية وبداياتها كانت في المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى إذ مثلت منابر جماعية تناقش القضايا الساخنة التي تشغل الرأي العام أو صناع القرار وانتشرت بعد ذلك وتنوعت مهامها إلى مجالات متعددة وتنامى دورها لأن كثير من المشكلات لايمكن حلها ضمن نطاق المسؤولية العامة أو نخبهم التنفيذية بل هي تقع ضمن مسؤولية المؤسسات النخبوية ذات التركيز المعرفي العالي كما أن تعقد قضايا الفكر والمعرفة والتحولات التي يشهدها العالم وتعقد المشكلات الاجتماعية وتصاعد الأزمات السياسية والصراعات العسكرية حتم على هذه المراكز تركيز الجهود العلمية وإنتاج معرفة مرتبطة بالواقع والانطلاق منها لخلق رؤى تتعاطى مع قضايا الدولة والمجتمع بمنظور علمي متوازن وحيادي.
أما الورقة العلمية الثالثة فقد كانت للباحث الدكتور بشار سعدون هاشم الساعدي والموسومة ( دور المراكز البحثية في صناعة الرأي ) ، استهل الباحث ورقته بمحاولة لمعرفة كيفية تكون الرأي العام ، إذ أكد الباحث أن الرأي العام يتكون عبر مروره بثلاثة أطوار هو طور الحضور الثقافي في الذاكرة الاجتماعية وطور التحول القيمي ، في حين يكون الطور الثالث هو طور الاستدامة والنمو ، ثم استعرض الباحث دور المراكز البحثية في صناعة الرأي ، مؤكدا أن ذلك مرتبط أولا بالطبيعة التخصصية للمركز ، إذ أن المراكز تبدأ بجمع المعطيات التي من شأنها أن تكون رأيا عاما وذلك بعد تبويبها وتصنيفها وهو مايستدعي من وجود وحدة داخل المراكز البحثية تعرف بوحدة الرصد ، ثم تنتقل العملية ثانيا إلى تحديد الهدف المراد من صناعة الرأي وهنا لابد من توافر وحدة أخرى تعرف بوحدة التخطيط الإستراتيجي أما الوحدة الثالثة فتكون مع وحدة الدراسات والبحوث التي تقوم بتحليل المواضيع ودراستها ووضع الخطط اللازمة لتحويلها إلى رأي عام ، أما الخطوة الأخيرة فهي مرحلة تسويق الموضوع كراي يستقبله المجتمع .
يؤكد الباحث أن هذه العملية معقدة في خطواتها وذلك لأنها تحتاج إلى القدرة في انتقاء الموضوع ثم القدرة على إثارة الجدل حوله وأخيرا القدرة على تسويقه ، وهذا كله يتطلب معرفة ( لماذا يصنع الرأي العام ؟ وما الغرض من ذلك ؟ ) .
الورقة الرابعة في الندوة للأستاذ المساعد الدكتور علاء رزاك فاضل النجار والموسومة ( دور مركز دراسات البصرة والخليج العربي في تعزيز مفهوم المواطنة) ، والتي أكد الباحث فيها أن مشكلة المواطنة متجذرة داخل المجتمع العراقي كما تشير لذلك الدراسات الاجتماعية في تاريخ العراق المعاصر وليست مشكلة حديثة جاءت بفعل الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 ، كما بعتقد البعض ، نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة بعد هذا التاريخ في إدارة التنوع بالشكل الصحيح مما تسبب في ضعف الهوية الوطنية .
ولأن قضية المواطنة تمثل محورا رئيسا في النظرية والممارسة الديمقراطية الحديثة ، لذا فإن تحديد أبعادها وكيفية ممارستها ينبع من الطريقة التي يمنح بها هذا النظام أو ذاك حقوق المواطنة للجميع ومدى وعي المواطنين وحرصهم على أداء هذه الحقوق والواجبات . ،ونتيجة لذلك فقد دأب مركز دراسات البصرة والخليج العربي على التذكير دائما بأهمية رفع مستوى المواطنة في المجتمع العراقي ، على اعتبار أن القضية مرتبطة ارتباطا مباشرا بجميع نواحي الحياة ، وقد ركز المركز على إقامة الندوات والمؤتمرات وإجراء البحوث والدراسات التي تعنى بهذا الجانب .
أما الورقة الأخيرة في الندوة فقد كانت ل( ا.م.د. سهاد فاضل عباس ) والموسومة ( العلاقة بين السياسي والأكاديمي من خلال المراكز البحثية ) ، أكدت الباحثة في بداية ورقتها على أن مراكز الفكر والأبحاث في العالم المتقدم تمارس دورها في التأثير على صناع القرار أو صياغة السياسات العامة من خلال عدة أشكال أو وسائل بعضها مباشر وبعضها غير مباشر ، ويتراوح هذا التأثير مابين طويل المدى أو قد يكون قصير المدى وحسب طبيعة العلاقة المتبادلة مابين طبيعة هذه المراكز وصناع السياسات في هذه المجتمعات كما استعرضت الباحثة العلاقة الوطيدة بين المراكز البحثية وعمليات صنع القرار السياسي في الدول المتقدمة والناتجة عن :-
• حاجة القادة لمراكز الدراسات لتزويدهم بتحليل مستقل .
• المساعدة في إعداد مكونات وعناصر الأجندات السياسية .
• تجسير الفجوة مابين المعرفة والتطبيق .
الباحثة أكدت أيضا في ورقتها أن مراكز الفكر والأبحاث في الدول المتقدمة هي شكل من أشكال ممارسة التفكير الجماعي بين الباحثين والخبراء للتحليل العلمي للمشكلات والأزمات وتقديم الحلول الإبداعية لها ، لذلك فالعلاقة بين السياسي ومراكز الأبحاث هي علاقة تشاورية تعاونية الغرض منها صنع السياسات العامة وإعداد استراتيجيات حل المشكلات والأزمات.
الباحثة ايضا اكدت أن هناك ارتباط واضح بين عملية التنمية والبحوث العلمية يظهر واضحا في الدول المتقدمة وان هذا الارتباط أيضا يبدو ضروريا في حالة الدول النامية وذلك من أجل مجموعة من الأهداف منها:-
• الكشف عن أولويات التنمية في المجتمع وتحديد السبل لتحقيقها من خلال استخدام الموارد البشرية .
• تطوير البحث العلمي بما يتلائم مع البيئة وتوظيف الموارد المحلية .
• دعم اتخاذ القرار وجعله أكثر عقلانية .
وأشارت الباحثة إلى محدودية تأثير المراكز البحثية أو انعدام تأثيرها على عمليات صنع القرار السياسي في الدول النامية عموما وفي الوطن العربي بشكل خاص نتيجة الانغلاق الثقافي فضلا عن مسألة تقييد حرية الرأي وانعدام التمويل المالي اللازم الذي اعاق سير المراكز نحو الأداء السليم وأيضا صعوبة توفير نظام فاعل جاذب يحفز الكفاءات على الإبداع والابتكار بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية والاستبداد الإداري ويحترم ويقدر الاختلاف العلمي .
أما أهم الاستنتاجات والنتائج التي خرجت بها الندوة فتتمثل بالآتي :
• أن الثقة بالعلم أقل ارتباطا بالثقافة وأكثر ارتباطا برغبة المؤسسات المجتمعية في تعزيز هذه الثقة أو أضعافها. ، وأن المعرفة العلمية الأساسية في الوطن العربي غير موجودة بين الأفراد العاديين، إذ لايفرق الكثيرون بين مفهوم الطقس ومفهوم المناخ مثلا ، هذه المعرفة الأساسية شرط لبناء تحالف مع العموم ، ولأن صناع القرار يهتمون بالرأي العام أكثر من الحقائق العلمية لذا فمن المهم أن نبدأ في بناء هذا الرأي .
• وجود الباحث هو أساسي للقيام بالأبحاث ، ولكي يصبح الإنسان باحثا لابد من إعداده إعدادا خاصا بما يضمن تزويده بالمعارف والمعلومات الضرورية ليصبح في المستوى الذي يسمح له بالقيام بالأبحاث و من خلال التعليم المستمر والتدريب والتأهيل لبناء شخصية مدركة لأهمية التطور والتقدم العلمي واعتبار البحث العلمي رسالة وليس غاية مادية شخصية .... وفي المقابل يجب أن يؤمن للباحث العلمي كل مقومات الحياة الآمنة في جو من الحرية الملتزمة .
• إنشاء بيئة البحث العلمي على صعيد التمويل والتجهيز للباحثين لايكتمل دون تأمين البنية التحتية الملائمة لتعزيز البحث العلمي وتطويره ، وهذه البنية يجب أن تشمل مايلي :-
• التعليم العالي العام وتحسين جودته وتطوير برامجه .
• تأمين المكتبات والدوريات والمعلومات والإحصاءات الضرورية لعمل الباحثين .
• إنشاء مراكز وشبكات معلوماتية ضخمة توفر الخدمات للباحثين ، كمراكز الكومبيوتر العملاقة وقواعد البيانات العلمية ومراكز الإحصاء المركزية وغير ذلك.
• إنشاء مراكز بحوث متخصصة وإقامة اتفاقيات تعاون بحثية مع جامعات ومعاهد بحوث في الدول المتقدمة .
• حث القطاع العام والخاص على التعاون مع الباحثين ومع المراكز البحثية داخل وخارج الجامعات ومشاركة قطاع الأعمال في تمويل البحوث العلمية عن طريق استثمار نواتج البحوث العلمية التطبيقية والتطويرية .
4- وضعت الدول المتقدمة هدفا مركزيا يكمن في تحقيق الأمن والأمان بجميع أشكالها ضمن خطة بناء الدولة وتأسيسها على أسس قوية وثابتة من خلال اعتماد التعليم والبحث العلمي كونهما الوسيلة الأساسية لتحقيق هذا الهدف ، وهذا الأمر لم يحصل بشكل جدي في الوطن العربي .
5-المال هو عصب البحث العلمي ، فلا بحث رصين بدون مال، والبحث العلمي هو استثمار مؤجل ، من هنا وجب أن تراعي الخطط البحثية كيفية رفد وتمويل المراكز البحثية بالأموال اللازمة لتيسير أعمالها من مخصصات للباحثين وتجهيزات ومستلزمات عمل بحثية ....
6-أن لمراكز الأبحاث دورا ريادي في توجيه عالم اليوم، بحكم أنها أداة مهمة لإنتاج العديد من المشاريع الحيوية التي تتصل بالدولة والمجتمع والفرد، ووسيلة لدراسة كل ما يتصل بتلك المشاريع وفق منهج علمي معرفي .
7-أن الانتشار المتسارع في خريطة مراكز الأبحاث في العالم قد تعاظم بعد الأحداث التي طرأت على العلاقات الدولية من انهيار القطبية الثنائية وظهور العولمة والتغير الذي طرأ على البلدان والتحديات التي باتت تواجهها ، وهو ما استدعى الحاجة إلى المزيد من مراكز الأبحاث لمواكبة متطلبات العولمة ومتطلبات النظام العالمي الجديد.
8-وجود مراكز الأبحاث وتأثيرها في عمليات التنمية وصنع القرار السياسي يعد مؤشرا على درجة نضج مؤسسات الحكم والإدارة في المجتمع وعلى تطور مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وان تزايد الاهتمام بمراكز الأبحاث يرجع الى عوامل موضوعية فرضت نفسها على طبيعة الحياة والمجتمعات المعاصرة ومن أبرز هذه الأسباب :-
• التعقيد المتزايد في طبيعة العلاقات التبادلية بين مكونات المجتمع الواحد وفي علاقات المجتمع مع المجتمعات المجاورة الإقليمية والدولية.
• الطفرات المسجلة في عالم الحاسوب ونظم المعلومات والتكنولوجيا ، الأمر الذي جعل عملية تبادل المعلومات أمرا ميسورا ، ووفر مادة هائلة لإنجاز الدراسات .
• تزايد نزعة التخصص في المجتمع المعاصر، بسبب اتساع دوائر العلم والمعرفة ، وتزايد التعليم والتنافس في كل مجال .
• تزايد التنافس الاقتصادي وسيادة التكنولوجيا في الحروب وفي الهيمنة السياسية ، الأمر الذي دفع اطرافا كثيرة إلى إعادة النظر في امكاناتها وقدراتها التنافسية لتعيد من بعد ذلك بناء ورسم برامجها واستراتيجياتها ، وهو الأمر الذي لايمكن نجاحه دون اعتماد دراسات علمية موضوعية متخصصة .
9-يتضح من خلال دراسة واقع مراكز الأبحاث العربية ومن خلال الرجوع إلى مواقعها الإلكترونية، أن تلك المراكز متواضعة مقارنة بمراكز الأبحاث في الغرب لاسيما في أوربا وأمريكا ، على الرغم من أنها شهدت تطورا من حيث الانتشار والتأثير إلى حد ما في معالجة بعض القضايا ، إلا أن مهامها وأدوارها لاتزال تخضع لعدة عوامل أبرزها :-
• موافقة متطلبات الممول في كيفية طرح الموضوع ، وفي ترتيب اولياته ، وفي كيفية التعاطي معه .
• الترويج لايدلوجية معينة ، أو لسياسة ما .
• قلما يكون التخطيط مستندا إلى رؤية استراتيجية تتعلق بالاحتياجات المجتمعية، أو معتمدا على معطيات بحثية أكاديمية .
10-لايوجد أثر يذكر لمحاولات الجامعات العربية وصل البحوث بالمجتمع والقطاع الخاص ، وهناك حاجة ملحة إلى التفكير في المؤسسات الوسيطة التي ينبغي أن تربط بين البحوث المهنية ونشرها بين العموم وصانعي السياسات .
11-لقد أصبح الإنتاج المعرفي موزع اجتماعيا أكثر منه معرفيا ، حيث أن المعرفة لاتنتج من قبل الأكاديميين فحسب ، ولكن أيضا من قبل الباحثين العاملين في مؤسسات خارج الجامعات ومراكز البحوث ، فقد أصبحت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية مواقع هامة لإنتاج المعرفة .
12 مراكز البحوث لايمكن أن تقوم بعملها دون الحصول على مجال كاف للوصول إلى المعلومات من جهة ودون قيود أو سياسية أو فكرية ، وهو ما تفتقده معظم مراكز البحوث والدراسات في الدول النامية ، لاسيما حين تتعرض لتدخلات أمنية في عملها .
13-غياب المقياس أو الأدوات لتقييم أداء المؤسسات البحثية في دول العالم النامي عموما وفي العراق والوطن العربي بشكل خاص ، فضلا عن انعدام معطيات واضحة منشورة ومحدثة عن تلك المراكز لتقييم أدائها المهني ، وانعدام وجود قاعدة بيانات شاملة بهذا الخصوص تشرف عليها لجنة مستقلة.
14- العلاقة بين الحكومات ومراكز الأبحاث في الدول العربية تسير بشكل معكوس في أغلب الأحيان ، فالعمل البحثي تجده ملحق بها وليس سابق لها ، أي بمعنى أن السياسة تتقدم على النتاجات البحثية وليس العكس مثلما يجب أن تكون ، فعندما تكون السياسات نتيجة الدراسات تكون هذه السياسات حكيمة وليست سياسات التفاطن والتجارب .
أما أبرز التوصيات التي خرجت بها الندوة فإبرزها مايلي :-
1- ضرورة اعتماد مؤشرات موضوعية لقياس كفاءة المراكز البحثية وأهمها عدد الأساتذة المتعاقدين والموجودين على ملاكها ودرجاتهم العلمية فضلا عن حجم المكتبات التي تتضمنها هذه المراكز وحجم المطبوعات الصادرة عن المركز من الكتب والدوريات والمجلات وتنوع النشاطات العلمية التي تعقدها مابين مؤتمرات وندوات وورش وحلقات نقاشية ، ومن شأن وجود هذه المؤشرات أن توفر السمعة العلمية لكل مركز حسب اداؤه وحجم تأثيره على الصعيد القطري والإقليمي والدولي ، كما ينبغي مراقبة وتقييم مخرجات هذه المراكز من الدراسات والأبحاث ومن هي الجهة التي تقدم لها .
2- من الاهمية بمكان ، تشكيل هيئة أو مؤسسة لمجموع مراكز الأبحاث المنتشرة سواء على الصعيد المحلي أو على العربي ، وذلك لتحقيق التنسيق المتكامل بينها ، وإنشاء مرصد تقع من خلاله متابعة مستجدات عملها ونشاطاتها وبناء قاعدة بيانات وتحديثها بشكل دوري حتى تستخدم كمرجع للباحثين والمهتمين .
3- العمل على فتح نافذة للتواصل بين المؤسسات البحثية ومتخذي القرار في المؤسسات الحكومية للوقوف على احتياجات صانع القرار في الجهاز الحكومي وحث القطاع العام والخاص على التعاون مع الباحثين ومع المراكز البحثية داخل وخارج الجامعات ومشاركة قطاع الأعمال في تمويل البحوث العلمية .
4- ضرورة اعتماد التخصص في عمل المراكز البحثية لأنه شرط أساسي في مجال المنافسة والتميز وان تقوم اللجان المتخصصة اقتراح البرامج والأجندات سنويا مع الأخذ بعين الاعتبار مايستجد من أحداث ومتغيرات في المجتمع .
5- تأمين التمويل الضروري لإدامة عمل مراكز الأبحاث من خلال المنح فضلا عن الدعم من ميزانية الدولة والعمل على إنشاء جهة مستقلة تعنى بقضايا البحث العلمي لتكون الجهة المسؤولة عن تقديم الدعم المعنوي والمادي لهذه المراكز في القطاعين العام والخاص وان تكون أيضا طرفا منسقا لمجالات الاهتمام والتخصص بين مراكز الأبحاث .
6- منح مراكز الابحاث هامشا من الحرية والاستقلالية والحركة وتمكينها من الحصول على المعلومات فضلا عن منح الباحث حصانة الرأي تحت السقف الأكاديمي في طرح آراءه وأفكاره في البحوث والدراسات التي يكلف أو يقوم بها انطلاقا من مبدأ ( الآراء تعرض ولا تفرض ) .
7- بناء شراكة حقيقية بين المراكز البحثية ووسائل الإعلام المتنوعة وعلى نحو متوازن تقوم بموجبه وسائل الإعلام بتعريف الرأي العام بنتائج الأبحاث وشرح وجهات النظر المختلفة وذلك بالاعتماد على المختصصين من الباحثين في شتى مجالات البحث العلمي .
8- لابد أن تعمل مراكز الأبحاث والدراسات على تبني وملاحظة الفرص أو المشكلات لدى صاحب القرار في البيئة التي تعمل فيها لخلق الاتجاهات الإيجابية تجاه دورها واستقطاب الاهتمام والرعاية بها سواء من قبل صانعي السياسات العامة أو من قبل صناع القرار ، أو من قبل المحيط الذي تعمل على خدمته .
9- العمل على توفير نظام فاعل جاذب يحفز الكفاءات على الإبداع والابتكار ، ويزيد من أهمية وقيمة العلم والبحث العلمي واحترام نتائجه ويعد ذلك ضرورة أساسية لتقدم المجتمعات، وتوفير الامكانيات المادية للباحثين مقابل علمهم وخبراتهم بشكل يوفر للباحثين الاستقلالية والحياة الكريمة التي تليق بالعلم والعلماء .
10- العمل على قيام مراكز الأبحاث بتقديم استشارات لمؤسسات الدولة، تكون مستمدة من خلاصة دراساتها فضلا عن زيادة ربط مراكز الأبحاث بالواقع العملي ومناهج البحث العلمي الحديثة ومصادر المعلومات الموثقة ، كونها خطوط أساسية لإنتاج البحوث والدراسات الموثوقة .
|