الواقع الاجتماعي في العراق وتدني مؤشرات التنمية
2020-09-30
ندوة افتراضية اقامها قسم الدراسات الاجتماعية
الواقع الاجتماعي في العراق وتدني مؤشرات التنمية
اقام قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة بالتعاون مع قسم علم الاجتماع - كلية الآداب - جامعة القادسية الندوة العلمية الالكترونية الموسومة بــــ (الواقع الاجتماعي في العراق وتدني مؤشرات التنمية ) , بتاريخ 30/9/2009 على منصة ( ZOOM) .
- رئيس الجلسة : أ.د.طالب عبد الرضا كيطان / كلية الآداب – جامعة القادسية .
- مقرر الجلسة : م.م.فراس عبد الجبار/ قسم الدراسات الاجتماعية – بيت الحكمة .
الباحثون المشاركون :
- أ.د. عبد المنعم الحسني / كلية التربية بنات- جامعة بغداد / مؤشرات التنمية البشرية والواقع الاجتماعي العراقي .
- أ.د. سلام عبد علي / كلية الآداب – جامعة بغداد / الواقع الاجتماعي في العراق في ضوء مؤشرات التنمية البشرية لسنة 2018م .
- ا.د صلاح كاظم جابر / كلية الآداب – جامعة القادسية / تنموية الدولة ومازق التعثر التنموي في العراق .
- أ.م.د ثائر رحيم كاظم / كلية الآداب - جامعة القادسية / المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها في تنمية المجتمع .
ابتدأت وقائع الندوة بكلمة رئيس الجلسة الاستاذ الدكتور طالب عبد الرضا ,الذي أكد على أهمية مؤسسة بيت الحكمة ودورها المستمر في رصد الظواهر الاجتماعية وتقديم الحلول الفاعلة والمعالجات الواقعية لأصحاب القرار , عن طريق اقامة النشاطات العلمية المتعددة , و مد جسور التعاون العلمي والمعرفي مع الكثير من الجامعات العراقية والعالمية والأكاديميات والمؤسسات الفكرية , كما هو الحال في اعمال هذه الندوة التي تقام بالتعاون مع جامعة القادسية التي لها دور في رفد العلم والمعرفة .
المشاركات البحثية :
أولاً / أ.د. عبد المنعم الحسني ببحثه الموسوم بـــ (مؤشرات التنمية البشرية والواقع الاجتماعي العراقي ) سلط الباحث الضوء على مؤشرات التنمية البشرية المستدامة وعلاقتها بالواقع العراقي . وهذه المؤشرات هي ( التعليم والصحة ) ومدى تأثر هذين المتغيرين بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها العراق , فهذه الظروف الاستثنائية قد أثرت سلبا على التنمية البشرية المستدامة , وعلى سبيل المثال فان العمليات الارهابية في أي منطقة من المناطق قد تؤدي الى كثير من الأمور السلبية في كثير من مؤشرات التنمية البشرية , وتؤثر على الصحة والتعليم , ولا يمكن ان تتوقع حدوث تطور في هذه الجوانب مع وجود تلك العمليات وما صاحبها من تفجيرات وقتل وإرهاب .
ثانياً / أ.د. سلام عبد علي ببحثه الموسوم بـــ (الواقع الاجتماعي في العراق في ضوء مؤشرات التنمية البشرية لسنة 2018م ) استهل الباحث بورقته البحثية بالإشارة الى راي الاقتصادي المعروف "مايكل تودارو" مؤلف كتاب "التنمية الاقتصادية في العالم الثالث" الذي يعتقد أن التنمية يجب أن تكون عملية متعددة الجوانب متضمنة للتغيرات الرئيسة في البنية الاجتماعية والمواقف والمؤسسات ، كما ينبغي ان تستهدف تعجيل النمو الاقتصادي والحد من تفاوت الدخول وتخفيف حدة الفقر, فالتنمية في جوهرها يجب أن تمثل سلسلة متكاملة للتغيير تستهدف التوفيق بين الحاجات الأساسية ورغبات الأفراد من خلال نظام اجتماعي متكامل .
ثم تطرق الباحث الى مسألة تحديد القيم الثلاثة الرئيسة لمفهوم التنمية , اذ يركز هذا الاتجاه الجديد على ثلاثة قيم جوهرية تشكل الأساس لارتقاء المجتمع البشري في سعيه نحو حياة أفضل وأكثر إنسانية الا وهي :
- توفير متطلبات المعيشة : بمعنى القدرة على تلبية الحاجات الضرورية بما يشمل الطعام والمأوى والصحة والأمن و سياسات الحد من الفقر ، وتوفير فرص العمل وزيادة الدخول شروطاً ضرورية ، ولكنها ليست شروطاً كافية لإحداث التنمية ما لم تتجه عملية التنمية في أساسها لتوفير الحاجات الضرورية .
- تـقـديــر الذات : وهذه تعني أن يكون الشخص إنسانًا مكرمًّا، فواحدة من مقومات الحياة الكريمة الشعور بالقيمة وتقدير النفس الإنسانية .
- التحرر من العبودية: ويقصد بذلك أن يكون الشخص قادراً على الاختيار بحرية تامة ، مما يعني التحرر من الجهل والفقر والخرافات ، والحرية متضمنة أيضًا لهدف توسيع الخيارات بالنسبة للأفراد والمجتمعات ، وتقليل المعوقات الخارجية لمواصلة تحقيق الأهداف الاجتماعية عن طريق التنمية.
ثالثاً /أ.د.صلاح كاظم جابر ببحثه الموسوم بــ(تنموية الدولة ومأزق التعثر التنموي في العراق) تطرق الباحث في بداية ورقته البحثية الى إن استعصاء ازمة التنمية الحقيقية في العراق او في البلدان ذات الاقتصادات الريعية ( لاسيما الاقتصادات النفطية) التي يتحكم فيها السياسي بكل مفاصل حياة المواطن , تقوم على مجموعة من العوامل السياسية التي تسير في طريق مسدود ,لأنها تضع غايات الارضاء العاطفي الشعبي العام ,الذي توجهه الخطابات الزائفة فوق واقعية وعقلانية المصالح الاقتصادية , وأهميتها في نقل الحياة الاجتماعية في المجتمعات المتخلفة نحو التقدم,وكذلك التنمية في العراق لا تعاني من ازمة فقط , بل هي في مأزق , والحديث عن تدني مؤشرات التنمية فيه أضحى حديثاً متفائلاً اكثر من اللازم , فكل ما تم اقتراحه او انجازه من اجل التنمية المخططة في دولة يتمأسس فيها الفساد المالي والإداري والسياسي (المحاصصة المقيتة), هو مجرد محاولات للتعتيم على الحقائق الاقتصادية العلمية التي لا تتناسب مع هذا المنطق اطلاقا , أي بمعنى انها تقوم على السعي لامتصاص النقمة والغضب الشعبيين الناتجين من الفقر والبطالة في بلد تتعاظم فيه الاهمية الاقتصادية العالمية لما يمتلكه من ثروات.
ان غياب التخطيط والمتابعة وانعدام فرص نجاح المشاريع القائمة على الجهود الفردية المتخلفة اقتصاديا اصلا او الجهود الحكومية التي تفتقر الى الحماية بكل اشكالها جعل من المشروعات التنموية مشروعات وهمية لا وجود لها على ارض الواقع الا من خلال مجموعة من الصور الشوهاء لما يسمى تنمية اقتصادية من خلال الصناعات الوطنية او حتى التنمية البشرية.
رابعاً / أ.م.د ثائر رحيم كاظم ببحثه الموسوم بـــ (المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها في تنمية المجتمع) يشير الباحث في ورقته البحثية الى اهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة على الرغم مما تواجهه هذه المشروعات من تحديات ضخمة وخاصة في عصر العولمة ,وعصر التقنيات المعقدة ,وعصر الرأسمالية والعولمة ,التي تعتمد على المنافسة ونظام السوق المفتوح، إلا أنها بقيت تحتل الأهمية الأولى في الاقتصاديات الوطنية كونها تعد المحرك الرئيس والمصدر التقليدي لنمو وتطور الاقتصاد، وما زالت احد أهم روافد العملية الاقتصادية والاجتماعية في اقتصاديات الدول بشكل عام والدول النامية بشكل خاص، بل أن بعض الدارسين والباحثين عدوها العمود الفقري لأي اقتصاد وطني، وخاصة بعد أن شهد هذا القطاع انتشاراً واسعاً في مختلف أرجاء العالم خلال السنوات الأخيرة وأصبحت تشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد الوطني، ومما يدل على أهميتها في الاقتصاديات الوطنية سواء كانت اقتصاديات نامية أم متقدمه.
تستطيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن تقيم توازناً اقتصادياً واجتماعياً أكثر وضوحاً، لكونها قادرة على الانتشار الجغرافي والتوسع داخل المجتمعات في أطراف المدن والقرى على عكس المشروعات الكبيرة التي غالباً ما تتمركز في المدن الكبيرة, حيث انتشار المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الريفية والبلدان الصغيرة من شأنه أن يساعد على خلق فرص ومعارف ومهارات لأفراد المجتمع الريفي الذي تقيم فيه ورفع مستوى المعيشة بشكل عام. فإن المشروع الصغير يتيح فرصة اقتصادية جيدة لم تكن موجودة من قبل بالنسبة لكثير من الافراد ذات الدخل المنخفض. كما أن وجود هذه المشروعات في المناطق النائية يسهم في تلبية طلبات المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض من السلع والخدمات البسيطة ومنخفضة التكلفة وبذلك تقلل المشروعات الصغيرة مخاطر وعواقب الهجرة في المناطق الأقل نمواً إلى المناطق الأكثر نمواً في المجتمع نفسه. بل إن هذه المشروعات ربما تعد أداة فعالة في تحقق نوع من الهجرة العكسية الهادفة إلى تحقق التنمية المتوازنة. ونستطيع أن نطلق على المشروعات الصغيرة أنها " أداة للتنمية العادلة وتوزيع الثراء.
الاستنتاجات :
فيما يخص الجانب التنموي لدليل التنمية البشرية العالمي للعراق لسنة 2018:
1- ان ترتيب العراق على مستوى دليل التنمية البشرية العالمي للعراقي لسنة 2018 , لا يلبي الطموح ، لان هذا الترتيب جاء بعد مجموعة من الدول التي يتفوق عليها العراق على صعيد الموارد الطبيعية والبشرية مثل فلسطين والاردن وليبيا وحتى مصر .
2- أحد أهم المتغيرات في دليل التنمية البشرية العالمي لسنة 2018 هو : معامل عدم المساواة بين البشر الذي يعتمد 3 ابعاد اساسية هي :
أ- عدم المساواة في العمر المتوقع للحياة .
ب- عدم المساواة في التعليم .
ت- عدم المساواة في الدخل .
3- مؤشرات أخرى مهمة الا وهي :
أ- الشعور بالرفاه الذي يستند الى معايير مهمة سابقة ، فلقد بلغت نسبة الرضا عن نوعية التعليم للاعوام 2012-2017 ما يقارب39% ، بينما شكل الرضا عن الرعاية الصحية 37% ، اما الرضا عن مستوى المعيشة فقد شكل 65 % .
ب- الشعور بالامان بالنسبة للاناث 58% والذكور 62% ، حرية الاختيار بالنسبة للاناث 60% والذكور 61% ، الرضا العام عن الحياة 4,5% ، هذه النسبة ربما تؤشر لنا طبيعة الواقع السائد في العراق ، وهي اقل النسب في العالم بعد سريلانكا وارمينيا واوكرانيا وتونس وبوتسوانا ومصر والهند وبنغلاديش وسوريا ونيجيريا
ت- اما الشعور حيال الحكومة ، فقد بلغت نسبة الثقة بالنظام القضائي 49% ، والثقة بتدابير الحكومة للمحافظة على البيئة 36% ، اما متغير الثقة بالحكومة فقد بلغت نسبته 42% .
فيما يخص الجانب التنموي والاستثماري :
1- التعثر التنموي في العراق سببه غياب متابعة الدولة ووزارة التخطيط للمشاريع التنموية .
2- المشاريع التنموية التي تديرها الدولة معظمها مشاريع سياسية لتهدئة الراي العام وكسب الود السياسي لذلك كانت خالية من المضمون لانها اهملت الاستثمار في الصناعات الموجودة اصلاً.
3- انتشار الفساد المالي والاداري جعل من المشاريع التنموية في القطاع الخاص خالية من المضمون ايضا لافتقارها الى الحماية اولا وارتفاع تكاليفها التي جعلت منها مشاريع خاسرة
4- معظم المشروعات الصغيرة جاءت لامتصاص ضغط البطالة على طلب التعيين في دوائر الدولة لضمان دخل ثابت .
5- ان القروض عالية الفوائد تقتل الاستثمار في المشاريع الصغيرة التي تتركها بلا جدوى .
6- الافتقار الى الاستثمار الخارجي العالمي حرم الداخل العراقي من خبرات الاستثمار .
فيما يخص المشاريع الصغيرة والمتوسطة :
1. زيادة النمو الاقتصادي والمساهمة في تحقيق الازدهار وتنشيط العجلة الاقتصادي.
2. تعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة مصدر مهم من مصادر القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل للشباب خريجي الجامعات وللنساء مما يساهم في الحد من مشكلة الفقر بين هذه الفئات تحديدا.
3. مضاعفة القيمة المضافة للناتج المحلى للاقتصاد.
4. تعمل على تشجيع روح الابتكار والإبداع والاختراعات.
5 . تطوير وتنمية الطاقات البشرية والتقنية.
التوصيات والمقترحات :
فيما يخص الجانب التنموي - السياسي :
1- اللامركزية يمكن ان تكون وسيلة محتملة لتخفيف حدة التوتر والصراع بين القوى في العراق .
2-هناك اولويات مهمة يمكن ان تدفع العراق الى الامام اهمها : استتباب الامن ،و اعطاء شرعية للدولة ، وادارة الثروة النفطية بشكل عادل ومستدام .
3- تحسين اداء الحكومة بتقديم الخدمات بشكل يساعد على زيادة ثقة المواطنين بالدولة وإضفاء الشرعية على النظام .
- فيما يخص الجانب التنموي - الاستثماري :
1- فتح الابواب على مصاريعها للاستثمار الخارجي من خلال توفير الحماية واختزال البيروقراطية وزيادة حصة المشاركة بالمشروع من خلال الخبرات او العمالة وهي اهم وسائل اكتساب الخبرة والتخلص من مشكلة البطالة .
2- كف يد اللجان الاقتصادية للأحزاب في توجيه الاستثمارات التنموية نحو ارتباطاتها الحزبية مع الخارج .
3- ضرورة النظر بأهمية التوزيع الجغرافي للاستثمارات وفق مميزات الثروات التي تمتلكها المحافظات وعدم حصرها في محافظة دون اخرى كما هو الحال في الاستثمارات النفطية في محافظة البصرة .
4- يجب اعتماد دراسات الجدوى الاقتصادية الاستثمارية لكل مشروع بغض النظر ارتباطات المستثمرين الحزبية والدولية .
- فيما يخص المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة :
1.نوصي بناء استراتيجية وطنية للنهوض بالمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة, وإقرار قانون خاص بالمشروعات الصغيرة ليتماشى مع قانون القروض الصغيرة والصادر تحت عنوان ( قانون دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل ) رقم 10 لسنة 2012 بالتعاون مع الجهات المعنية كوزارة العمل لغرض متابعة بقاء استمرارية المشروعات الممنوحة قروض .
2. نوصي بخلق شراكة بين القطاع العام والخاص لتوافر البيئة الاستثمارية الملائمة للنهوض بالمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة .
3. نقترح توفير بنية تحتية من خلال توجيه موازنة الدولة نحو الانفاق الاستثماري في قطاع الصناعة وتوافر الطاقة الكهربائية لأنها عصب النهوض بالمشروعات الصناعية , فضلاً عن إنشاء وتحديث قاعدة بيانات عن المشروعات الصغيرة ( تتضمن عدد المشروعات الصغيرة ونوعها وحجمها وتوزيعها جغرافيا وقطاعيا وفق النوع الاجتماعي والقروض الممنوحة من قبل الدولة والمصارف التجارية ) مع توحيد أسس ومعايير إعداد البيانات على المستوى المحلي .
4. نوصي بتفعيل دور المصارف كونها تعد مؤسسات تمويلية تسهم في تقديم قروض ميسرة بأسعار فائدة مناسبة لصغار المستثمرين والصناع مع مزيد من التوعية ببرامج المصارف في هذا الشأن .
5. نقترح بإنشاء حاضنات اعمال صناعية كونها اداة تساعد المشروعات الصناعية الصغيرة على التأسيس والنمو في بداية عملها من خلال تقديمها الدعم والإسناد الفني والمادي والتقني (التكنولوجي) وغيرها من التسهيلات لبناء واستدامة مثل تلك المشروعات .
|