السلوك النيابي بين التنظيم والاطلاق
2017-09-27
حلقة نقاشية اقامها قسم الدراسات القانونية
عقد قسم الدراسات القانونية في بيت الحكمة الحلقة النقاشية الموسومة "السلوك النيابي بين التنظيم والاطلاق" يوم الاحد 24/9/2017، ترأست الجلسة الدكتورة حنان القيسي مشرف قسم الدراسات القانونية.
الباحثون المشاركون
1- الاستاذ طه العنبكي /تدريسي في الجامعة المستنصرية /كلية العلوم السياسية وبحثه الموسوم (السلوك النيابي بين القواعد التنظيمية والأطر المرجعية) تحدث فيه عن ابرز المفاهيم البارزة في موضوعه وتفرعاته..فالنائب وكيل عن الشعب وهو يمثلهم جميعاً، كما يمثل ناخبيه من دون أي تقاطع، لذا فهو مسؤول أمامهم، وبذلك فالنيابة تكليف وليس تشريف، ومن ثم عليه نقل مطالب ناخبيه إلى مؤسسته التشريعية سعياً لتلبية أكبر قدر ممكن من تلك المطالب، وكلما أفلح في هذا المسعى كلما عزز ثقتهم به وبمؤسسته مما يعزز ذلك شرعية نظام الحكم على وجه الجملة، والقواعد التنظيمية هي الأحكام الدستورية والنصوص القانونية والنظام العام ومايتصل بها،وتلك هي الأساس الذي ينبغي أن يضبط سلوك النائب، بما يفضي إلى تجسيد مبدأ السيادة الشعبية ويحقق المصلحة الوطنية ويتضمن:
• عقد الانتخابي
• القَسَم
• النظام الداخلي
• القوانين النافذة
• النظام العام
اما عن الأطر المرجعية هي مجموعة من التصورات والقيم والبنى التي يومن بها الشخص ويحتكم إليها في تقدير الأمور وإصدار الأحكام أزائها،وغالباً ما تتجسد في الولاء للإنتماءات الفرعية، ومن تلك الأطر الانتماء العرقي والقبلي والديني والطائفي والحزبي والمناطقي والمصالح الشخصية وما إلى ذلك ويتضمن.
• الإنتماء الديني
• الإنتماء العِرقي(القومي)
• المناطقية
• الإنتماء القبلي
• الإنتماء الحزبي
• المصالح الشخصية
وفي نهاية بحثه دعى الى ابرز الاعمال التي تساهم في تقويم السلوك النيابي ومنها:
•تبني نظام انتخابي مختلط
• التأهيل السياسي(إعداد صفوة)
• التغيير الثقافي
• تفعيل عمل لجنة السلوك النيابي
• تشكيل تحالفات أو أحزاب أو كتل وطنية
2-أ.د. حنان محمد القيسي كلية القانون/ الجامعة المستنصرية/وبحثها الموسوم السلوك البرلماني بين حرية الممارسة والتنظيم
في كل زمان ومكان هنالك إدعاءات حول سلوك البرلمانيين، وهي تتعلق في الغالب بمجموعة موضوعات مثل الصراعات الشخصية والعراك بالأيدي وتعارض المصالح وإساءة إستخدام الإستحقاقات البرلمانية، وأكثرها وضوحاً على العموم الإدعاءات التي تتعلق بالمخصصات التي يحصل عليها البرلمانيين، ومن أكثر صورها إثارة للجدل مخصصات السفر. ولا ريب في أنّ تُثير الإدعاءات التي تتعلق بنزاهة أو سلوك النواب الأخلاقي أو اللاأخلاقي إهتماماً كبيراً سواء من البرلمان أم الصحافة أم المجتمع عموماً.
ولعل إحدى أهم النتائج السلبية التي ترتبت على تركيز الإهتمام على نزاهة البرلمانيين وسلوكهم تحويل إهتمام المشرع والمجتمع عن أمور أكثر أهمية وإلحاحاً، مثل الخدمات العامة، والسياسات الحكومية، والعلاقات الخارجية للدولة، وعلى العموم النشاط الحكومي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أدى ذلك إلى تنامي وإزدياد النقد والغضب الشعبي لدوافع وسلوك البرلمانيين، وعملية الحوكمة الديمقراطية، بل والشك الشعبي في كل المؤسسات المدنية الديمقراطية.
فقد أشار استطلاع للرأي في استراليا نشر في 12 أيلول 1995 إلى أن 91% من العينة يعتقدون أن السياسيين ليسوا صادقين عادة و61% يعتقدون أن أكثر السياسيين يركزون على مصالحهم الشخصية والحزبية وحسب.
ويرى البعض أنّ الشعوب أصبحت اليوم تناقش السياسة بمستوى معين من السخرية المصحوبة بالإزدراء، فضلاً عن وجود نوع من عدم الثقة بالسياسيين. ولا يقف ذلك عند هذا الحد بل أصبحت الشعوب، تشعر بالسخرية وخيبة الأمل في نزاهة السياسة، وهذا ما عكسته استطلاعات الرأي في استراليا منذ عام1995، والتي تظهر أن 55% من الافراد الاستطلاع قالوا انهم فقدوا الأيمان في النظام السياسي والقانون.
وتهتم الدول الديمقراطية عادة بنزاهة وسلوك البرلمانيين، لأسباب عديدة، يقف في مقدمتها:
1. تكرار الفضائح الأخلاقية والسلوكية للبرلمانيين، فضلاً عن إنخفاض مستوى المشاركة الشعبية في العديد من الدول الديمقراطية، مما يشير إلى الإستياء من النظام السياسي، وما كل ذلك إلاّ أثر مباشر لتلك الفضائح.
2. إزدياد مستوى التدقيق والفحص وبناء عليه إزدادت إمكانية إكتشاف وملاحقة مثل هكذا سلوكيات من الإعلام والرأي العام. ويُعدّ ذلك نتيجة إرساء الديمقراطية في الحياة العامة من خلال زيادة عدد منافذ الإعلام، وسهولة الولوج إليها من طرف الناخبين، وتوافر المعلومات عن المصالح الشخصية والمالية للعاملين في المؤسسات العامة. وتُعدّ ثقافة الناخبين العنصر الأساس في حركة المعلومات، إذ يكاد أنّ يكون جميع الناخبين متعلمين، وتقريباً جميع المواطنين يمكنهم مشاهدة التلفاز أو الإستماع للإذاعة. مع الإشارة إلى أنّ الفضائح الأخلاقية أصبحت اليوم تروّج للصحف وتُسهم في إنتشارها، وتجذب المشاهدين وتصنع رأس المال السياسي.
3. إنخفاض الخدمات الحكومية بحيث أصبح دور الحكومة في حد ذاته موضوعاً للنقاش، وأضحى الأفراد في حيرة من أمرهم ممن هو مسؤول عن الأهداف العامة، من يرسم سياساتها ومن ينفذها، ومن له حق التدخل في ذلك أو الرقابة عليها. وكنتيجة لمثل هذا الأمر أصبح المجتمع يشك في دوافع ممثليه المنتخبين. وهو يكره نتائج السياسات التي يبدو وكأنها تدار بأيديولوجية عمياء، ومصالح فردية ومن جماعات الضغط بدلاً من حاجات المجتمع نفسه. إذ أشار تقرير أسترالي عام1913 إلى أن وزيرين، قاما بشراء أسهم في الشركة الأمريكية الماركونية، باستغلال معلومات داخلية بان الحكومة البريطانية قد وقعت في حينها عقدا كبيرا مع شركة ماركوني البريطانية. مما أدى إلى تضاعف قيمة الأسهم. وقد حاول الوزيران في البدء إخفاء أفعالهما وحين انفضح أمرهما ادعيا بانهما غير مذنبين على الرغم من كل الأدلة. إلا أن الملفت أن هذا الأمر لم يحظ بإهتمام الصحف الرئيسية ولا حتى عموم الجمهور، كما لم يتعرض الوزيران إلى أية عواقب سياسية، فقد أصبح أحدهما رئيساً للوزراء، في حين أصبح الآخر رئيسا للقضاة ونائب الملك في الهند.
4. زوال اللامبالاة الشعبية وتحرك المشاعر العامة، إذ يتوقع الأفراد مستويات سلوكية راقية من البرلمانيين، فإن لم يتمتع البرلماني بمثل هذا السلوك حاسبه الشعب بطريقة قاسية، ومع ذلك فإنّ الشك الشعبي يبدو وكأنه يتطور إلى نوع من الإستخفاف بالنظام السياسي نفسه نتيجة للسلوك الفعلي والمتصور للبرلمانيين.
كل ذلك إستدعى وضع قوانين ومدونات للسلوك البرلماني في الدول الغربية، وهذا الأمر في تصورنا أكثر إلحاحاً في الديمقراطيات المستحدثة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وعلى الرغم من إطلاعنا على عدد كبير من القوانين التي تناولت سلوك البرلمانيين بالتنظيم في دول العالم المختلفة إلاّ إننا لم نجد أي قانون مشابه في الدول العربية، ولعل إقرار مدونة السلوك البرلماني العراقية لعام 2016 كانت مبرراً ثالثاً لنا كي نحاول الخوض في غمار هذا الموضوع.
ولنا أنّ نؤكد إبتداء أنّ تبني مدونة سلوك لمواجهة السلوك السيء لبعض البرلمانيين يُثير جملة من التساؤلات التي سنحاول البحث في إجاباتها تباعاً خلال هذه الدراسة، فلم يُعدّ السلوك السيء موضوعاً مهماً في المجتمع الديمقراطي؟ وماهي الخيارات المتاحة لتحسين سلوك البرلمانيين؟ وماهي أغراض مدونة السلوك البرلماني؟
هل تمثل المدونات حلاً عملياً لقلق الشعوب إزاء سلوك البرلمانيين الذين يسيطرون على الحياة السياسية؟ وهل تُعدّ المدونات السلوكية أفضل وسيلة فعالة يمكن إستخدامها لزيادة ثقة المواطنين بالبرلمانيين؟ أم هل تُمثل المدونات السلوكية آليات فعالة تُستخدم لتحسين السلوك البرلماني؟
وما الذي يجب أنّ تحتويه مدونات السلوك البرلماني؟ وكيف يجب أنّ تُطبق هذه المدونات وتُصبح ملزمة؟ وما هي الملامح التي يجب أنّ تتواجد في مدونة السلوك الفعالة والمقبولة؟
نبدأ بسؤال ما هي الخيارات المتاحة من أجل التدابير التي يجب إتخاذها من أجل الحد من سوء السلوك الفعلي والملموس؟ فهل أنّ الحل الأمثل يكمن في إبقاء الحال على ما هو عليه، والقبول بالأمر الواقع، أم لا بد من وضع تشريع ينظم سلوك البرلمانيين سواء أكان بهيئة قانون أم مدونة؟
ونجيب على السؤال المذكور بان الواقع يفصح عن اسلوبين:
أولا: إسلوب الأمر الواقع: ويرى أصحاب هذا الإتجاه أنّ على الأنظمة السياسية ترك الأمور على ما هي عليه وقبول الأمر الواقع فيما يتعلق بسلوك البرلمانيين، إذ يرى هؤلاء أنّ النظام في الوقت الحاضر مقبول، فهو يتضمن ضوابط وتوازنات كافية، مثل حرية النقاش البرلماني والمساءلة داخل المجلس وغيرها، ناهيك عن التذكير بإنّ العقوبة الأكثر فعالية التي يمكن أنّ يواجهها أعضاء البرلمان هي صناديق الاقتراع.
ولعل الدول العربية جميعاً إتجهت إلى تبني هذا الخيار. إذ نجد أنها إكتفت ببعض الإشارات في الأنظمة الداخلية لبرلماناتها إلى السلوك المهني للنواب، مع إشارات أكثر من خجولة لجزاءات من المتوقع فرضها على النواب المخالفين وحسب.
وقد يبدو للوهلة الأولى أنّ مثل هذا الخيار سليم، طالما أنّ البرلمانات تستمر بعملها من دون الكشف عن وقائع يُسيء فيها النواب السلوك أو يرتكبون بعض الفضائح، الأخلاقية منها وغير الأخلاقية، بل وربما بكتمان مثل تلك الحوادث أو حتى التغاضي عنها أو تبريرها، طالما أنّ عمل البرلمان مستمر. ولا يخفى كم من سلوك سيء إرتكبه النواب من دون وقوعهم تحت طائلة المحاسبة، قانونية كانت أم شعبية.
إلاّ أنّ مثل هذا الموقف لا يؤدي إلى حل مشكلة السلوك السيء للبرلمانيين، ونعتقد أنّ مثل هذا الإختيار غير سليم من الناحية القانونية والمنطقية لأسباب عديدة يُمكن الإشارة إلى بعضها:
1. أسباب تتعلق بالبرلمانيين أنفسهم: إذ أثبتت الوقائع أنّ بعض البرلمانيين ليسوا على إستعداد للكشف عن زملائهم ممن أساء التصرف. وهم من ثم غير مستعدين لفرض عقوبات عندما تظهر وقائع واضحة على سوء السلوك هذا من جهة، ومن جهة أخرى لجوء بعض المتنفذين، سواء في ذلك رئاسة البرلمان أم رؤساء الأحزاب المتنفذة أو حتى بعض الزملاء، إلى إخفاء وحجب الوثائق، بغية في إحباط عملية المساءلة. مما يدفع إلى القول بتغلب الإعتبارات السياسية في كثير من الأحيان على مصالح المجتمع.
2. عدم الشفافية في مواجهة الشعوب إذ غالباً ما يتم تغيير الحقائق أو إخفائها حفاظاً على المكتسبات السياسية والحزبية على حساب كفاءة الأداء والمساءلة معاً.
3. عدم صلاحية قاعدة (أنّ صناديق الإقتراع سوف تكون الحكم في إختيار الأصلح)، إذ لم تعد المقولة المذكورة صحيحة بشكل مطلق، لا سيما وأنّ البرلمانات أنفسها لم تعد قادرة على مساءلة المهيمنين على السلطة التشريعية بصورة فعلية، كما أنها لم تعد قادرة على مساءلة البرلمانيين الأفراد الذين فشلوا في كسب ثقة ناخبيهم بهم.
ثانياً: الإسلوب التشريعي لمعالجة السلوك البرلماني وهو الإتجاه الأكثر وضوحاً ويتمثل في وضع تشريع يُنظم سلوك البرلمانيين. إذ تفرض بعض القوانين المقارنة مستويات السلوك المناسب وتمنع أو تحظر أفعالاً معينة كما في الكثير من الديمقراطيات الغربية، في حين تسعى دول أخرى إلى تبني موقف مماثل كما في العراق وغيره من الدول حديثة العهد بالديمقراطية.
تُمارس المعايير الأخلاقية دوراً حاسماً في ضمان أنّ يتماشى سلوك النواب مع الدستور والقوانين في البلاد من جهة، وأنّ يُلبي – من جهة أخرى - توقعات الشعب حول الكيفية التي ينبغي أنّ يتصرف بها البرلمانيين، لا سيما مع إمكان قيام الناخبين بمساءلة النواب عن الفشل في الإرتقاء إلى المعايير الأخلاقية، حتى من دون مخالفة صريحة للقانون.
ولتحقيق ذلك لا بد من الإعلان عن المعايير الأخلاقية لذوي المناصب الحكومية وأعضاء البرلمان، لا سيما في الأنظمة البرلمانية التي تتشكل الحكومة فيها من بين أعضاء البرلمان، فضلاً عن ضرورة وجود عملية فعالة ومتواصلة لمواجهة إنتهاكات النواب لتلك المعايير سواء من حيث تطبيقها أو من حيث الرقابة عليها.
وتلجأ بعض الدول إلى تنظيم السلوك البرلماني في نصوص الدستور الوطني وبعض القوانين الخاصة التي تتعلق بشاغلي المناصب العامة مثل قوانين تضارب المصالح، وقوانين الإفصاح عن الذمة المالية، وقوانين البرلمان، فضلاً عن القانون الجنائي أو قانون المخالفات الإدارية. ولعل هذه الدول وجدت عدم الحاجة لصياغة مدونة منفصلة لقواعد السلوك أو الأخلاق للنواب، بعبارة أخرى لم تضع هذه الدول مدونة لقواعد السلوك، وفضلت الإعتماد على المعايير المهنية التي توجد في شبكة القوانين والقواعد الإجرائية والأوامر القائمة.
وهنالك العديد من الأسباب التي تجعل وضع المدونة أمراً مهماً، يتمثل:
1. سهولة رجوع النواب إليها، إذ أنّ جميع القواعد الرسمية تكون في مكان واحد، وهذا يعني أنّ المدونة أصبحت مصدراً لتوجيه النواب.
2. المرونة اذ يمكن أنّ تُعدل ويتم تحديثها بشكل سريع نسبياً لتعكس المشاكل أو التغيرات في القواعد.
3. تُساعد وسائل الإعلام والجمهور للتحقق فيما إذا كان النواب يتصرفون على وفق مستوى التوقعات.
4. تحسين المساءلة، إذ أنها تضع معايير واضحة، في مواجهة الأحكام المسبقة للجمهور ووسائل الإعلام، وإذا ما تم تطبيق هذه القواعد على الدوام فأنها قد تُساعد النواب على حماية حياتهم الشخصية من التدخل والرقابة الإعلامية.
5. تهدف المدونات إلى تعزيز الكفاءة المهنية والزمالة.
إلاّ أنّ علينا الإقرار إبتداء إلى أنّ مدونات قواعد السلوك لن تخلق من أعضاء البرلمان أشخاصاً صادقين ونزيهين، كما أنها لن توقف الأعضاء من خيانة الثقة العامة، إذا كان هؤلاء يرغبون بفعل العكس.
3-أ.م.د إياد العنبر/ جامعة الكوفة/ كلية العلوم السياسية السلوك الرقابي للبرلمان العراقي: قراءة سياسية
تعد تجربة النظام الديمقراطي في العراق تجربة حديثة العهد، ومن ثم لا يختلف العراق عن البلدان التي تعاني من أزمات الانتقال نحو الديمقراطية، بيد أن أهم هذه الأزمات هو النظام السياسي الهجين الذي أنتجته تجربة التحول الديمقراطي في العراق بعد 2003. ومن هنا الفرضية الرئيس التي تنطلق من الدراسة أن مشكلة ضعف الدور الرقابي للبرلمان العراقي، على الرغم من كونه السلطة المانحة الشرعية للسلطة التنفيذية، وتعود تلك مشاكل بنيوية في النظام السياسي العراق والتي أهمها الاقتصاد الريعي، الذي يجعل الارتباط الأقوى بين المؤسسات التنفيذية والمواطن على اعتبار أنها المانحة والواهبة، ومن ثم يمنحها التعالي على المؤسسة البرلمانية. وعليه، دور البرلمان كمجسد للسلطة التشريعية والمسؤولية السياسية للحكومة أمامه، لا يمكن أن يكون فاعلاً ما لم تترسخ فكرة خضوع الحكومة والقوى السياسية لسلطة ومراقبة ونقد الشعب عبر مؤسسة البرلمان، وفي مجتمعات تقليدية، إذ تلعب الانتماءات الثانوية دوراَ اكبر من تلك الصادرة من مواقف سياسية وطنية، ومن ثم تصعب عملية ضبط اللعبة السياسية البرلمانية على مستوى الفرد والسلطة والقوى السياسية وينعكس ذلك على البرلمان حيث يضعف دوره الرقابي.
ومن جانب آخر، مشكلة التوافقية التي تحول إلى نظام للمحاصصة الطائفية والقومية بين القوى السياسية المتنفذة، ومن ثم التطبيق المشوه للديمقراطية التوافقية في العراق جعلها تبتعد أو تنحرف عن فلسفتها، إذ بدلاً من أن تكون عاملاً في تحقيق الانسجام والتوافق في إدارة الدولة على أساس التوافق بين القوى السياسية الممثلة للمكونات الاجتماعية المتعددة، أصبحت أداة معوقة ليس لإدارة الدولة حسب بل في بناء دولة المؤسسات. بالإضافة إلى تعطيل استحقاقات ينتظرها المواطن من الحكومة التي منحها الشرعية. وهذه المشكلة انعكست بشكل رئيس على السلوك الرقابي للبرلمان.
وتأسيساً على ما تقدم، تحاول أوراق الدراسة بحث الموضوع من خلال المحاور الأتية:
• مشكلة ضعف النظام البرلماني في العالم الثالث
• إشكاليات النظام السياسي الهجين في العراق وأثرها على النظام البرلماني
• المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء
4- د. منجد منصور تدريسي في الجامعة المستنصرية /كلية القانون وبحثه الموسوم(ظاهرة الرئاسية في الاحزاب والكتل البرلمانية في العراق) وفيه تحدث عن هذه الظاهرة التي تعد من الظواهر الشديدة الوضوح والتأثير في الحياة السياسية والقانونية في العراق على حد سواء ومما لها اثار متنوعة تطال النواب في مجلس النواب وعملهم وما ينتج عنهم من تشريعات حيث ان هذه التشريعات غالبا ما تكون مشوه او مهزوزه وبالتالي سيؤثر في استقرار النظام السياسي في العراق بشكل عام .
|