اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

2021-06-27

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

كتاب صدر عن بيت الحكمة



د. سامي شبر "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" تحليل وتعليق



بيت الحكمة . بغداد 2020 – 350 ص

أ.د. محمود علي الداود
مشرف قسم الدراسات السياسية والاستراتيجية – بيت الحكمة

قبل ان تتحدث عن مضمون هذا الكتاب الهام "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد – تحليل وتعليق الذي صدر عن بيت الحكمة عام 2020 لابد ان تتحدث موجزاً عن المؤلف د.سامي شبر أستاذ القانون الدولي وسيرته العلمية . يصنف المؤلف بانه من ابرز الاختصاصيين العراقيين في الدراسات القانونية وهو يحمل ليسانس قانون من جامعة بغداد (1958) ودبلوم الدراسات العليا (جامعة لندن ) 1962 ودبلوم القانون الدولي المقارن من معهد لندن للشؤون الدولية (1964) وماجستير في القانون جامعة لندن (1964) ودكتوراه في القانون الدولي من جامعة كمبردج (1968) ومحاضر في القانون الدولي في جنيف وعدد من معاهد دول الاتحاد الأوربي . وفي الخدمة الدولية عمل الدكتور سامي شبر مستشار اقدم في منظمة الصحة العالمية ومستشار مؤقت في برامج الأمم المتحدة للبيئة . ونشر العديد من المؤلفات القانونية باللغة الإنكليزية منها (الولاية القضائية للدول في الجرائم المرتكبه على متن الطائرات) و(إجراءات الأمم المتحدة ضد العراق) و(قانون الاستثمار العراقي) و(توغل القوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية) .
لقد أثار كتاب الدكتور سامي شبر "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ردود فعل إيجابية عند أساتذة القانون الدولي على نطاق واسع وأوضح المؤلف في صدر كتابه ان الفساد ظاهرة شر تصيب الدول المتطورة والنامية غير ان الأخيرة هي الأكثر تضرراً لان الفساد ينخر في جسم هذه الدول وله نتائج كارثية على مسيرة التنمية المستدامة وأدى انتشار الفساد الى قيام المجتمع الدولي لتبني اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد أهمها اتفاقية الأمم المتحدة عام 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2005 والتي قام الكاتب بدراستها وتحليل نصوصها والتعليق عليها وبيان أهميتها تنفيذاً لتحقيق اهداف الاتفاقية والتي تتماشى مع جهود الحكومة العراقية لمكافحة الفساد الذي تفشى في العراق لفترة طويلة وخصوصاً بعد عام 2003 وبشكل غير مسبوق وكان له دور مدمر على الحياة العامة وفرص الاصالح الشامل . افتتح المؤلف كتابه بتعريف القارئ بقائمة طويلة من المختصرات ويحتوي الكتاب على ستة أجزاء (1) الجزء الأول اهداف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (2) الجزء الثاني يتضمن التعريف بالجرائم التي أنشأتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (3) الجزء الثالث الولايه القضائية على الجرائم الخاصة لاتفاقية الأمم المتحدة (4) الجزء الرابع يعالج التعاون الدولي في مكافحة الفساد (5) الجزء الخامس ويدرس المساعدة التقنية وتبادل المعلومات (6) الجزء السادس – تنفيذ الاتفاقية ويشمل اليات تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة وهناك خلاصة متميزة مع ذكر لمصادر علمية أساسية في القانون الدولي باللغتين الإنكليزية والفرنسية وهي مصادر معاصرة بقلم علماء القانون الدولي. وقد أوضح المؤلف في مقدمته التمهيدية ان العراق قد انضم الى هذه الاتفاقية عام 2008 وهي اتفاقية شاملة وتنفيذها في العراق سيكون له أثر إيجابي كبير في مكافحة الفساد وهذا مادعاه الى تأليف هذا الكتاب وشرحها كخدمة في هذا المجال لوطنه العراق العزيز وأضاف ان تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة في العراق يتطلب وضع تشريعات خاصة لمنع ومكافحة الفساد وان الاتفاقية تلزم الدول الأطراف القيام بهذا العمل وان جميع فصائل المجتمع العراقي كالمجتمع المدني والمؤسسات الاكاديمية والثقافية وجمعيات حقوق الانسان والمنظمات الأخرى وحتى الافراد العاديين يمكن ان يلعبوا دوراً بناءً في مكافحة الفساد وهو يدعو الله عز وجل ان يوفق جميع الجهود لمكافحة الفساد بالتوفيق والنجاح .
ومن ابرز الأفكار والرؤى التي طرحها في خاتمة هذه الدراسة القانونية المهمة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد .
(1)    ان الدول النامية هي المستفيد الأكبر من اتفاقية الأمم المتحدة لان هذه الدول تعاني أكثر من غيرها من الضرر الذي يسببه الفساد لاقتصادها وتطويرها ولشعوبها بينما تجد الممتلكات والأموال الناتجه عن الفساد طريقها الى الدول المتطورة صناعياً لحفظها واخفائها ولكن العكس لايحدث بالنسبة للدول النامية .
(2)    ان إعادة الممتلكات التي تم الحصول عليها من خلال جرائم الفساد وغسيل الأموال الى الدول الأطراف المالكة لها تعتبر جزءً اساسياً من اتفاقية الأمم المتحدة ومن وجهة نظر الدول النامية .
(3)    وقد علق احد الكتب "ان الاتفاقية تشكل قاعدة هندسية مكافحة الفساد على النطاق الدولي حقاً وانها تزود الدول النامية بوسيلة مهمة وجديدة لمحاولة استعادة الممتلكات المنهوبة" .
(4)    تحتوي الاتفاقية على أسس واسعة لمزاولة الولاية القضائية على جرائم الفساد ومنها تسليم المجرمين .
(5)    ان مسؤولية تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة على النطاق الداخلي للدول الأطراف تقع على عاتق الدول الأطراف .
(6)    ان التعاون الدولي في مكافحة الفساد ضروري جداً لتحقيق اهداف الاتفاقية ويجب الإشارة الى ان الدول المتطورة صناعياً يمكن ان تلعب دوراً كبيراً في مجال المساعدة القانونية والفنيه وكذلك منع اقليمها من ان تكون منطقة آمنة لجرائم الفساد .
ان أهمية هذا الكتاب ايضاً انه يصدر والشعب العراقي يتطلع الى توصل المؤسسة السياسية الى بلورة واضحة لمتطلبات الإصلاح السياسي والاقتصادي وإعطاء الأولوية لتحقيق الإصلاح السياسي الفاعل الذي بدونه لايمكن تفعيل أية استراتيجية لمكافحة الفساد مهما تضمنت من توصيات وتقنيات متطورة وكما قال الأستاذ سليم الحص رئيس وزراء لبنان الأسبق (في محاضرة له في الندوة التي عقدتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد – بيروت 7 حزيران يونيو 2006)
"ان الإصلاح يكون شاملاً او لايكون فاذا كان متفشياً في الدم في انسجة الجسم فلا جدوى من التركيز على معالجة عضو من أعضاء الجسم . ولكن قرار الإصلاح في الدولة أياً يكن موضوعه سواء كان اقتصادياً أم اجتماعياً أم ثقافيا أم ادارياً هو بالضرورة سياسي" .
ومن أجل إدارة مكافحة الفساد في العراق فمن الضروري ايضاً الالتزام بالشفافية فبالاضافة الى تشخيص الفاسدين ومراكز القوى التي يسيطرون عليها فمن الضروري الاهتمام بابراز نماذج حية من المثال والقدوة في الشفافية بين رموز المجتمع كأحد سبل تعميم نهج الشفافيه في المجتمع العراقي داخل المؤسسات الحكومية وخارجها وإيجاد الاليه اللازمة للتعريف بهؤلاء الرموز وتكريمهم .
في الأخير لابد ان اسجل شكري وتقديري لبيت الحكمة على نشر هذا الكتاب المهم وهذا يأتي في سياق تواصل بيت الحكمة مع النخب العلمية العراقية المتميزة في الخارج لدعم جهود النهوض والإصلاح في العراق وقد لمسنا هناك حماس واندفاع لهذه النخب المشاركة في خدمة وطنا العزيز .... العراق  .

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر