ظاهرة الابداع في المجتمع العراقي ( محافظة ذي قار مثالا)
2020-09-10
ندوة افتراضية اقامها قسم الدراسات الاجتماعية
ظاهرة الإبداع في المجتمع العراقي ( محافظة ذي قار مثالا)
قراءة نفسية اجتماعية
رئيس الجلسة :أ.د. خليل ابراهيم رسول
مقرر الجلسة : أ.م.د سهاد عادل جاسم الكروي
يوم الاثنين 10 أيلول 2020 الساعة التاسعة مساءا بتوقيت بغداد
إبتدأت الندوة بافتتاحية مقدمة من رئيس الجلسة الاستاذ الدكتور خليل ابراهيم رسول مشرف قسم الدراسات الأجتماعية في بيت الحكمة وقد قدم استهلالاً مقتضباً عن ظاهرة الإبداع التي لازمت العراقيين وتأثيرها في المجتمع العراقي الذي كان ولايزال معطاءا وقادرا على الإنتاج الإبداعي ‘ وأشاد رئيس الجلسة بجهود الأستاذ المساعد الدكتورة خديجة حسن مدير تحرير مجلة دراسات اجتماعية وعضو الفريق الاستشاري للدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة في تنظيم الندوة.
واستمرت وقائع الندوة في الساعة التاسعة مساءا بتوقيت بغداد عبر المنصة الالكترونية ZOOM MEETING برئاسة الاستاذ الدكتور خليل إبراهيم رسول ومقررية الأستاذ المساعد الدكتور سهاد عادل القيسي وبمشاركة الأوراق البحثية الآتية :-
المتحدث الاول :الاستاذ الدكتورة سناء عيسى الداغستاني التدريسية في كلية الآداب بجامعة بغداد التي شاركت بورقة بحثية تحت عنوان (الإبداع والتربية بين الواقع والطموح )
وقد اختصت الورقة البحثية بشريحة الشباب وعدّتهم الفئة الأكثر أنخراطاً في التغييرات العالمية بمختلف الأبعاد الإقتصادية والإعلامية والثقافية والاجتماعية وعدتهم رأس المال البشري الرئيس و مشروع المستقبل، فقد نظمت الثورة الصناعية الطاقة البشرية ووضعتها تحت إمرة العقل وركزت الأخيرة على الإبداع العلمي لتسيطر على المستقبل وتهبه لمن يحقق الإنتاج الأكبر.و تسبب هذا الواقع بتحولات جذرية في حل المشاكل وإداراتها بمجال التربية والتعليم العالي لتتبنى المنهجية العلمية وتطلق الطاقات الفكرية .
كما تناولت الباحثة في ورقتها البحثية على كيفية تربية الابداع لكونه يرتبط بالدافعية وفلسفة الحياة والعمر والجنس والانتماء وحتى (كيمياء الدماغ) و( الذكاء الدافع) الذي يتكون من عوامل شخصية وعقلية كثيرة ،والفرص المتاحة والمناخ الفكري ،والوراثة والأسرة ومؤسسات الدولة ويسمى ب( النظام الايكولوجي ) وتتلخص تربية الابداع بالمعادلة الآتية:
القدرة x الدافع x الفرص المتاحة ــــــــــــــ سلوك إبداعي
وتوصلت الورقة البحثية الى الحاجة للتوعية بالإبداع وخلق الرغبة لدى الطلبة وأولياء الإمور والتخلص من النجاح السهل؛ لأنّه يولد الغباء والتخلص من مضادات الإبداع والتركيز على المرونة النفسية.
المتحدث الثاني: الأستاذ المساعد الدكتورمحمد حمود إبراهيم السهر رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب -جامعة ذي قار، وقد شارك بورقة بحثية تحت عنوان (قراءات سوسيولوجية في الناصرية بوصفها ظاهرة اجتماعية ابداعية )
اشارت الورقة البحثية الى أهمية مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار ومن المدن العراقية فقد كان لها من التميز في مجالات الأدب، والفنون، والوعي السياسي ما لا يمكن أن يختلف عليه أثنان في العراق. ولم يكن لتلك المدينة التي تأسست عند العام 1869 من أن تتميز بهذا الشأن دون أن ترفدها المحافظات والقرى والأرياف المحيطة بها بالمادة والعناصر المبدعة التي يطلق عليها جميعا اصطلاح الناصرية في إشارة إلى المساحة التي تغطيها محافظة ذي قار في حدودها مع محافظات واسط، والقادسية، والمثنى، وميسان، والبصرة، والتي إنطلقت منها أول حملة لمقاومة الاحتلال البريطاني التي تمخضت عن معركة الشعيبة في نيسان 1915. كما كانت سباقة في تلقف الأفكار التي دخلت العراق باختلاف أنواعها منذ نهاية عشرينيات القرن العشرين، عندما ظهرت جماعة الناصرية الماركية عام 1928 . واستمرت محافظة ذي قار برفد العراق بالفن والشعر والآداب والموسيقى مثلما كانت ترفده بالمفكرين السياسيين البارزين. وإذا كان معظم العراقيين يعرفون أن ثالوث الغناء الريفي في العراق ( داخل حسن، وحضيري بو عزيز، وناصر حكيم) من الناصرية، فلربما لا يعلم معظمهم أن ثالوث المؤسسين للأحزاب السياسية الثلاثة الكبرى في العراق( الحزب الشيوعي العراقي، وحزب البعث، وحزب الدعوة الإسلامية) كانوا من الناصرية أيضا. وهنا تظهر براعة وإبداع الإنسان في الناصرية.
المتحدث الثالث :الاستاذ الدكتور ياسر البراك رئيس إتحاد أدباء ذي قار والذي شارك بورقة بحثية تحت عنوان (تأريخ الثقافة في محافظة ذي قار )
ابتدأت ورقته البحثية بالإشارة الى السنوات الأولى للاحتلال البريطاني للناصرية إذ تحوَّل التعليم من ( الكُتّاب ) و ( الملالي ) إلى المدارس النظامية بعد أن كانت الدراسة تقتصر على تعليم اللغة العربية وقواعدها وتجويد القرآن الكريم وحفظه وتفسيره وكان تأسيس المدرسة المركزية الإبتدائية عام 1916 – 1917 إيذاناً بفتح حقبة جديدة من الحياة الثقافية فقد أصبحت هذه المدرسة والمدارس التي تلتها بؤرة للثقافة والتنوير الفكري . ومع مطلع العشرينيات بدأت هذه المدرسة تُقدم أنشطتها الثقافية القائمة على مواهب التلاميذ مثل الخطابة والأناشيد والتمثيل والرسم والموسيقى والعديد من الفعاليات الأخرى التي رسمت مشهداً جديدا من مشاهد الثقافة التي عززتها زيارات الفرق المسرحية المصرية منذ منتصف العشرينيات مثل فرقة فاطمة رشدي وجورج أبيض ، وكذلك مطلع الثلاثينيات عندما زارت فرقة رمسيس التي كان يقودها الفنان يوسف وهبي مدينة الناصرية وقدمت لجمهورها العديد من المسرحيات . وقد حفَّزت هذه الزيارات العديد من المسرحيين على تأسيس فرقة السعدون المسرحية عام 1935 وهي أول فرقة مسرحية أهلية ضمَّت عدداً من شباب المدينة آنذاك .
وفي مطلع العشرينيات ظهرت للسطح أولى مظاهر الفكر اليساري الذي سرعان ما نما وشكَّل ظاهرة ثقافية لافتة للنظر. فيما ظهرت مطلع الثلاثينيات أولى الجهود الصحفية عندما أصدر لفتة مراد جريدة الأماني، ومع عقد الأربعينيات بدأت الحياة الثقافية تأخذ مساحة أكبر سواء أكان في النشر أم في تزايد عدد المكتبات و صدور الصحف والمجلات في الناصرية نفسها و زيادة رقعة النشاط المسرحي والفني في المدارس الابتدائية والثانوية، وقد توج تلك الارهاصات الثقافية في المدينة عقد الخمسينيات تتويجاً حقيقياً، فقد نشط التيار اليساري في حقل الثقافة من جهة ، وبرز فنانون في مجالي المسرح والسينما من جهة أخرى فضلا عن الفنون التشكيبية والموسيقية ، وإستمرَّ الحراك الثقافي بوتيرته المتصاعدة خلال عقد الستينيات أيضاً وبعد إسقاط النظام الملكي وقيام الجمهورية في 14 تموز 1958 بدأ واضحاً أن تيار اليسار سيطر على الحياة الثقافية العامة لذلك نشطت الفنون المسرحية والتشكيلية والموسيقية، أما عقد السبعينيات فكان عقد الأيديولوجيا الثقافية في العراق الذي انتهى بمأساة كبيرة انقلب البعثيون فيها على حلفائهم في الجبهة الوطنية وكذلك إنقلبوا على أنفسهم عام 1979 ليختزلوا صورة الحزب والوطن في شخص واحد.
المتحدث الرابع: الفنان علي عبد عيد نقيب الفنانين في ذي قار والذي شارك بورقة عمل تحت عنوان (تطور الأغنية في ذي قار)
أشار في ورقة العمل الى تأريخ الأغنية العراقية العريق والمزدهر عن طريق العمق التاريخي والحضاري الذي أدى إلى التنوع النغمي والإيقاعي والدرامي , وهي تركيبات اجتماعية قديمة لها أثرها في البلاد إذ نشأت هذه الألوان من رحم هذا التنوع الاجتماعي .
وشهد عقد سبعينيات القرن الماضي تحولاً واضحاً في مسار الإغنية العراقية التي تدعو رسائلها للحداثة والمدنية , وهذا تحول نوعي في الذائقة المجتمعية والفكرية إذ واكبت الأغنية السبعينية التطورات السياسية والاجتماعية وأخذت منحاً جديدأ في تركيباتها اللحنية والنغمية فكانت نقطة التحول هي أغنية ( المكير) للشاعر زامل سعيد فتاح والحان الفنان الراحل كمال السيد .
المتحدث الخامس: الأستاذ الدكتور حسين خميس الأنصاري التدريسي في قسم الإعلام - كلية الآداب بالجامعة المستنصرية والذي شارك بورقة بحثية تحت عنوان ( الإبداع العراقي بين معوقات الواقع وآفاق النهوض والإنجاز الوطني).
أستهل الباحث ورقته البحثية بالاشارة الى تعرض المبدع العراقي لعدد من الصعوبات والمعوقات التي تقف حائلا امام انجازه سواء اكان على صعيد المؤسسة الرسمية ام الأهلية او ما يتعلق بالجهات والجمعيات والمنظمات ذات الصلة بما فيها الإعلام ودوره في التعريف بالمنجز الإبداعي وتوضيح مستوى التمييز والإضافة التي تدفع البلد نحو آفاق من التقدم والتطور ومن ثمّ مواكبة آخر المستجدات العالمية وان ما يواجهه المبدع من معوقات حدت بالعقل العراقي إلى الهجرة ومحاولة التوجه بما ينجزه من إبداع إلى الخارج ولاسيما اكتشافه أن هناك من يدعم ويرعى هذا الإنجاز وهكذا رحل الكثير من المبدعين وخسر الوطن نخباً من العقول المبدعة التي تعد ثروة كبيرة من شأنها أن تسهم في دعم حالات التطور والتنمية المستدامة وتجعل العراق على غير ما هو عليه الآن.
فالثورة التكنوالكترونية التي نعيشها اليوم في ظل المعلوماتية والثقافة الرقمية وعصر الفضاءات المفتوحة والاقمار الاصطناعية و الروبوت الآلي والنانو والخلايا الجذعية وكثير من الاختراعات والنظريات والتجارب والإبداعات التي يشهدها العالم كل يوم بفضل جهود العلماء والباحثين من اصحاب العقول الذين يضيفون لحياتنا إبداعا تلو الاخر جعلوها أكثر يسرا ورفاهية ورغدا ولاسيما بعد توظيف هذه المنجزات لخدمة البشرية.
المتحدث السادس: ماجد السفاح مؤرخ الشعر الشعبي في محافظة ذي قار والذي شارك بورقة عمل تحت عنوان ( تاريخ الشعر الشعبي مع التركيز على الأبوذية)
استهلت ورقة العمل بالتشديد على أن مجتمع محافظة ذي قار هو جزء من المجتمع العراقي الذي توالت عليه احتلالات وتناوبت عليه دول وحكومات وعانى ماعانى من الويلات والنكبات وأنواع التعسف والاستغلال كلها وقد وقع على جزئه الجنوبي الكثير من الحيف والاضطهاد، وهذه العوامل دفعت بالإنسان إلى أن يبحث عن متنفس لهمومه وأوجاعه وآلامه فلم يجد غير الشعر المتمثل بنعي الأمهات وأبوذيات الرجال التي يعبرون من خلالها عن ما أصابهم من حيف واضطهاد، ثم يترجمونها بأطوار مختلفة في ظاهرها غنائية إلاّ أنّها في الحقيقة أطوار بكائية فهم ينتقلون من بكاء فرض عليهم إلى بكاء أختاروه بانفسهم ليخففوا عن كربهم من خلال جلسات يعقدونها وأكثرها تعقد ليلا.... فالإبوذية لون جميل يوصل الفكرة من خلال أربعة أبيات دون اللجوء للسرد الممل وبالإمكان حفظه وترديده بسهولة ويكتب في الحزن والرثاء والفرح والغناء والوجع والفراق والمدح والغزل والوصف والعتاب والمدح وهو المادة الاساسية في الغناء الريفي العراقي.
الاستنتاجات:-
الإبداع ظاهرة قديمة موجودة ومتأصلة في العراقيين وهي صفة ملاصقة لأبناء وادي الرافدين، ومحافظة ذي قار ومثلت دليلاً قوياً عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر.
أن صناعة الإبداع لاتتأتى الا من خلال التربية على الإبداع بالتوعية وخلق الرغبة لدى الطلبة وأولياء الأمور والتخلص من مضادات الإبداع و محاولة التركيز على المرونة النفسية.
يحتاج الإبداع إلى بيئة جاذبة تعمل على تذليل الصعوبات والموانع في طريق المبدع واستقطابه وتوفير مستلزمات البقاء.
التوصيات المقترحة:
• تحسين واقع الأداء العملي في المؤسسات التربوية وتطوير اساليبه في معالجة المشكلات وايجاد حلولا فعالة وقابلة للتطبيق.
• جعل التميز مهارة حياتية تمارس يوميا للعاملين في القطاع العام من خلال عدد من المهارات التطبيقية وإدخالهم في دورات تدربية تجعل منهم مدربين قادرين على حل مشاكلهم ومشاكل الآخرين بكل سهولة.
• الاستعانة بالتخطيط العلمي الاستراتيجي الذي يعمل عليه مختصو العلاقات العامة في محتلف البلدان اليوم. للحصول على التموقع الفكري المتميز.
• اختيار إدارات واعية في القطاع التربوي والجامعي تدرك قيمة الأداء المتميز وتضعه في مقدمة العاملين ليتعلموا منه.
• تأمين التنمية البشرية المستدامة من خلال الدورات التدريببة المستمرة للعاملين.
|