أزمة الاعتقاد في أوساط الشباب المعاصر

2020-02-16

أزمة الاعتقاد في أوساط الشباب المعاصر

ندوة اقامها قسم دراسات الاديان


أزمة الاعتقاد في أوساط الشباب المعاصر


أقام قسم دراسات الاديان الندوة العلمية الموسومة (أزمة الاعتقاد في أوساط الشباب المعاصر) صباح يوم الاحد الموافق16/2/2020 في قاعة بيت الحكمة.
برئاسة: د. احسان الامين       وبمقررية: السيدة اخلاص حساني عزيز    
الباحثون المشاركون: -
1 - أ.م. د عادل عبد الستار ببحثه المعنون (الشباب والتحديات الفكرية المعاصرة).
 2- أ.م. د بتول محمد حسين الرماحي ببحثها المعنون (الشباب وفريضة الصلاة بين الترك والتهاون).
3- م.د رافع محمد جواد العامر ببحثه المعنون (أثر الأداء القرآني في تنمية العقيدة لدى الشباب).                         
4- م. د نضال مالك سعدون ببحثها المعنون (الموروث الديني والعرفي وأثره في عقائد الشباب).
أفتتحت الندوة برئاسة الدكتور احسان الأمين مبتدءًا حديثه بقوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}، يشيرا الى أنه منذ بدء الخليقة نشأ الجدل الديني ورافق البشرية عبر التاريخ، وبُعثّ الرسل والانبياء لغرض إعادة الناس الى جادة الهداية وجادة الحق، فالمطلوب منا أن نتعامل مع هذه الظاهرة بعقل هادئ لا بعقل منفعل في ردود الفعل لوجود مثلاً رأي مخالف أو رأي لا يوافق ما عليه الناس، وقد وجدنا ردود فعل منفعلة تعطي لهذه الظاهرة حجماً كبيراً وكأنها شيء، لم تكن عبر التاريخ وعبر المجتمعات، والقرآن الكريم يسجل لنا الكثير من الحوارات في هذا المجال، فدعوة القرآن الكريم على طول الخط هي دعوة الى التعقل وأن يكون الحوار بالكلمة، كقوله تعالى :{ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (سورة النحل : الآية 125)، فيتوجب أن تكون المقاربة للأفكار المطروحة بالمجتمع ولحامل هذه الأفكار مقاربة علمية عقلية هادئة تتقبل بروز هذه الأفكار بعدها إحدى نتاجات خلق الانسان { وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا } .
ليست عقائدية وإنما ظاهرة اجتماعية، وليس بالضرورة الذي يعترض على وضع ديني أو يطرح اشكالاً معين هو ليس بالضرورة يقصد صميم الدين أو في داخله -لا سامحه الله- حقد أو انحراف على الدين، وإنما هو يعترض على أوضاع قائمة ويعدّ أن الدين والمجتمع الديني وذكر الامين أن ظاهرة الاعتراض على الدين أو مادة الدين في كثير من الأحيان هي ظاهرة جزءاً من هذه الأوضاع، وسبباً من أسباب أزمته التي ربما تنبع من أسباب أخرى ولكن أحياناً يعيها وأحياناً لا يعيها ويعبر بشكل عام عن هذه الأمور.
وأضاف الامين ان ليست كل الأسباب التي تدعو الى أزمة الاعتقاد أو الأزمة الدينية أو الإشكاليات عند الناس أو لدى الشباب هي أسباب باطلة، فبعض الأسباب حقيقة وهناك إشكاليات في الوضع الديني المجتمعي ( ليس بموضوعة الدين من حيث أصل الايمان، وأصل الاعتقاد، وانما هناك دين نسميه الدين كما نزل والدين كما وصل، الدين كما نزل من الله سبحانه تعالى الذي هو مسطور في كتابه والذي يسجل أروع الصور في سيرة أنبيائه وسيرة أوليائه، هذه صورة، والدين الذي وصل يحمل آثار التاريخ، آثار الوضع، آثار الانحراف والأفكار المنفلتة والوافدة)، وبالتالي ليس بالضرورة من يعترض على وضع ديني معاش هو يعترض على وضع الدين الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، وممكن أن بعض أوجه اعتراضه أوجه صحيحة يشترك فيها المتدين وغير المتدين ، والقرآن الكريم هو أول من انتقد العقائد الدينية الموروثة و دعا الى فتح صفحة الحوار والمراجعة لكل العقائد السابقة ، اذن الدعوة هنا هي دعوةٍ الى مقاربة موضوع الاعتقاد مقاربة عقلية موضوعية، مقاربة لا تعمق الاختلاف الاجتماعي لا تقسم المجتمع الى أقسام جديدة بالتقسيم المتدين وغير المتدين ، المؤمن والملحد، نحن مجتمع -إن شاء الله- مجتمع واحد لدينا مشتركات كثيرة تجمعنا في ساحة الوطن ، ومن ضمن مساحة التعايش المشترك  أن نتقبل الاختلاف في وجهات النظر المختلفة ،وأن ندعوا من لا يعتقد ومن لا يؤمن أن يحترم مساحة الناس المؤمنين -والذين يمثلون أكثرية المجتمع-، ويحترم اعتقاداتهم ويحترم حرياتهم في إقامة شعائرهم وإبراز تعاليمهم وعلاقتهم وايمانهم بالطريقة التي يرونها.
ختاماً لكلمته رحب رئيس الجلسة د. احسان الأمين بسماحة الشيخ عامر البياتي نائب رئيس دار الافتاء العراقية وطلب منه المشاركة في الحديث.
- أبتدأ الشيخ البياتي حديثة بقوله تعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، موضحاً أن هناك هداية دلالة وهداية توفيق ،هداية الدلالة كانت على رب العالمين {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وهداية التوفيق هي على النفس {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} هكذا وردت الآيات القرآنية التي نزلت من السماء، ولا ننسى مجتمعنا فيه من يتقبل العقيدة الجديدة التي أتى بها الرسول (ص) ومنهم من رفضها ومنهم من ضحى بماله ونفسه في نشر هذه الدعوة،(المهم أن يكون المجتمع هو غاية الدين) فالمجتمع خليط كالحديقة الغناء فيها زهور عديدة وفيها ألوان عديدة فيها من يتقبل، وفيها من لا يتقبل، وفيها من يأخذ على عاتقه نشر الدعوة، ولكن علينا أن نحترم آراء الآخرين  كما يقول الامام الشافعي رحمه الله:[ قولي صحيح يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب]، أذن لا ينبغي لأحد أن يقطع في مسائل ما لم يستعن بأقوال العلماء فيها لعل الحق بالقول الذي تركه وبارك الشيخ البياتي الحضور مؤكدا ًعلى أهمية الندوة .
- افتتح اعمال الورشة أ. م. د عادل عبد الستار ببحثه المعنون (الشباب والتحديات الفكرية المعاصرة) مبيناً أنه لا يخفى على الجميع أن عنواناً بهذا الحجم أقيمت من أجل بحثه.
المؤتمرات، وأُلفت في موضوعه الكتب، وتناولته وسائل المعرفة بجميع مسمياتها، وهذا يؤكد أهمية فئة الشباب بوصفها الطاقة التي ترفد المجتمعات بجميع متطلبات الحياة الأمر الذي يستلزم مواجهة جميع التحديات والأزمات التي قد تتعرض لها هذه الفئة الفاعلة. ولأجل هذه الأهمية جاءت هذه الورقة البحثية لتؤكد هذه الأهمية وتؤشر إلى أهم وأبرز التحديات التي يتعرض لها الشباب في الحياة المعاصرة وهو التحدي الفكري الثقافي العقائدي.
إن التحديات التي تواجه الشباب كبيرة وخطيرة، ومن بين هذه التحديات التحدي الأخلاقي والسلوكي، وتحدي الفقر والحاجة، وتحدي البطالة وتحدي الادمان وغير ذلك الكثير، إلا أن التحدي الفكري والثقافي والمعرفي الذي يعيشه الشباب مقدم على كل التحديات، وحين تفشل الجهات الحكومية التي تقع على عاتقها مسؤولية رعاية فئة الشباب ولا تضع الاستراتيجيات الكفيلة بحسن توظيف طاقاتهم الإنتاجية، وتستثمر توقهم إلى البذل والعطاء فإن الشباب بالنسبة لهم يشكلون العبء الذي يضيقون به ذرعاً، وفي الوقت عينه الذي تقصر فيه تلك الجهات بادراك أهمية الشباب ودورهم الفاعل، نجد في المقابل اهتمام متزايد في موضوع الشباب تتبارى فيه الدول والجهات الأخرى كي تستحوذ على عقولهم لما ترى فيه دوام أنظمتها وتحقيق اهدافها, فهناك دائماً أيادي ظاهرة وخفية تحيك الدسائس والمؤامرات, لأجل جذب هذه الشريحة الكبيرة، التي تبرز عندها القابلية العالية للاكتساب والتلقي بسرعة، والشباب على الأغلب يتأثر بالتحشيد أكثر من تأثره بعملية الإقناع وينساقون مع عملية التحشيد بطريقة اتباعية -محضة وإن لم يصاحبها اقناع تام- لأن المهيمنين على وسائل الاعلام {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ }( الأعراف 116) .
ونحن نعيش في هذه المرحلة الزمنية عصر الهيمنة الامريكية على مختلف الأصعدة فإن أبرز أدوات التحدي الفكري والثقافي والعقائدي وأخطرها يتمثل في سيطرتها على وسائل الإعلام، التي يديرها شياطين الانس بطريقة أذهلت الشيطان نفسه، تريد من الشباب أن يسيروا على وفق رغباتها، لذا فإنها تستثمر ماكنة الاعلام وجميع وسائلها التثقيفية والتربوية بل وحتى القمعية منها بهدف خدمة تطلعاتها وأهدافها التي تسوقها بمفاهيم وعناوين براقة ومزخرفة من قبيل الحرية والديمقراطية والحضارة وحقوق الانسان، فلا جديد في اسلوب الطغاة والجبابرة والمفسدين وقد قالها فرعون من قبل {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ }(غافر: 29) .
وحتى لا نخسر شبابنا علينا أن نعمل ما بوسعنا للحفاظ على جيل الشباب، ومراعاة الدقة عند التخطيط لهم. كما ينبغي ان يستعين كل من تقع عليه مسؤولية رعاية جيل الشباب بالرؤى القرآنية الكفيلة بتحصين الشباب من تأثير الشبهات ليكون بمقدورهم مواجهة التحديات التي تعصف بهم ذات اليمين وذات الشمال, وهي مسؤولية كبيرة وخطيرة وعواقب الاخلال بها مهلكة ومدمرة والله تعالى يقول: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}(التحريم6) وضح الباحث أن القرآن الكريم يرشدنا إلى أن الشباب المؤهل علمياً وجسدياً بإمكانه أن يتبوأ مكانة قيادية في مجتمعه, وقد سجل لنا القرآن الكريم الكثير من القادة العظماء الذين كان لهم أبلغ الأثر في تربية وتقويم مجتمعاتهم وهم في عمر الفتوة والشباب سواءاً كانوا أنبياء أو مصلحين, لذا فالحاجة اليوم ملحة للاهتمام بالجانب العلمي والمعرفي والوعي الديني عند الشباب ليكونوا نعم العون في عمليتي التوجيه والارشاد.
وفي وصيته لابنه الحسن يقول الإمام علي "ع" ((وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك)) نعم إنها منطقة الفراغ التي إن لم تبادر إلى ملئها مسرعاً سبقك إليها غيرك.
إن الشباب بأمس الحاجة لمن يعينهم في تحديد مساراتهم المستقبلية من أجل ترشيد عملية التفكير لديهم بطريقة واعية، وذلك بتعميق ثقة الشباب بأنفسهم ودعوتهم إلى المشاركة في التفكير والتخطيط والتغيير.
وإن كانت لنا على جيل الشباب مسؤولية أو ولاية وحصل أن وجدنا من بعضهم تمرداً فعلينا أن نفهم بأن «بعض تمرد الشباب ورفضه صحي ومفيد ويجب ألا نحاول قمعه وبعض آخر منه مؤشر على أزمة وربما تكون حادة ويستدعي إلى أن نتجه إلى الأزمة نحاول حلها بدلاً من أن نركز على التمرد وقمعه»
أستشهد الباحث بقوله تعالى: { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ }(الكهف10) أتخاذ الكهف مأواً لهم ليتحصنوا به من ملاحقة الفكر الوثني المنحرف، فإن الشباب في هذه المرحلة الزمنية بحاجة الى كهف يلجئونِ اليه من بطش وجبروت الظالمين ليحافظوا على دينهم وقيمهم، كهف يقيهم من فتن الزمان وألاعيب الشيطان ببرنامج مدروس كفيل بتحقيق عناصر الانتصار، يتمثل هذا الكهف بتحشيد التجمعات الايمانية بقيادة العلماء الربانيين, ونشر مراكز العلوم والمعارف للتزود الايماني والفكري لتحقيق الانطلاقة الرشيدة والفاعلة في حياة الشباب .
تناولت أ.م. د بتول محمد حسين الرماحي ببحثها المعنون (الشباب وفريضة الصلاة بين الترك والتهاون)، موضوع الصلاة التي هي ركن الاسلام العملي الأعظم بعد الشهادة ، وهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا بها ، فالصلاة في الاسلام بأقوالها وأفعالها واجب شرعي عند بلوغ سن التكليف ، وإن من أصول الاعتقاد في الاسلام أن تركها محبط للأعمال ، فلا عجب أن نرى كثرة المصنفات فيها على مدى العصور الاسلامية ، ما يدل على أن الحديث عنها يحتاج في كل عصر إلى تجديد عرض واعادة صياغة، ومن هنا كان لابد من الكتابة في أمر الصلاة في وقتنا الحاضر من حيث الالتزام بها وأداؤها من شبابنا الذين هم عماد المستقبل . فكانت فكرة هذا البحث الذي سلط الضوء على مشكلة عقدية تربوية إسلامية، هي ترك بعض شباب الإعدادية فريضة الصلاة ولما كانت مرحلة الشباب من أهم مراحل العمر، فان أغلب التوجيهات، والتكاليف الشرعية تفرض في تلك المرحلة، غير أن واقع شباب الأمة المسلمة اليوم يواجه تحديات كبيرة على المستويات كافة (دينياً، وخلقياً، وفكرياً، واجتماعياً) ذلك نتيجة الانفتاح السلبي على العالم.
وقد قامت الباحثة بدراسة مجتمع الدراسة وعينتها: تبدأ الدراسة بتحديد الأسباب التي تجعل طالب الاعدادية يترك فريضة الصلاة، أو يتهاون في أدائها، وينتهي بالمعالجات، والمقترحات التي يمكن ان تسهم في الحد من تلك الظاهرة السلبية التي تضعف مبادئ الاسلام في بلاد المسلمين، تحديداً في العراق.
   اما عينتها: فهي مجموعة من طلبة الإعداديات في بغداد بجانبيها (الكرخ والرصافة) البالغ عددهم (256) طالباً وطالبة. وقد تم تحديد العينة بطلبة الإعدادية حصراً للجزم بدخول الجميع ذكوراً وإناثاً سن التكليف الشرعي الذي يوجب عليهم إقامة الصلاة.
     بدأت الإجراءات الميدانية باستطلاع عام طُرح فيه سؤال مفتوح وزع على (60) طالباً وطالبة بصورة عشوائية، طلب منهم الإجابة عنه بموضوعية، من دون ذكر الاسم، أو اسم المدرسة، أو أية دلالة أخرى ليتسنى للطالب الإجابة بحرية، وصراحة، كان السؤال (ما الأسباب التي تجعل طالب الاعدادية يتهاون، أو يترك فريضة الصلاة؟).
    من إجابات الطلبة على السؤال السابق، تم تحديد فقرات استبانة أولية بلغ عدد فقراتها (55) فقرة موزعة على مجالات ستة هي (مجال الأسرة، مجال المدرسة، مجال البيئة الاجتماعية، مجال الإعلام المرئي والمسموع، مجال المشكلات الشخصية، مجالات أخرى)، بعد تحليل نتائج الاستبانة إحصائياً، لمعرفة الاسباب الأكثر تأثيراً في المشكلة التي نروم معالجتها فكانت كما يأتي: -
في مجال المدرسة:
1-الارهاق من الدوام المدرسي، وكثرة الواجبات، وقد حازت تلك الفقرة أعلى وزن مئوي (74 ,74) ما يدل على اتفاق الطلبة على أن المسبب الأول لتركهم فريضة الصلاة هو الإرهاق المدرسي.
2-عدم تخصيص مكان لإقامة الصلاة في المدرسة، وتشدد المدرس والادارة على حضور الدرس أكثر من أداء الصلاة.
3-وقت الدوام المسائي الذي يتزاحم مع صلاة الظهر والعصر يقلل من النشاط لأدائها.
4-ضعف درس التربية الإسلامية.
في مجال البيئة الاجتماعية:
1- انخفاض المستوى الثقافي في المجتمع والشارع العراقي بشكل عام، وقلة التشجيع، حاز ذلك السبب نسبة (64 ,73) وهو الترتيب الثاني على وفق الوزن المئوي لفقرات الاستبانة.
2- تلبس بعض الشخصيات السياسية بلباس الدين، وذلك سبب ذو علاقة ماسة بتكوين شخصية الطالب العراقي الذي هو جزء من شعب عاش ظروف تغيير سياسي جذري، كان له الأثر المباشر في تغيير كيان الأسرة أولا، ثم المدرسة، والجامعة، والمؤسسة، والشارع بشكل عام، ولعله أساس كل تغيير اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، ولا يخفى على عاقل أثر السياسات الحاكمة في إصلاح البلدان، أو خرابها.
3- تمرد الشباب لغياب القدوة: وقد يكون ذلك السبب هو الأهم في المشكلة، وعلاجه يتوقف على علاج السببين السابقين.
4-الحروب والعمليات الإرهابية والفكر الديني المتطرف الذي شوّه معنى الدين.
5- قلة الوعي الديني والابتعاد عن أمور الدين والجهل الذي يعم المجتمع.
6-الاختلافات الطائفية.
7- الخروج في الشارع لساعاتٍ طويلة.
8- تأثير أصدقاء السوء.


مجال المشكلات الشخصية:  
1-    التكاسل والعجز والتهاون في الأمر: كانت نسبة ذلك السبب (94, 71) وهو الثالث على وفق الوزن المئوي لفقرات الاستبانة.
2-    نسيان أمر الصلاة وطول الأمل لأدائها يؤدي إلى التأخير.
3-    إضاعة الوقت في اللعب واللهو والأكل والشرب والأزياء وغيرها.
4-    مشكلات دور المراهقة والطيش والشهوانية.
5-    ضعف الإرادة في المداومة على الصلاة والصبر عليها.
6-    الاستهانة بالصلاة وأدائها بصورة متقطعة يؤدي إلى الترك.
7-    التفكير في الأشياء غير الصالحة وغير المشروعة وربما القيام بأعمال المنكر.
مجال الإعلام المرئي والمسموع: 
 ليس المقام هنا الحديث عن وسائل الاتصال الالكتروني، والإعلام المرئي والمسموع من حيث الفوائد، والمضار بقدر ما هو الحديث عن علاقتها بالمشكلة المطروحة للدراسة، فكل الأسباب المؤشر عليها من قبل طلاب العينة في ذلك المجال تدور في دائرة استهلاك الوقت الطويل بالانشغال في تلك الوسائل وتلك الأسباب هي:  
•    الموبايل، وخدمة الاتصال، وكثرة مواقع التواصل الاجتماعي.
•    التلفاز، وكثرة القنوات وبرامجها المتنوعة من أفلام ومسلسلات وأغان وغيرها.
•    سوء تنظيم الوقت، وإعطاء الانترنت الوقت الطويل من اليوم.
•    الحواسيب والألعاب الالكترونية.
•    مشاهدة ما حرم الله، وتعويد اللسان على قول الفاحشة.
مجالات أخرى:
1-    قلة معرفة فضل الصلاة
2-    وساوس الشيطان: على الرغم من حصول ذلك السبب المرتبة الأخيرة في تدرج الوزن المئوي للأسباب، إلا أنه يبقى السبب الأهم في مسألة ترك الصلاة، أو التهاون بها
لم يبق إلا أمر أخير من نتائج الاستبانة، وهو أمر مهم تجدر الإشارة إليه، هو فقرات مجال الأسرة، وفقرتا الحملات الإلحادية ضد الإسلام، والمواقع التي تشجع على ترك الصلاة، ومجالات أخرى تعلقت بالإيمان بالعقوبات الأخروية، والشعور بعدم قبول الأعمال، وغيرها.
ولو نظرنا إليها بعين المتفائل، وجدناها تدل دلالة أكيدة على أن الأسرة العراقية لاتزال أسرة ملتزمة تسعى للخير، وصلاح شبابها، بالتوجيه المستمر، والتشجيع المتواصل، وعدم التهاون في أمر ترك الصلاة، وبذلك تبتعد الأسرة العراقية عن دائرة أسباب ترك الشباب فريضة الصلاة، أما ما يخص قلة تأثير الحملات الإلحادية ضد الاسلام، فانه يعدّ مؤشر صلاح آخر يبشر بنشءٍ قوي مؤمن، ربما يعود الفضل في ذلك ـــــ بعد رعاية الله تعالى وحفظه ــــ إلى الترابط الأسري.
وتطرق الباحث الثالث م.د المقرئ الشيخ رافع محمد جواد العامري ببحثه المعنون (أثر الأداء القرآني في تنمية العقيدة لدى الشباب) الى أزمة الاعتقاد لدى الشباب وعدها من المشاكل الكبرى التي نواجهها في زمننا الحاضر، إذ لابد للجميع من المساهمة في ايجاد الحلول الناجعة لها كل بحسب تخصصه، وهذه الازمات لها ظروفها وأسبابها ولابد لها من معالجة علمية وفكرية ونفسية يساهم فيها الجميع لإيجاد حلول لها، قال الباحث : وبحسب تخصصي وبقربي من الواقع القرآني أرى ان للأداء القرآني دور في هذا الحل فللقرآن الكريم جمال متعدد الجوانب مما جعله يؤثر في القلوب قبل العقول ففي قوله تعالى: { وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (سورة التوبة:83).
نلاحظ هنا خشوع القلب إلى درجة أدت الى نزول الدمع بسبب التأثر بالقرآن الكريم والذي حصل عن طريق الاستماع الذي ساهم بتحقق الطمأنينة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (سورة الرعد: ٢٨).
وهنا يعد السمع هو السبب في حصول ذلك لما له من أهمية بالغة في إيصال المفاهيم عن طريق هذه الحاسة التي تعتمد على الذوق في تقبلها للأصوات , فعنصر التشويق مهم جدا في جذب مسامع الناس حتى مع غير المسلمين وقد  شهد التأريخ تأثر عدد غير قليل منهم بالآيات القرآنية عن طريق الاستماع الى أصوات مؤثرة مشتملة على نغمات ألفتها الأذن وارتاح لها القلب فاستفهمت القرءان  واستوعبت مضامينه ، وهذا ما يسمى بالإعجاز التأثيري : وهو تأثير القران الكريم في النفس الانسانية عندما تسمعه ، وتفاعلها معه حتى ولو كانت نفساً كافرة .فهي وسيلة أساسية من أسس الدعوة الاسلامية ، وظهور أثر هذه الوسيلة في كل من استعملت معه ، لذلك فقد أمر الله تعالى في كتابه الكريم بالحرص على إسماع الكفار والمشركين القرآن الكريم ليكون ذلك عونا الى دعوتهم للإسلام قال تعالى:   { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ  ذألك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}.
وكثير من علماء التفسير والبلاغة، لاحظوا تأثير تلاوة القرآن في القلوب والنفوس وبمجرد الاستماع اليه بأصوات تسحر النفوس وتقرب معنى المراد من النص القرآني فاعتبروا ذلك التأثير من وجوه الاعجاز القرآني وهذا المؤثر يقوم على اركان وهي:
1-    المؤثر القوي (وهو القرآن الكريم).
2-    أداتا التلقي (القلب والسمع).
3-    رغبة السامع في تفهم ما يسمع وتعقله.
4-     الخروج من شتى الموانع سواء أكانت انحرافات عقائدية أم شبهات فكرية ام منزلة اجتماعية وغير ذلك.
وبما ان الايمان هو تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح لذا فإن محاكاة القلوب تعد من العوامل الاساسية والمهمة في ترسيخ الايمان لدى الشباب، في الختام فقد بين الباحث أن ما قدمه يعد أحد الوسائل التي قد تسهم في حل مشكلة ازمة الاعتقاد لدى الشباب ولو بنسبة ما، لذا لابد من إشاعة ثقافة القرآن الكريم في أوساط الشباب بوسائل جذابة تشتمل على السباقات وبذل الجوائز الثمينة عند المشاركة والفوز فيها، والعمل على تفعيل اذاعة تلاوات القرءان الكريم في الأماكن العامة بأصوات محببة وجذابة، واختيار السور والآيات القرآنية التي طابعها الرحمة وفي طياتها القصص الجميلة لتكون أكثر جذباً للاستماع لدى الاوساط الشبابية، والتركيز على آيات الحوار بين المولى عز وجل وابليس عليه لعائن الله.
أما الباحثة م. د نضال مالك سعدون ببحثها المعنون (الموروث الديني والعرفي وأثره في عقائد الشباب) فسلطت الضوء على ماهية الاعتقاد وارتباطه بالفكر عند فئة مؤثرة من الناس وليست سهلة ألا وهي الشباب فهؤلاء ينظرون لما يتبنونه من زواياهم ولا يسلطون الضوء على ما قال العلماء أو الفلاسفة أو غيرهم من فئات المجتمع الأخرى، ورب سائل يسأل ما الاعتقاد وهل فيه أنواع وأقسام وآليات تطبيق من قبل المعتقد الجواب؟ ببساطة الاعتقاد ليس وليداً آنياً بل هو موجود منذ خلق الله البشرية وقد عرف بتعريفات متعددة لا حصر لها.
 وقد نظر أصحاب كل زمن للاعتقاد من وجهة نظر عاشوها وبالتالي أصبحت سياق عمل لهم آنذاك أما في وقتنا المعاصر فموجة الاعلام المغرض لم يأت بجديد غير التشبه الاعمى بالغرب من دون الرجوع الى حضارة واصالة المسلمين والقرآن الكريم.
فسلبيات التقليد الأعمى لا تؤثر على الشباب نفسه فحسب بل على أسرته ففي بعض الاحيان تلتصق الماهية المقلدة بالعائلة بأكملها ولا ننسى ما للعرف والدين من تأثير بالغ الاهمية في حياة الفرد المسلم.
فالاعتقاد قوة ذهنية راسخة لا يمكن زعزعتها بقوة بدنية، هو محصلة بيئات وثقافات وآليات يومية ومشاهدات لوسائل التواصل الاجتماعي وللعولمة والتكنولوجيا دور كبير في الاعتقاد بصورة ً كافة وتبنيه بآليات متعددة، على الشباب أن يعلموا، لا كل ما يعتقد وينشأ عليه الشاب هو الصحيح وغيره خطأ، فالتزمت بالرأي والعقيدة ينتج عنه تعصب قد يكون طائفياً أو مذهبياً أو سياسياً أو تجارياً او صناعياً وينقاد المقلد باتجاه واحد، لابد من احترام الاديان والمذاهب والاعراف كلها فلا يسخر انسان من عرف أخيه الآخر، ومع التأكد على العمل بما يرضي الله تعالى والتعامل بالحسنى والامر بالمعروف والنصح والإرشاد، والنهي عن المنكر والمفاسد بأنواعها، حتى يسود الطابع الديني في المعاملات لا في العبادات فقط.
أما الازمة التي يعيشها شباب اليوم في بلادنا هي بعدم التروي والصبر، فالعجلة والسرعة هي محور أفكارهم، فالبناء يجب أن يكون مدروساً وبخطط صحيحة حتى يبقى لسنوات طويلة. ويوضح الباحث أن بعض الشباب يتصورون أنهم يستطيعون تغيير الواقع والتمسك بشعارات غربية وإسقاط بعض المفاهيم الدينية والاخلاقية حصراً بتقليدهم للغرب، متناسين أن الشعوب العربية بطبيعتها تختلف عن الغربية، أضف لذلك الطابع الاسلامي عند العرب، وعلى الشباب أن لا يصلوا الى عنان السماء باعتقاداتهم فليس بالضرورة ما يرونه صحيحاً او إيجابياً فالتحرر والتزمت بالآراء والافكار مطلوب لكن مراجعة القرارات ينضج العقل ويخرج من الدائرة الضيقة الى دوائر وفضاءات واسعة.
التوصيات: 
1-    ضرورة التعامل مع أزمة الاعتقاد بموضوعيةً ومعالجات علمية بعيدةً عن التعصب والانفعال.
2-    الدعوة الى الله تعالى بحسن الخلق، فإنّه جامع للفضائل الكثيرة من الحكمة والتروّي والرفق والتواضع والتدبير والحلم والصبر وغيرها، فليُحسّن أحدنا أخلاقه مع أبويه وأهله وأولاده وأصدقائه وعامّة الناس، حتى يعرفوا صحة عقائدهم وحقانية مبدئنا بحسن سيرتنا.
3-    أن نحث الشباب على التحلي بروح التعلّم وهمّ الازدياد من الحكمة والمعرفة في جميع مراحل حياته ومختلف أحواله، فيتأمل أفعاله وسجاياه وآثارها وينظر في الحوادث التي تدور حوله ونتائجها، حتى يزداد في كلّ يوم معرفة وتجربة وفضلاً.
4-    أن يَتعامل المعلمون والأبوان بالحسنى مع الشباب وأن يستمعوا لآرائهم ويتقبلوا تطلعاتهم بسعة صدر وأن يرشدوهم الى الصواب بالحكمة والموعظة الحسنة بعيداً عن الاكراه والتعصب الأعمى.
5-    تكثيف دور المدارس والجامعات في أرساء التعايش السلمي والحوار البناء في الافكار السلبية والاعتقادات الواهية، عملاً بأسلوب القرآن والشرائع السماوية ويجب أن يسود الحوار وتقبل الآخر، وعدم التزمت بمعتقد او فرض رأي بل اتباع الدليل والبرهان والكلمة الطيبة.
6-    ضرورة التعرف على خصائص الشباب، وحاجاتهم، ومتطلباتهم التربوية، لأن ذلك ينعكس على تنمية القيم الإيمانية لديهم، وذلك بإيجاد قناة تواصل بين المربين والشباب تستهدف الرقي بمستوى الشباب المسلم في جميع الجوانب. 
7-    توعية الشباب فيما يتعلـق بمـستقبلهم مـن خـلال التعـرف علـى امكانـاتهم الحقيقيـة وتعليمهم مهارات التخطيط لحياتهم على أسس سليمة، حتى لا يقـع الـشاب الطالـب فريـسة طموحاتـه غير الواقعية، أو المشي وراء الأوهام دون فهم واقع الحياة ومتطلبات النجاح من بذل الجهاد والعناء والصبر ومواصلة السعي.
8-    الاهتمام من خلال وسائل الاعلام، ومن خـلال المؤسـسات التعليميـة، والتثقيفيـة بحاجـات
الشباب النفسية، والعمل على مـساعدتهم فـي إدارة شؤونهم ومعرفة أنفسهم والاطلاع بشؤون زمانهم.
9-    التركيز على مشــاريع التبادل الثقافي مع العالم، لتعـزيز الفهــم المتبــادل، وتحويل العلاقة مع الحضارات الأخرى الى علاقات إيجابية تقوم على أساس الثقة واحترام فكر وتاريخ الحضارات المختلفة والاستفادة من ثرواتها المعرفية .

تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر