الخطاب الديني ودوره في تحقيق التغيير الاجتماعي معالم التنظير وعوائق التطبيق

2024-05-29

 الخطاب الديني ودوره في تحقيق التغيير الاجتماعي    معالم التنظير وعوائق التطبيق

ملتقى علمي اقامة قسم الدراسات الاجتماعية بالتعاون مع قسم الدراسات الاسلامية 


  ملتقى علمي
    قسم الدراسات الاجتماعية بالتعاون مع قسم الدراسات الإسلامية في بيت الحكمة عقد الملتقى العلمي الموسوم بـ ( الخطاب الديني ودوره في تحقيق التغيير الاجتماعي : معالم التنظير وعوائق التطبيق) وذلك في يوم الاربعاء الموافق ٢٩/5/٢٠٢٤ على قاعات بيت الحكمة ببغداد.
   استهدف الملتقى الذي تضمن اثنا عشر ورقة بحثية بمشاركة مرجعية المدرسة الخالصية وعدد من الباحثين والدعاة والأكاديميين ألقيت على مدى جلستين علمية تحقيق عدة قضايا أهمها:-
1-    معرفة كيف يمكن للفكر الديني أن يكون طريقا للإصلاح والتغيير.
2-    العمل على بلورة خطاب ديني ينهض بالواقع نحو الأفضل.
3-    بيان الدور والعوامل التي تمكن المؤسسة الدينية من تحقيق التماسك الاجتماعي وتعزيز مفاهيم التعايش وقبول الآخر في المجتمع العراقي.
تضمنت محتويات الأوراق العلمية مناقشة المحاور الرئيسية الآتية:-
•    دور المؤسسة الدينية في أحداث التغير الاجتماعي.
•    الخطاب الديني ودوره في تغيير البنية الفكرية لأفراد المجتمع.
•    الخطاب الديني بين التجديد والتبديد .
•    تجديد الخطاب الديني: ضروراته وضوابطه .
•    الخطاب الديني:- التراث والأسئلة العبثية.
•    المؤسسة الدينية ودورها في الاندماج الاجتماعي للشباب.
•    الخطاب الديني للحركات الإسلامية ونمط التنشئة الاجتماعية.
    حظي الملتقى بتغطية إعلامية وحضور رجال دين ورجال دولة وعدد من الأكاديميين وشيوخ العشائر فضلا عن عدد من المهتمين بالشأن الديني الاجتماعي.
   تضمن برنامج الملتقى  جلستين علمية عقدت بالتزامن في كل من قاعة الندوات وقاعة المرايا وكالاتي:-
الجلسة العلمية الأولى بدأ  برنامج الجلسات ( ١٠:٠٠ – ١٢:٣٠ )
رئيس الجلسة : ا.د. عبد الباقي بدر ناصر الخزرجي / عضو مجلس أمناء بيت الحكمة و ا.د. خليل ابراهيم رسول/ مشرف قسم الدراسات الاجتماعية في بيت الحكمة
مقررة الجلسة :- د. خديجة حسن جاسم/ قسم الدراسات الاجتماعية/ بيت الحكمة
الباحثون المشاركون:-
1-    المرجع الديني الشيخ العلامة جواد الخالصي /   المدرسة الخالصية – بلورة خطاب  ديني جديد ينهض بالواقع نحو الأفضل .
2-    د . هشام عبد المالك عبد اللطيف الصميدعي/ المستشار العلمي والشرعي في اتحاد الأكاديميين العرب – دور العلماء والقادة في إصلاح الأمة.
3-    ا.د. نضال عيسى كريف/ الجامعة المستنصرية/ كلية الآداب – المدونة الفقهية وتجديد الخطاب الديني : المسيحيون بين الإسلام الليبرالي والاسلام الصوفي
4-    د. عبد الغفور محمد احمد المشهداني/ نائب رئيس جامعة المستقبل – تركيا /وا.م.د. علي ياسين المشهداني – دور الإصلاح الديني في التنمية البشرية.
5-    د. احمد محمد علي/ مدير قسم إدارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي في ديوان الوقف السني – تجديد الخطاب الديني في ظل التحديات المعاصرة.
6-    د. رائد فاضل جميل الشيخلي/ كلية ابن خلدون - مدير شعبة جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي – تأثير الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني على تكامل الهوية الإسلامية.

الجلسة العلمية الثانية :
رئيس الجلسة: - ا.د. محمد جواد الطريحي / مشرف قسم الدراسات الاسلامية في بيت الحكمة
مقرر الجلسة:- ا.م. د. مياس ضياء باقر    / رئيس قسم الدراسات الإسلامية في بيت الحكمة
الباحثون المشاركون:-
1-    ا.د.حيدر عبد الزهرة هادي / جامعة بغداد/ كلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية / رئيس مركز مشورة للدراسات والتنمية – الخطاب الصامت: الماهية والجدوى .
2-    ا.د. مروان صباح ياسين نوح / الجامعة العراقية/ كلية الآداب و د. يسرى جلوب مدلول/ عضو مجلس محافظة بغداد – أساليب الخطاب الديني وتأثيرها على المجتمع.
3-    ا.د. عمار باسم صالح ود. حيدر خلف سلمان/ كلية العلوم الإنسانية/ جامعة بغداد – جدوائية الحوار في الخطاب
 الديني وأثره في التعايش السلمي .
4-    ا.م.د. عبد الهادي محمود الزيدي و د. جاسم محمد حرجان/ كلية العلوم الإسلامية/ جامعة بغداد – جدلية العنف والتسامح في الخطاب القيمي المعاصر .
5-    د. علي فليح عبدالله محمد الصميدعي/  الوقف السني   - اثر دعوة الشيخ عبد القادر الكيلاني في توعية الشباب والمحافظة على السلم المجتمعي .
6-    ا. د. ضياء محمد محمود المشهداني / الجامعة العراقية كلية العلوم الاسلامية - الخطاب الديني المعتدل وأثره في بناء السلم المجتمعي.

يمكن تلخيص أبرز النتائج والاستنتاجات التي تمخض عنها الملتقى بالآتي:-
1-    لوازم وضوابط الخطيب محدودة مؤطرة بالمشروع والممكن ، متسمة بالواقعية واليسر العملي والمثالية مما يعطي الفعل أو الترك صفة  الديمومة  ، والتعاليم التي يتضمنها الخطاب يجب أن تتصف بالتدرج والمرحلية وبالتحديد الذي يعين على صدور الفعل عن قناعة واخلاص ، فالطاعة مشروطة بالاستطاعة.
2-    أن سرعة التغيرات التي يشهدها العالم في مختلف المجالات في عصرنا الحالي يتطلب حاجة ماسة وضرورية للتجديد في الخطاب الديني لمواكبة متطلبات الحياة المعاصرة لا شغفا بها ولكن اصلاح وتمييز لصحيحها وسقيمها ونشر لنماذج السلوك السوي في ثنايا هذه الحياة فضلا عن تنشيط التفاعل والحوار الثقافي مع ثقافات الأمم الأخرى ويمكن تحديد أبرز المبررات والضرورات التي تتطلب تجديد الخطاب الديني بالآتي :-
-    ان التجديد في الفكر الاسلامي ليس مجرد أمر مشروع ومقبول وجائز بل هو ضرورة .
-    الحياة متجددة ومتغيرة لا تثبت على وتيرة واحدة ومن الطبيعي والمنطقي أن يكون الخطاب الديني مواكب للتغيرات التي تحدث في المجتمع.
-    ان الخطاب الديني لم يواكب بما فيه الكفاية ما حملته وسائل الإعلام الجديدة من مزايا كبرى لم تكن متاحة في زمن الندرة التكنولوجية.
-    كثرة السلبيات التي يتصف بها هذا الخطاب وجوانب الضعف فيه نتيجة حالة الضعف  والفوضى التي يعيشها المجتمع .
3-    أصبح من الضروري أن يعطى الخطاب الديني حقه من الدرس والتمحيص خروجا من دائرة الذات إلى دائرة الدين والأمة.
4-    من أولويات الخطاب الديني تجديد المفاهيم في طريقة عرض مبادئ الدين والشريعة والحفاظ على الهوية في إطار التجديد والجمع بين الأصالة والمعاصرة لإحياء التراث الديني وتخليصه من العناصر الدخيلة عبر اعمال العقل في الخطاب الديني.
٥ – يمثل موضوع الاشتغال على إصلاح نظام التربية والتعليم شكلا ومضمونا من خلال اعتماد أسس علمية ومنهجية جديدة تفي بمتطلبات العصر الحديث وفي اشاعة القيم الإسلامية الأصيلة في المدارس والجامعات ، بعدهما عاملين أساسيين  يجب الانطلاق منها  في تحديث الخطاب الديني ، شريطة عدم إهدار الهوية الأصلية للنص القرآني الذي يتميز بخاصية استيعاب الزمن المطلق والعودة للقرآن بعده الوسيلة الفضلى لمواجهة تحديات الحداثة مع ضرورة القيام بمراجعة جذرية لقيم ومعارف كانت سائدة وفقدت فعاليتها في تحقيق التفاعل والتكيف النوعي .
٦- من سمات الخطاب الديني الوسطي المعتدل الآتي:-
•    أهمية أن يكون الخطاب الديني وسطيا ومعتدلا  ناضجا وواعيا ومتكاملا.
•    عدم إقحام الدين في التعبئة السياسية والحزبية.
•    أهمية أن تكون توجهات الخطاب الديني الوسطي المعتدل مبنية على أسس تقبل الآخر المختلف وفهم فلسفة ثقافة الاختلاف بين الناس .
•    أهمية أن تكون الخطب المنبرية مركزية لجميع دواوين الأوقاف للحفاظ على وحدة الصف الوطني والنسيج الاجتماعي.
٧- تعد إشكالية قبول الآخر المختلف أحد المشكلات التي تواجه الخطاب الديني وان اخطر ما يعيشه  المجتمع هو الصراع والانقسامات بين أفراد المجتمع نتيجة تبني بعض الخطباء لتوجهات  الخطاب المتطرف ورفض قبول الآخر المختلف.
٨ – لكي يؤدي الخطاب الديني دوره الصحيح في التغيير الاجتماعي وبناء المجتمع والإنسان بشكل سليم لابد أن يتسم بما يلي :-
•    ان يكون قارئاً لما في الساحة من أحداث وكيفية التعامل مع هذه الأحداث.
•    الانطلاق من الواقع وقراءة الساحة لا يعني القبول به وانما العمل على تغيير ذلك الواقع.
•    خطاب تأصيلي يرجع الى أصول الشريعة والقرآن والسنة النبوية وسيرة أهل البيت..... وليس خطاب شخصي يعكس افكار و توجهات فردية.
•    خطاب وحدوي بمعنى هو خطاب يجمع لا يفرق يبحث عن المشتركات ، يبث قيم احترام وقبول الآخر المختلف ،،،،، .
•    خطاب واضح قصدي موجه بمعنى خطاب خاضع لمقصد معين وسياق معين يعمل على بناء المعنى وتوجيهه ،  قائم على التدرج في اكتمال المعنى من الكلمة إلى المفهوم ثم التعبير والنص ، وهكذا فنتاج اي خطاب بين طرفين أو أكثر مرهون بفهم وافهام المرسل وظروف تلفظه له وبمقاصده  .
٩- يعد الخطاب الديني الوسطي المعتدل من أعمدة تعزيز الانتماء للوطن وترسيخ قيم المواطنة والهوية الإسلامية.
١٠- لابد من فهم التحديات التي تواجه تطبيق مناهج الوسطية والاعتدال وانعكاساتها على الهوية الإسلامية وموضوع تكاملها.

 أما أبرز التوصيات والمقترحات التي خرج بها الملتقى فيمكن ايجاز
 أبرزها بالآتي:-
1-    ضرورة عدم الانسياق وراء التنميط السائد في تفسير علاقة الدين بالسياسة وان مسؤولية الخطيب الدينية هي مسؤولية كبيرة وعظيمة لا يمكن له من  القيام بما تؤديه من وظائف بمعزل عن الجماعات والحكومات .
2-    العمل على تكاتف جهود العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين والمصلحين للقيام بمسؤولية ابراز قواعد ومبادئ الخطاب الديني الإسلامي وجعله من الحقائق التي تطبق في الواقع المعاش وان يكون له مكانة في صناعة القرار الدولي.
3-    العمل على تطوير مشروع الاسلام الحضاري  وضرورة التركيز على القواسم المشتركة بين الرسالات السماوية في الخطاب الديني والثقافي والتربوي والإعلامي وسن القوانين التي تحرم التمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق .
4-    أهمية محاسبة الجهات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعتمد نشر افكار هدامة عبر استعانتها بغير المختصين مع التوصية بضرورة تشكيل فريق عمل من المختصين بمواقع التواصل الاجتماعي مهمته متابعة الفكر المتشدد على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام التقليدية وغيرها وتقديم ردود علمية صحيحة وبلغة واضحة ويسيرة يمكن لعامة أفراد المجتمع التفاعل معها بسهولة ويسر .
5-    تدريب القائمين على الخطاب الديني على ممارسة الاجتهاد لتقديم الخطاب الديني بكل ثقة والعمل على بناء جيل من علماء الدين واعين بمشكلات مجتمعهم قادرين على أعمال التفكير الناقد لهذه المشكلات والمساهمة في حلها عبر تقديم خطاب ديني عملي فعال .
6-    من الضروري أن يتقن الخطيب لغة عصره ذلك أن الخطاب الفعال هو ذلك الخطاب الذي يكون منتميا لعصره ويعيش قضاياه واهتماماته ويطلع على ويدرس الواقع ويستفيد  من وسائله وتقنياته ليعرف من يخاطب ؟ وكيف يخاطب ؟ ذلك أن استعمال المفردات المتداولة فعلا واللغة الواضحة من أهم العوامل التي تؤدي إلى خطاب ناجح ومؤثر في المجتمع .
7-    التوجيه للخطباء بالابتعاد كليا عن تسييس الخطاب الديني وتوجيهه لصالح جهة سياسية معينة على حساب القيم الوطنية العليا للمجتمع والدولة.
8-    لابد من أن يتبع الخطاب الديني المنهجية العلمية ليكون مقبولاً وتكون أفكاره مشبعة بالأدلة والشواهد المؤثرة ومنسقا في محاور ونقاط ليكون أكثر فائدة واقدر على الإقناع والتأثير.
9-    العمل على تحديث الفكر الديني بكل ما هو جديد وتقديم خطاب ديني مرتبط بما يعانيه المجتمع من مشكلات وتحديات كالبطالة والتعليم والفقر والجهل .... كي يلقى آذانا صاغية وقلوبا واعية لما يحدث في المجتمع.
10-    ترسيخ التعددية في الخطاب الديني عبر ايجاد حالة من الوعي العام بشأن التحول من المتحدث الواحد الفوقي في جمهور المتلقين إلى المحاور الذي يتفاعل مع طرف آخر ، لذا فهو بحاجة إلى تطوير وسائل التواصل مثل الحلقات الحوارية في المؤسسة الدينية ، ومواقع التواصل الاجتماعي ، وتعزيز ثقافة الحوار في مقابل ثقافة الصخب والابتعاد عن الخطابات الانفعالية الصارخة .
11-    العمل على تطوير لغة الخطاب الديني لتكون قادرة على التأثير وعلى نقل جوهر الدين بوضوح وبصورة تتوافق ومستويات الجماهير المختلفة.
12-    التأكيد على دور الجامعات والمعاهد والمراكز التربوية بإيلاء موضوع الخطاب الديني حقه من البحث والدراسة من خلال عمل دراسات ودورات وندوات بشأن ترشيد الخطاب الديني ماهيته واهم سماته وركائزه ومعاييره .
13-    يجب ان يتم وضع رقابة على وسائل الإعلام التي تقدم الخطاب الديني وذلك لضمان عدم إصدار أي فتوى دون الرجوع الى المؤسسة الدينية المختصة عن ذلك ، إذ يجب العمل على احترام التخصص والابتعاد عن استضافة من ليس له صفة دينية والسماح لكل من هب ودب التحدث باسم الدين إذ يتعين تخصيص فئة معينة ضمن ضوابط وشروط في مسائل إبداء الرأي والنظر والاجتهاد  لكي يكون علمياً لا يتكلم إلا فيما يملك من علم .
14-    تفعيل رسالة الخطاب الديني كونه مسير العملية الاتصالية داخل المؤسسات الدينية إذ يمكن استثمار سلطته الروحية التي يستمدها من الشرعية الدينية في أن يتصدر المشهد داخل المؤسسات الدينية وخارجها ليبني مشروعه الحضاري في بناء المجتمع عبر استخدام الأساليب والوسائل التي من خلالها تستطيع هذه الأفكار توجيه سلوك  المتلقين للخطاب عبر الدخول الى عالمهم ومعرفة ما يحفزهم على الاستجابة وفهم الظروف المحيطة بهم والضغوطات التي تفرضها عليهم الحضارة المادية الحديثة.



 

 

 

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر